خبر : ليبيا: يوغا على شاطئ طرابلس لنساء ينشدن ساعة انعزال

السبت 23 أبريل 2016 09:01 ص / بتوقيت القدس +2GMT
ليبيا: يوغا على شاطئ طرابلس لنساء ينشدن ساعة انعزال




طرابلس - "أ.ف.ب": تحمل مجموعة من النساء، كل خميس، الحصائر الملونة والمرتبة بعناية وتتمشين نحو الشاطئ في شرق العاصمة الليبية لممارسة رياضة اليوغا في الهواء الطلق، بعيدا عن رقابة مجتمعهن المحافظ والخيبات اليومية المتواصلة في البلاد منذ ست سنوات.
وبحماية سيارة شرطة، تسير نحو 25 امرأة بملابسهن الرياضية بين بيوت مجمع "الريغاتا" السياحي المهجور منذ ثورة 2011، لتفترشن ولمدة ساعة الشاطئ المقابل للمجمع، وتتابعن بحماسة تعليمات المدربة.
وتقول مودة لوكالة فرانس برس: "اليوغا تخرجني من الضغوط التي نعيش فيها. استطيع هنا أن انفصل عن العالم الواقعي".
وتضيف وهي تهم بالخروج من مبنى النادي باتجاه البحر: "علينا أن نجد مكانا لنا وحدنا، وهذا المكان يوفر لنا المدى الذي ننشده. نشعر بالحرية هنا".
ويعيش الليبيون عموما منذ ست سنوات على وقع أزمات متواصلة، آخرها تلك التي خلفها النزاع المسلح على السلطة الذي قسم البلاد، واضعف سلطة مؤسساته، ودمر اقتصاده، وسمح لتنظيمات متطرفة بان تتغلغل فيه.
ودفع هذا النزاع آلاف الليبيين إلى مغادرة بلادهم الغنية بالنفط وبالمعالم الأثرية والجبال والصحارى والشواطئ الممتدة على ساحل بطول نحو 1770 كلم، بينما اجبر من بقوا على أن يحدوا نمط حياتهم اليومية بمكانين: العمل والمنزل.
وفي مدينة غالبا ما شهدت مواجهات بين جماعاتها المسلحة، وتفتقد للنشاطات الترفيهية الرئيسية وبينها السينما والمسرح، تبحث نساء طرابلس عن أي متنفس في مجتمع محافظ يفرض بطريقة غير مباشرة قيودا على تنقلات المرأة مثل التواجد وحيدة في مقهى، وعلى ملبسها أيضا.
ولا يحول التقيد بارتداء ملابس معينة وتغطية الرؤوس في أغلبية الأماكن، بين نساء طرابلس وشغفهن بالموضة الإيطالية والموسيقى الغربية، وبقيادة السيارات الحديثة والسفر كلما توفرت الفرصة، وبالعمل والتعلم، والحماسة لاختبار كل جديد.
في "الريغاتا"، وفرت في بداية شهر نيسان الحالي مديرة نادي "بي فيت" الرياضي عبير بن يوشح هذا "الجديد".
وتقول عبير لفرانس برس: "شعرنا بأن المرأة بعد الحرب تحتاج إلى ترفيه والى تغيير".
وتتابع بحماسة: "أضفنا اليوغا على الشاطئ بعدما كنا قد ادخلنا إلى نادينا العديد من الرياضات الأخرى وبينها الزومبا والرقص الهندي والعربي الممزوج بالحركات الرياضية".
على الشاطئ حيث تنتشر الأكواخ الخشبية الفارغة، تطبق الرياضيات تعليمات المدربة على بعد أمتار قليلة من البحر. وتبدو بالقرب من الشاطئ عشرات الابنية المهجورة وأمامها شوارع خالية من المارة والسيارات.
وكان مجمع "الريغاتا" مخصصا للأجانب الذين عملوا في شركات النفط خصوصا وعاشوا في مدينة طرابلس لسنوات حتى غادروها مع اندلاع الثورة التي اعقبها اقتحام المجمع من مجموعات مسلحة للاستيلاء على منازل أفراد عائلة معمر القذافي فيه.
وسرعان ما اصبح المجمع بكامل منازله مقرا لهذه المجموعات حتى اندلاع معارك صيف العام 2014 وخروجها منه.
ورياضة اليوغا ليست حديثة بالنسبة لليبيات، لكن جديدها في "الريغاتا" هو ممارستها على الشاطئ في الهواء الطلق، وهي فكرة شابها في بدايتها، بحسب عبير، الخوف من ردة فعل المجتمع.
وتقول عبير وهي تجلس على كرسي في حديقة النادي وإلى جانبها ابنتها "كنت أخشى على سمعة النادي وأن يقال إننا منفتحات ومتحررات اكثر مما يجب. خفت من ردة فعل الأزواج والآباء. لكن الناس محتاجون فعلا إلى جديد والى ترفيه، وإلى أن يعيشوا كما يعيش سكان أية دولة أخرى".
وتشير إلى أن الجلسة الأولى "كانت ضعيفة. النساء جئن للتفرج وللاطمئنان إلى مستوى الأمن هنا. وعندما رأين سيارة الشرطة ترافقهن خطوة خطوة حتى الشاطئ، ووجدن أن المكان فارغ، شعرن بالاطمئنان وارتفع عدد المشاركات".
ولا تتوقع عبير "أن تتقبل الفكرة كل شرائح المجتمع"، لكنها تطالب النساء "بأن يجربن، ثم يبدين آراءهن".
على صفحة النادي على موقع "فيسبوك"، يتم الترويج للرياضة المستحدثة بالعبارة التالية "مفاجأة شهر نيسان كل يوم خميس حصة يوغا على شط البحر".
واستقطب الإعلان تعليقات عدة، من السؤال عن المكان والتعرفة، إلى الترحيب بالفكرة وطرحها على صديقات أخريات. وقابلها عدد قليل بالتشكيك، فكتبت إحداهن: "أحسستمونا بأن طرابلس أمن وأمان".
لكن بالنسبة إلى إيمان، فإن الأمر يتعلق فقط بالاستمتاع برياضة جسدية وذهنية في مكان منعزل.
وتقول إيمان وقد ارتدت ملابس رياضية بيضاء ووضعت نظارات شمسية: "لم اشعر بالقلق. هل ستاتي إلينا قوات كوماندوس مثلا من البحر؟ فليأتوا، نحن هنا".