مصــــر .. تاج العلاء في مفرق الشرق . محمد يوسف الوحيدي

السبت 24 ديسمبر 2016 02:34 م / بتوقيت القدس +2GMT
مصــــر .. تاج العلاء في مفرق الشرق . محمد يوسف الوحيدي



بعد الجدل ، و اللغط ، و حــالة الإرباك ، الناتجة عن الصدمة ، و عدم التقدير الصحيــح للموقف المصري الأخير من قرار مجلس الأمن ، الخاص بالإستيطان الإسرائيلي على  أرض دولة فلسطين .  و بعد أن هدأت نشوة الإنتصار ، و الشعور بالزهو ، و الفخر ، بما قام به جيش التحرير الديبلوماسي الفلسطيني ، و الذي أعرف و أقدر شخصيــا كم الجهد المتواصل الذي بذله و يبذله ، و أعرف مدى الجهد و صعوبة المعارك المنتظره ، فالطريق طويل ، و ما زال أمام الديبلوماسية  الفلسطينية ، و أمام الشعب الفلسطيني في إستراتيجيته التي أعلنها ، بالكفاح السلمي ، دروباً وعرة ممتــدة، و ما زال أمامه تغيرات في المعادلة الوطنية ، و الإقليمية و الدولية .. 

يجب أ لا ننسى أننا أمام حالة إنقسام و تشظي فلسطيني ، سواء بجزيرة غزة المحاصرة ،  أو تداعيات حالة التشرذم و التجنح الفتحاوي ، و أمام واقع عربي يعاني ما يعانيه ، من توابع زلزال الفوضى الخلاقة و حروب و إنقسامات ، جعلت  مجرد التفكير في قضية فلسطين ، يأتي في أواخر سلم أولياتها ، فاليمن مازال يعاني الإنقسام و القصف و الحرب و التهديد ، و التدخلات من كل اللاعبين ، و الخليج العربي يعيش حالة من القلق ، و التحسب خاصة بعد الهدوء النسبي الذي أعقب التفاهمت الأمريكية الإيرانية ، و لا ننسى أن البحرين كانت بالأمس القريب على شفا حفرة من ربيع عربي آخر ، بلون إيراني ، و ربما لم يحالفه النجاح نتيجة الخلافات بين الراعي الرسمي للفوضى ( الولايات المتحدة ) و الطامع الرسمي في المنطقة ( إيران ) في حينه ، و عليه و بعد وصولهما الآن إلى نقطة تفاهم معينة ، فربما من الجدير التذكير بإحتمالية الخطر .. و سورية و ما تشهده من فعل و ردات أفعال ، و إختلاط الدم بالبترول ، و العار بالغاز ، و الدين بالدنيا ، و الشرق بالغرب ، و إلتباس الأمور حتى على أصحابها .. 

كل هذا يأتي في وقت تجتاح العالم موجة غريبة من الإسلاموفوبيا ، و الإرهاب و سفك الدماء بإسم الله و الإسلام ، و الجنوح اليميني و التطرف و العنصرية ، بلغت ذروتها في تعبير الملايين من شعب الولايات المتحدة الأمريكية عن إرادتهم و توجههم ، بإختيار دونالد ترامب ، و ما أدراك ما دونالد ترامب ! و هو الوجه الصريح ، للعنصرية و البغض للعرب و المسلمين ، و هو الحليف العقائدي لليهود و الصهيونية ، و هنا كان لكثير من العرب ، و للقيادة الفلسطينية بشكل خاص وقفة واعية و مدركة لطبيعة التغيرات و للرمال المتحركة التي يقف عليها شرقنا ، فعبرت عن إحترام إرادة الشعب الأمريكي في إختيار من يمثله ، و التعاطي مع أي  إدراة منتخبة ديمقراطياً .. على قاعدة المصالح و الإحترام .. و ربما إختلفت الرؤى بين من يعتقد أن التعامل مع ترامب بوضوحه ، أفضل من التعامل مع الغموض و الرمادية ، و بدأ بعض العرب بتأسيس علاقات ، لما بعد تكمن الرئيس الجدي و إدارته من الحكم ، فيها نظرة بعيدة ، لكسب أكبر  و أكثر نفعاً ، و ربما كان هذا ما وصفه بدقة الناطق بإسم الرئاسة ، و الناطق بإسم الخارجية المصرية ، بل و مندوب مصر في مجلس الأمن ، بأن مصر أرادت  ان تبني مع الإدارة الأمريكية الجديدة ، ثقة  ، تمكنها بعد ذلك من التحصل على مكاسب أكثر و أوقع من المطروح ، سواء بقرار أممي ، أو بتعاطف دولي .. و هذا الموقف المصري كان متحسباً لردة فعل و عربدة إسرائيلية قد تتبع القرار الأممي ، و تحظى بتأييد أمريكي تحت إدارة ترامب !!  و أي كان موقفنا من هذا التأويل ، أو هذا الموقف المصري ، فيجب أن لا ننجر خلف النزق ، و العبث ، و خلف نافخي الكير ، ممن يريدون لحسابات شخصية أو أحقاد متراكمة ، أن يتطاولوا على مصر العربية ، تاج العلاء في مفرق الشرق ، و قلب الأمة العربية النابض ، و يجب أن نفهم الأمور على حقيقتها ، أن مصر إجتهدت ، و ربما لم تأت نتائج إجتهادها بما يتفق أو يشبع الرغبة الفلسطينية المتأججة و المتعطشة ، و التي عانت و تعاني من ويلات أطول و أشرس إحتلال إستيطاني ، ولكن هذا لا يعني أبداً ، أن نفكر ، مجرد تفكير ، أو أن تنرك الباب مشرعاً لأصحاب النفوس الضعيفة و المريضة أن ينالوا من العلاقة التاريخية ، و الثقة المطلقة بمصر ، و قيادتها و شعبها تجاه كل الوطن العربي و تجاه فلسطين بشكل خاص .