تساؤل ربما يكون واقعياً أم يكون بعيد المنال فيما لو أقدمت الولايات المتحدة الامريكية بوضع صورة الحرم القدسي أو قبة الصخرة المشرفة على ورقتها النقدية من فئة المائة دولار, أيصبح الأقصى تعبيراً عن الهوية للأمة الأمريكية أو رمز قومي للشعب الأمريكي في ظل امتلاك القوة ورأس المال والنفوذ المسيطر على عالم اليوم,فمع بدايات التحول الرأسمالي للعالم أصبح من يمتلك المال يمتلك النفوذ, وقادر على قلب الحقائق والترويج للروايات والأساطير كونها حقائق لتتبناها دوائر الحكم في البلدان الحليفة والصديقة, وبعد ذلك وبمرور الزمن تصبح الحقيقة الأقرب للواقع العقلي والمنطقي ويسلم بها الجميع ويكون السلام ختام على الحقيقة الأم التي ذهبت أدراج رياح التغيير والتي لم يكن بالإمكان اعتراضها أو مقاومتها أو الوقوف في وجهها للحد من تأثيرها العكسي للمفاهيم والآثار التي توارثتها الأجيال عبر الحقب الزمنية المختلفة, وهنا أشير لرجل المال اليهودي روتشيلد ودوره الفاعل بنشأة ورفعة الحركة الصهيونية ودعمها وتمويلها ووضع شعاراتها والوقوف بجوارها لتصبح حقيقة واقعة تناصرها مجاميع دول العالم بقطبيها الرأسمالي والاشتراكي والتي نفذت لداخله نشاطات الحركة الصهيونية وفعلت مفاعيلها في نخر عظامه لتجد الدعم والمؤازرة لحل المسألة اليهودية على حساب سرقة وتهويد الأرض العربية ورموزها الدينية والقومية,وعندما نعرج على الجذور التاريخية الصهيونية لنجمة داوود يتجلى دور المدعو Mayer Amschel Bauer في القرن الثامن عشر وهو من يهود الخزر,ومن عباد Lucifer ، ومن أتباع ديانةالسحر الأسود يضع لافتة على منزله فيها شعارأحمر، وهذا الشعار هو الهيكساغرام، أوالنجمة السداسية !!غيّر هذا الألماني اسم عائلته إلى Rotschild والتي تعني بالألمانية ( العلامة الحمراء ) وأصبحت سلالته هي المسيطرة على أضخم مصارف ومؤسسات أوروبا المالية، وهي التي مولت الحروب والتي خططت للثورات الكبرى بالعالم بعد تمويلها وإنشاءها لأخوية النورانيين، ومؤسسة روتشيلد سيطرت على مفاصل هامة بالاقتصاد الأوروبي وبعده الأميركي فعلياً، وهنا أورد مقولة مشهورة لناثان روتشيلد في العام 1815م يقول فيها "أنا لا يهمني أية دمية قد وضعت على عرش انكلترا ليحكمالامبراطورية البريطانية التي لا تغيب عنها الشمس, الرجل الذي يتحكم بالموارد المالية هو الذي يحكم الامبراطورية البريطانية، وأنا من يحكم الموارد الماليةالبريطانية".طبعاً الحديث عن عائلة روتشيلد يطول ويتشعب.. ولكن الحقائق تورد أن عائلة روتشيلد ساهمت بشكل فعليبإنشاءالمنظمة الصهيونية وبناء دولة اسرائيل أو دولة لروتشيلد, ففي العام 1895م قام ادموندروتشيلد بزيارة فلسطين،وفي العام1897م أحدث روتشيلد المؤتمر اليهودي, وترأس المؤتمر ثيودور هرتزل الذي انتخب زعيماً للصهيونية، واتخذ شعار روتشيلد النجمة السداسية كشعار لهذه المنظمة الصهيونية، والذي بعد 51 سنة اتخذ كعلم لدولة إسرائيل,وفي العام 1948م أعطت مؤسسة روتشيلد 2 مليون دولار للرئيس الامريكي ترومان كدعم لحملته الانتخابية, وهو دعم مقررون بالاعتراف بدولة إسرائيل عند قيامها..وهذا ما تحقق عند إعلان قيام دولة إسرائيل، حيث اعترف(ترومان) رئيس الولايات المتحدة بها بعد نصف ساعة فقط من إعلان قيامها,وقد تم اعتماد علم إسرائيل الحالي بالرغم من المعارضة الشديدة من زعماء اليهود الذين كانوا يريدون وضع ال Menorah وهوالشمعدان اليهودي كشعار للدولة اليهودية, مثل بقية رموزهم الدينية التوراتية كاسم الدولة (اسرائيل) أو العملة المتداولة (الشيقل), لإيهام اليهود في كافة بقاع الأرض بأن اسرائيل دولة الشعب اليهودي والتي عليهم بنائها والحفاظ عليها تمهيداًللمصلح المنتظر كما هو في أسفارهم(سفر ملاخي) إيليا النبي, فيما أصبحت النجمة السداسية خيار صهيوني بامتياز وليس ديني توراتي تتوسط علم دولة الاحتلال,وتذكر بعض الروايات التاريخية بأن (نجمة داوود) ظهرت إلى الوجود لأول مرة عام 1648م, وحكايتها بدأت في مدينة براغ التي كانت في ذلك الوقت جزءاً من الإمبراطورية النمساوية وعندما تعرضت براغ لهجوم من قبل جيش السويد، كان هناك من بين المجموعات العرقية المتعددة والتي تولت الدفاع عن المدينة، مجموعة من اليهود، فأقترح إمبراطورالنمساآنذاك، فرديناند الثالث أن يكون لكل مجموعة من تلك المجموعات راية تحملها وذلك للتمييز بينها وبين فلول القوات الغازية التي تحصنت في المدينة وبدأت بشن حرب عصابات، وعلى إثر ذلك الإقتراح ، قام أحد القساوسة اليسوعيين بأخذ أول حرف من حروف (داوود) وهو حرف الدال باللاتينية والذي هو على شكل مثلث وكتبه مرة بصورة صحيحة وأخرى مقلوبة ومن ثم أدخل الحرفين ببعضهما البعض وبهذا حصل على الشكل الذي نعرفه اليوم تحت إسم (نجمة داوود), وأخيراً قام ذلك القسيس برسم النجمة على الراية وعرضها على الإمبراطور فوافق على أن تكون شعاراً لمجموعة اليهود المدافعين عن مدينة براغ ويبدو أن الفكرة أعجبت الجالية اليهودية هناك فاتخذت من نجمة القسيس رمزاً دينياً لها وهكذا بدأ مشوار الخداع فيما يتعلق بنجمة داوود وأصلها. وأما عن ربط النجمة السداسية أو شعار الهيكساغرام مع الملك داوود، فهو غير محدد التاريخ، ولكن يعتقد بأنه بدأ بالقرن الثامن والتاسع عشر عند التحضير لإنشاء المنظمة الصهيونية, حيث لا أثر للنجمة السداسية في أسفار العهد القديم، فهي لم تصبح رمزاً لليهود بشكل ملموس إلا في القرن ١٩، مما دعا الحكومة الفرنسية لإصدار قرار عام ١٩٤٢م يلزم اليهود بعدم الظهور في الأماكن العامة دون نجمة داوود.
وعلاوة على عدم ذكر أو حتى الاشارة من قريب أو بعيد لنجمة داود في أي من أسفار التوراة, نجد أن التلمود وهو كتابهم المزعوم والذي وضعه حاخامات اليهود بأيديهم وتناقلوه عن بعضهم من أساطير وروايات, ويعتبر مقدساً لدى اليهود أكثر من التوراة, لم يُشر من قريب ولا بعيد الى تلك النجمة ونسبها الى داوود أو غيره من الأنبياء الذين أرسلهم الله لبني اسرائيل, وهذا يضع سؤالاً هاماً أمام كافة المهتمين بالشأن العربي والاسلامي ولاسيما الباحثين في الصراع العربي الصهيوني؟؟؟ وكل من نال شرف المحاولة في تجواله بالجذور التاريخية والدينية لليهود ووثائقهم المزورة لن يجد شيئاًعن تلك النجمة ونسبها الى نبي الله داوود, فكافة الدراسات ذات العلاقة أثبتت أن (نجمة داوود) لم تكن رمزا لليهود يوما من الأيام وبأي شكل من الأشكال، وليس لها أية أصول دينية يهودية, وبالتالي فهي إضافة من قبل الحركة الصهيونية تم استغفال الشعب اليهودي بها والصاقها بالتاريخ اليهودي.
ويقول الدكتور عبدالوهاب المسيري عن نجمة داوود: هي عبارة عبرية معناها الحرفى (درع داوود) (Magen David) وقد استخدم الاصطلاح في البداية للإشارة الى الخالق! ثم استخدمت بعد ذلك للاشارة الى النجمة السداسية.
ويستطرد د. عبد الوهاب المسيري بقوله "إن أول ما بحث عنها في كتبه وسمّيها بنجمة داوود هو عالم "قَبَّلاَ" YosefGikatillaوالذي عاش في القرن الثالث عشر ميلادي, وهي أيضا منقوشة على غلاف كتاب مطبوع لأول مرة في عالم المطبوعات اليهودية سنة 1512 في Prag (عاصمة جمهورية تشيك) وهو SeferTefirot, وهذه النجمة قد وجدت منقوشة على بعض بلاطات الضريح للذين أسمائهم (داوود) بقيت من القرن السادس الميلادي بإيطاليا و إسبانيا".
أما عندما نعرج على الجذور الدينية والتاريخية لنجمة داود في الاسلام نرى أنه من باب أوليذكر نبي اللهداوود عليه الصلاة والسلام فهو من الأنبياء والرسل الكرام، وقد ءاتاه الله تعالى النبوة والمُلك وجعله رسولًا إلى بني إسرائيل، وقد ورد اسمُ داوود عليه الصلاة والسلام في القرآن الكريم في ستة عشر موضعًا, وقد أعطاه الله زبوراً, بمعنى أنه أوتي شيء من القرآن وليس التوراة أو الانجيل, والدليل الواضح والصريح على ذلك ما ورد في صحيح البخاري ، (خُفّفَ على داوود القرآن) وهي عبارة واضحة وصريحة أنّ داوود عليه السلام كان معه قُرآن) فكان يأمُر بدوابّه فتُسرج ، فيقرأُ القرآن من قبل أن تُسرجَ دوابّه, خُففَ على داوود القرآن .. نصّ صريح يؤكّد بأنّ الزبور الذي كان مع داوود هو شيء من القرآن ، يقرأ منه ، تقرّباً الى الله به!! وباللغة العربية (بلسان عربي مبين ، وإنّه لفي زُبُر الأوّلين) ، ومعنى الحديث: أنّ داوود أوتي أجزاءً من القرآن يمكن أن يقرأها في وقت قصير (خُفّفَ) وقد تكون جزء من القرآن أو أقل ، وخاصّة في القضايا العقائديّة ، كما جاء في قوله تعالى .. (ألاّ تزر وازرة وزر أخرى ...) كانت مع أنبياء سابقين ، وهي تصلح لكل الأزمنة، كما هي في صحف ابراهيم وموسى، التي تصلح أن تكون صالحة لكلّ زمان، مع كلّ نبي لأنّ العقيدة عندهم واحدة ثابتة,وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد في مسنده, قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم لأحد الصحابة : (ألا أعلّمك خير ثلاث سور أُنزِلت في التوراة والانجيل والزبور والفرقان العظيم ..) ثمّ ذكر ثلاث سور من القصار ..ومن هنا نفهم أنّ معنى الآية ( وآتينا داوود زبوراً ) أي وآتينا داوود ، من الزُبُر التي نَزَلت على الأنبياء ..أي آيات وسور من القرآن كانت مع أنبياء سابقين ، من القرآن نزلت في كتبهم ، ليتعبّدوا الله بها ، وبلسان عربيّ مبين، ولكون المسلمين أهل الدعوة الى الله وأصحابها واليهود هم من حرف وغير وبدل وزور كلام الله, يصبح المسلمين أحق بموسى وداوود من اليهود, وهذا ما يؤكده حديث رواه البخاري عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ مَا هَذَا ؟ قَالُوا : هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ،هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ فَصَامَهُ مُوسَى، قَالَ فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ ", وبناءً على هذا الحديث الصحيح كون المسلمين أحق من اليهود بموسى عليه السلام, فمن ذات البابوقياساً عليه يكون المسلمين أيضاً أحق بنبي الله داوود وموروثاته العقدية والرمزية وهو الذي أوتي بشيء من الذكر الحكيمبقول الله تعالى (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون) ، والراجح أنّ الذكر هو القرآن. وبناء على ما سبق وفي ذات السياق يكون مسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم ومعراجه للسماء حقا حصريا للمسلمين المؤمنين بخاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلوات الله عليه وسلامه.
وعندما نتأمل بالنجمة السداسية والتي هي شكل هندسي يمثل مثلثان متقابلان, قد اتخذته الحركة الـصهيونية شعاراً لها, وعند استيضاح دلالات هذه النجمة, ولماذا سميت بنجمة داوود أو (درع داوود) ؟ وهل سُرقت وتم تهويدها من المسلمين والذين هم أحق من غيرهم فيها؟
يأتي الاستشهاد بمجموعة كبيرة من الدلائل والشواهد والآثار التي تدلل على الجذور الاسلامية لنجمة داود ينبغي علينا كباحثين ومسلمين بالمقام الأول ألا نغفلها ونتجاهلها, ونجعل تاريخنا ورموزنا الاسلامية عرضة للانتهاك والسرقة والتزوير والتهويد دون الحد الأدنى من محاولة احقاق الحق ودفع الباطل ورد الاعتبار لرموزنا الدينية والقومية, وأولى الدلائل وأكثرها أهمية بأن نجمة داوود تكاد تكون مذكورة في القرآن الكريم بشكل واضح في قول الله تعالى في سورة سبأ۞ وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا ۖ يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ ۖ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (10) أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ ۖ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ۖ إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (11)(سبأ(10-11:, فهاتين الآيتين تتحدثان عن النبي داود (عليه السلام) حيث كان حداداً وسخر الله له القدرة الخاصة بأن يتعامل مع الحديد ويقوم بتشكيله كما يتعامل الانسان بقطعة منالطين المبلول أو القماش أو الخيوطيصرفه في يده كيف يشاء, وهو أول من تعلم صنعة الدروع وصنعها بأمر من الله, و)اعمل سابغات) في الآية الأولى جاءت بمعنى دروع الحديد,كانت الدروع الحديدية التي يصنعها صناع الدروع ثقيلة ولا تجعل المحارب حرا يستطيع أن يتحرك كما يشاء أو يقاتل كما يريد, فقام داوود بصناعة نوعية جديدة من الدروع, درع يتكون من حلقات حديدية تسمح للمحارب بحرية الحركة، وتحمي جسده من السيوف والفئوس والخناجر.. أفضل من الدروع الموجودة في ذلك الوقت,ولكن كيف نستدل أن الدرع الذي قام داود (عليه السلام) بصناعته هو نفسه شكل النجمة السداسية ؟ ذلك من خلال الآيتين نستطيع معرفة هذا الشيء بسهولة من قوله تعالى : " وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ", فهي جاءت بمعنى لا تصغر المسمار وتعظم الحلقة فتسلس، ولا تعظم المسمار وتصغر الحلقة فيفصم المسمار, فأي انسان ذو بصيرة ويود أن يصنع درعاً يرتديه ليحمي به نفسه كيف سيكون شكله ؟
والواقع اذا نظرت في درع داوود بتمعن ترى أنه درع يحمي كافة مناطق الجسد وأما النجمة فهي رمز للدرع وتغطي أجزاء الجسم التالية : رقبة + كتفين + حقوين + عورة = 6.
واضافة لما تجلى في الآيات القرآنية السابقة من حقائق ومعاني حول نبي الله داود وقدرته في تشكيل وصياغة وصناعة الدروع الحديدية, تأتي المعرفة بعلم الآثار والذي يعتبر كنز من الكنوز الانسانية, حيث تمثل الاكتشافات الأثرية الحديثة اضافة جديدة ودليل آخر لا يقبل الشك بمصداقيته, ولها القول الأقرب للفصل بهذا الشأن, فكم تملكتني الدهشة وجثم على صدري كم هائل من الاستغراب عندما علمت بتصريحات مدير منطقة آثار نويبع، الأثري (عبد الرحيم ريحان) أن الاكتشافات الأثرية في سيناء أثبتت أن النجمة السداسية التي اتخذها اليهود شعاراً لهم وأطلقوا عليها نجمة داوود لا علاقة لها باليهود، بل هي أحد الزخارف الإسلامية التي وجدت على عمائر إسلامية، منها قلعة الجندي في رأس سدر في سيناء، التي تبعد ٢٣٠كيلو مترا عن القاهرة، وأنشأها صلاح الدين الأيوبي، حيث وجدت هذه النجمة على مدخل القلعة.
وأضاف ريحان أن النجمة وجدت أيضاً على طبق من الخزف ذي بريق معدني ينتمي إلى العصر الفاطمي (٣٥٨ - ٥٦٧ هجرية) و(٩٦٩ - ١١٧١م)، مشيراً إلى أنه تم الكشف عنها بواسطة بعثة آثار منطقة جنوب سيناء للآثار الإسلامية والقبطية عام ١٩٩٧م في رأس راية في طور سيناء, وقد كانت المساجد الإسلامية في تركيا من أقصاها الى أقصاها تزخرف بخاتم سيدنا سليمان، وكان العلم الوطني المغربي القديم يحمل نجمة سليمان، وحتى وقت قريب كانت بعض حُلي النساء الليبيات على شكلة خاتم سيدنا سليمان، وكان الخاتم يرسم بالزعفران على ملابس الطفل المختون، بما يؤكد ايمان الناس في تلك الفترة بالخاصية السحرية لهذا الخاتم، ولم يكن الناس يدركون صلتها بالدولة العبرية، فلما أحتلت فلسطين من قبل ( يهود ) واتخذت ( خاتم سيدنا سليمان ) أو ( النجمة السداسية ) شعاراً لها، توقف الناس عن كل فعل يتعلق بهذه النجمة، وأبدلت بها النجمة الخماسية، ونلحظ ذلك في علم المغرب الذى أبدل النجمة السداسية بالخماسية.
وقد يصادف المسلمين هذه النجمة منقوشة بنقش كبير في أفنية أو نوافذ أو منابر أو محارب بعض المساجد أو الجوامع القديمة المشهورة الباقية من العثمانيين في تركيا (في قصر طوبقابي ومسجد الجامع السليمانية), وحتى أن هذه النجمة السداسية وضعت على راية الملاّح قائد القوات البحرية للسلطان سليمان القانوني "خير الدين باشا" والذي قال عن نفسه: "نحن لسنا بقراصن بل بحمد الله غزاة مجاهدون في الله".
وما فعله الصهاينة بنجمة داود سالفا يطبقونه لاحقا على القدس الشريف, لا سيما وقد دأب اليهود على تزوير الحقاق التاريخية للشعوب, فلننظر أنى يؤفكون, فرئيس حكومة اسرائيل الحالية(نتنياهو) يقول في افتراءه المقارن على علاقة القدس باليهود والمسلمين بأن روابط الشعب اليهودي بالقدس أقوى من أي روابط تقيمها شعوب أخرى بهذه المدينة, واستند الى التوراة ليجدد مزاعم إسرائيل حول المدينة, حيث قال "أن القدس واسمها العبري البديل (صهيون) وردت 850 مرة في العهد القديم أو التوراة" (الوطن, 2010).
وهنا يتجاهل نتنياهوالتحريف والتزوير الذي قام به اليهود للتوراة على مر العصور, ويتغافل عن ما تمثله القدس للعرب والمسلمين كقضية مركزية وهامة بالنسبة لهم, فهي أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين, وهذا يعني وجود علاقة قوية تربط القدس بما يزيد عن مليار ونصف من المسلمين في العالم, بل أن الدين الاسلامي حث المسلمين على حمايتها والحفاظ عليها.
لقد تحدد الموقف الإسرائيلي من القدس عبر ما اتخذته الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بألوانها الحزبية المختلفة من تدابير واجراءات كفيلة بتغيير معالم هذه المدينة التاريخية والطبيعية والديموغرافية, نزولاً عند تحقيق الهدف الصهيوني ذو البعد الاستراتيجي بالحفاظ على الطابع اليهودي للدولة وبشكل خاص العاصمة فيها, حيث باتت المدينة المقدسة تُمثل أهم ساحات الصراع الديموغرافي، فقد وصل "عدد اليهود فى القدس خلال عام 2011 إلى 497 ألف يهودي، و281 ألف عربي، ووصلت نسبة اليهود 64%, والفلسطينيين الى 36%, فمنذ عام 1967م وحتى نهاية عام 2011م ارتفع عدد السكان في المدينة بنسبة 200%، كما ارتفع عدد السكان اليهود على وجه الخصوص بنسبة 157%" (فلسطين اليوم, 2012), وتستمر عملية تهويد المدينة حتى الوقت الراهن, فإسرائيل تعتبر 281 ألف فلسطيني من "المقيمين" في المدينة وليس من المواطنين, وتمارس بحقهم سياسة تطهير عرقي متعددة الوسائل عبر سياسة هدم البيوت ومصادرة الأراضي وفرض الضرائب, وبواسطة الجدار العنصري الفاصل الذي يعزل المدينة ويضع عراقيل جديدة أمام سكانها لتشجيعهم على تركها, وتواصل من جهة أخرى إقامة المباني والأحياء السكنية الاستيطانية لليهود حصراً, مما يجعل ملامح الصراع في المرحلة القادمة تبدو أنها ستكون على القدس والتوسع الاستيطاني الصهيوني فيها.
وفي حين تواصل إسرائيل تأكيدها على أن القدس جزء لا يتجزأ من الدولة اليهودية وأنها عاصمتها الأبدية, وأنه "منذ أكثر من 3000 سنة كانت القدس عاصمة لليهود, وأنها لم تكن يوماً عاصمة للعرب, وأشير لها أكثر من 700 مرة في الإنجيل بينما لم يشر لها (القرآن الكريم) لو مرة واحدة, وأن الملك داوود بنى القدس عاصمة لليهود وابنه سليمان بنى المعبد الذي يعتبر أقدس مكان لليهود في العالم, ويتجه نحوه اليهود في صلواتهم, بينما يتجه الفلسطينيين والمسلمين في صلواتهم نحو مكة في المملكة العربية السعودية, والقدس لهم ثالث مكان من حيث الأهمية", فتزوير الحقائق التاريخية والتجني على الشعوب والديانات الأخرى صفة لازمت بني إسرائيل, فالقرآن الكريم أشار للقدس والمسجد الأقصى في مطلع سورة الإسراء, وهي أولى القبلتين لمئات الملايين من المسلمين, وهي مسرى النبي محمد عليه الصلاة والسلام ومعراجه الى السماء, و"من المُسَلم به دولياً أن هذه المدينة جزء من الضفة الغربية, وحتى أن البعض يرى أنه لا أهمية لهذه المنطقة بدون هذه المدينة وذلك انطلاقا من مكانتها الدينية", وهناك العديد من الأحاديثالنبوية الشريفة التي وردت عن النبي صلوات الله عليه وسلامه حول القدس ومكانتها الدينية للمسلمين, حيث أوصانا النبي بالصلاة فيه أو حتى أن نضع زيتاً لسراجه, ومنهاأن الصلاة بالمسجد الأقصى تعدل ألف صلاة, دليل ذلك ما ورد عن ميمونة بنت سعد قالت: قلت: يا رسول الله، أفتنا في بيت المقدس، قال: "أرض المحشر والمنشر، ائتوه فصلوا فيه، فإن صلاة فيه بألف صلاة في غيره..." , وهناك أحاديث على أنها تعدل خمسمائة صلاة في غيره ,,, وهذه أحاديث نبوية صحيحة وليس روايات وأساطير توراتية أو صهيونية مزعومة, حيث صدق المولى عز وجل في القرآن الكريم عندما وصف اليهود وأفعالهم بقوله سبحانه, "من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه")النساء:46)، ونقرأ قوله سبحانه في حق اليهود أيضاً: "يحرفون الكلم من بعد مواضعه"(المائدة:41), وهنا يوضح الحق سبحانه بأن تحريف الكلم وتأويله واخراجه من سياقه وازالته وتبديله حسبشهواتهم هي من صفات وطبائع اليهود.
إن (النجمةالسداسية) لم تكن رمزا يهوديا في الأصل بأي شكل من الأشكال، وليس لها أية أصول دينية يهودية قديمة.. فهي لم تزيد عن كونها اضافه صهيونية من اضافات بني إسرائيل بالعهد الحديث والصاقها بتاريخ اليهود وتراثهم, وكيف لا يتسنى لهم ذلك وهم قتلة الأنبياء, وعبدة العجل بعد غياب موسى عليه السلام لمدة أربعين يوما فقط, وهم من جادل في قصة ذبح بقرة, وهم من أضاعوا التوراة وحرفوها وقاموا بتأويل كلامها حسب شهواتهم ورغباتهم "يحرفون الكلم من بعد مواضعه"(المائدة: 41).
وبعد ما ذكر سالفاً يصبح السؤال مشروعا, لماذا يُسلم ويخنع العرب والمسلمين بما يقوله اليهود كونهم سرقوا الشعار الاسلامي ووضعوه رمزاً لهم؟, فنجمة داوود كرمز اسلامي أصبحت تُزين علم اسرائيل لعقود خلت, وأمسى الشباب العربي والمسلم يدوسون عليها بأقدامهم ليشفىغلهم من الصهاينة الذين يدنسون حياتهم ويحتلون أرضهم, وبات اليهود يسرقون القدس وتراثها وأبنيتها ويُهجرون سكانها دون أن يحرك العرب ساكناً, ويدعون باطلا وبهتاناً بأحقيتهم بالقدس,وكما جرى لنجمة داوود من سرقةوتهويد تسير القدس على ذات الخطى, ولم نجد وفرة من الدراسات والأبحاث العلمية التي تثبت العكس, الخمول والهوان أصاب العرب والمسلمين فمتى يخرج الداء ونتجرع الدواء.
ا. علاء محمد منصور
كاتب وباحث بالدراسات السياسية
Ala.mansour@hotmail.com