مناهضة وعد بلفور ...عصام عدوان

الثلاثاء 01 نوفمبر 2016 05:46 م / بتوقيت القدس +2GMT



د.عصام عدوان

أصدرت الحكومة البريطانية في الثاني من نوفمبر 1917م تصريحاً رسمياً موقَّعاً من وزير خارجيتها آرثر بلفور، ألزمت نفسها به والتزمت به الحكومات البريطانية المتعاقبة من بعد. ضمن هذا الوعد الاعتراف بفلسطين وطناً قومياً لليهود ومنحهم فيها الحقوق السياسية دون العرب الذين وصفهم بالطوائف الأخرى واكتفى بمنحهم حقوقاً دينية ومدنية فقط.

أدى وضع الحكومات البريطانية لهذا الوعد موضع التنفيذ إلى تطوير أوضاع اليهود في فلسطين على حساب العرب، وانتهى الأمر بقيام دولة يهودية بإشراف وترتيب من بريطانيا، وقد ألزمت بريطانيا نفسها بتنفيذ قرار تقسيم فلسطين الصادر عن الأمم المتحدة في التاسع والعشرين من الشهر نفسه من عام 1947م.

احتضنت بريطانيا دولة اليهود العنصرية الوليدة، فقدمت لها الحماية الأمنية والدعم العسكري، عبر البيان الثلاثي عام 1950م، وعبر مشاريع التسليح النووي منذ منتصف الخمسينيات، وعبر التعاون والتنسيق خلال العدوان الثلاثي عام 1956م، وعبر صوغ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 لعام 1967م، الضامن للاعتراف (بإسرائيل)، وعبر رئاسة بريطانيا للرباعية الدولية الحاضنة الدولية (لإسرائيل). أكدت هذه المسيرة الطويلة من الدعم البريطاني غير المحدود لليهود المحتلين لفلسطين، أن بريطانيا كانت ولازالت معادية للشعب الفلسطيني والأمة العربية من خلال انحيازها المطلق (لإسرائيل). ومن هنا يجب الوقوف عند الحقائق التالية:

1-   لم تتقيَّد بريطانيا بالقانون الدولي الذي يمنع الدولة المستعمِرة من التصرف بأراضي وثروات وسكان البلاد الواقعة تحت الاستعمار، فقامت بترتيب تهجير الشعب الفلسطيني لإحلال اليهود محله، ونهبت ثروات فلسطين لصالحها ولصالح اليهود، وقسَّمت فلسطين من أجل قيام دولة يهودية. وهذا يوجِب على بريطانيا الإقرار بخطيئتها والاعتذار عنها وتحمُّل نتائج ذلك.

2-   أدت سياسات بريطانيا إلى تهجير أكثر من 560 ألف لاجئ فلسطيني قبل نهاية الانتداب البريطاني في 15/5/1948م، وهؤلاء يشكلون ثلثي اللاجئين الفلسطينيين، حيث تقع مسئولية تهجيرهم على عاتق بريطانيا بشكل مباشر. وهذا يُلزِم بريطانيا بالعمل على إعادة هؤلاء وذرياتهم إلى أراضيهم المحتلة وتعويضهم مادياً عن كل الأضرار التي لحقت بهم، سواء بفقد ممتلكاتهم، أو بمعاناتهم خلال عمر النكبة.

3-   أدى تقديم بريطانيا السلاح لليهود لمحاربة العرب، وتسهيل انتقال السلاح البريطاني إلى العصابات اليهودية خلال حرب 1948م إلى قتل أكثر من 15 ألف فلسطيني وإصابة الآلاف، ومقتل وإصابة عشرات الآلاف بعد ذلك وإلى اليوم. وهذا يرتِّب مسئولية جنائية على بريطانيا تستوجب تحركاً فلسطينياً وعربياً عبر المحاكم الدولية لإدانة بريطانيا وإلزامها بالتعويض ورد الاعتبار.

4-   ناضل الشعب الفلسطيني عبر 99 عاماً ضد وعد بلفور وإفرازاته، الأمر الذي يؤكد رفض الشعب الفلسطيني لقيام (إسرائيل) وعدم استعداده للاعتراف بها او التعايش معها أو التهاون في ملاحقتها حتى تتم تصفيتها مادياً ومعنوياً. ويؤكد أن مشاريع السلام الموهوم مع دولة يهود إنما هي جريمة يرتكبها العاملون عليها، تستوجب ملاحقتهم بكافة أشكال النضال لأنهم بذلك لم يختلفوا عن بريطانيا الظالمة بشيء.

5-   تأخر تأسيس منظمة لمناهضة وعد بلفور ولملاحقة بريطانيا على جرائمها غير المنتهية بحق الشعب الفلسطيني، وهي منظمة فلسطينية عربية أممية تضم أحرار العالم، تهدف إلى تدفيع بريطانيا ثمن جريمتها، إن لم يكن عبر القانون الدولي، فبوسائل أخرى. ولا يضيع حق وراءه مُطالِب.