خبر : وحده حرف «الراء» يرفرف! حسن البطل

السبت 26 ديسمبر 2015 11:17 ص / بتوقيت القدس +2GMT
وحده حرف «الراء» يرفرف! حسن البطل



إذا نطقتَ كلمة الشلال فإنك تكاد، بلسانك، أن ترسم حركة صبيب الشلال .. وقس على هذا مفردات غيرها بالعربية، لكم أن تنطقوها وتقارنوا نقطها بحركة اللسان في الفم. هكذا، تطوّرت لغات من رسم صورة الشيء الى حروف نطقه باللسان. حركة اللسان نطقاً في الفم، تقودنا الى ما قاله بعض الألسنيين العرب القدامى، من حيث تقسيمهم نطق حروف العربية الى حروف «الذلاقة» وحروف الفخامة، أي الحروف الشفاهية واللسانية والحروف الحلقية. 

في معظم اللغات الحيّة، يلفظون حرف «الميم» بداية لنطق اسم الأم، هذا له علاقة بحركة رضاعة الطفل ثدي أمه، للفظ حروف اللغات علاقة، مثلاً، بتعريب مفردات أجنبية تكون سهلة النطق ان جاءت شفاهية ولسانية، مثلاً: تلفزيون. بعض اللغات تخلو أبجديتها من حروف، وبعضها الآخر يحتكر حروفاً مثل «الضاد» بالعربية. 

اعتقد أن حرف «الراء» لا تخلو منه لغة، ولعله كما قيل فيه: الحرف الأكثر دوراناً في الفم، فهو «يرفرف» في نطقه خلافاً لغيره. تعرفون أن الطفل، أول ما يبدأ النطق، يلثغ في حروف معينة، أو يقدّم ويستبدل حرفاً بآخر، لكن اللثغ قد يصاحب البعض منّا على كبر.


 كنا أصدقاء نتبادل الحديث حول علاقة الأديان بالفرق الدينية، وقادنا الحديث إلى علاقة الفرق الدينية بالسياسة، مثل أن دولة قطر و«عمايلها» تنتسب اسماً إلى أحد أمراء الخوارج قطري بن الفجاء، وهو فارس شجاع وشاعر أيضاً، وله شعر يقول فيه: «أقول لها وقد طارت شعاعاً / من الأبطال ويحك لن تُراعي» «فإنك إن سألت بقاء يوم / على الأجل الذي لك لم تطاعي» «فصبراً في مجال الموت صبراً / فما نيل الخلود بمستطاع» قيل عن فروسيته أنه خرج في حرب طالباً المبارزة، وحاملاً عموداً من خشب، فلما فرّ منه مبارزه، عندما أسفر عن وجهه، قال الفرّاري: «لا يستحي الإنسان أن يفرّ منك». 

نعود الى علاقة فصحاء وبلغاء اللغة في نطق الحروف. كان لواصل بن عطاء «لثغة» ثقيلة الوقع في نطق حرف «الراء» الموصوف بالأكثر دوراناً في الكلام، وكان أيضاً مقرباً من «الخوارج».

 حاولوا استدراجه وتعجيزه، وسألوه: كيف تقول: «أمر أمير الأمراء بحفر بئر في الصحراء»؟ فقال: «حكم حكيم الحكماء بنبش جبُ في البيداء». 

لواصل خطبة لغوية قيمة، ارتجلها أمام الوالي والعلماء، وفيها استغنى تماماً وكلية عن نطق حرف «الراء»، وهي اختبار بارع للغاية في اختيار المترادفات، ودلالة على سعة وغنى اللغة العربية فيها. من قبل خطبته - امتحانه فصاحته أمام علماء اللغة، كان قد سئل: المطر؟ قال: الغوث. الحفر؟ قال: النبش. البرّ؟ قال: القمح. الفراش؟ قال: المضجع.

 في غير لسان العربية، كان النبلاء وعلية القوم في فرنسا ينطقون حرف «الراء» كحرف «الغين» ويقال انهم دَرَجوا على هذا «اللثغ» مسايرة للامبراطور لويس الرابع عشر الذي كان لسانه يلثغ بحرف «الراء».

 معلم اللغة الفرنسية قال لنا، في المدرسة، إن عامة الفرنسيين كانت تسخر من نطق النبلاء لهذا الحرف، ويطلقون عليهم جماعة الـ Incroiyable، أي غير المعقولين، لأنهم كانوا يرددونها لدى كل عجب أو تعجب، ناطقين «الراء» كأنها «غيناً». 

هذا كنت أعرفه، لكن صديقاً يلمّ بالإسبانية، التي تعلمها في كوبا، زادني علماً، وفسّر لماذا ينطق الإسبان حرف «السين» كأنه «ثاء»، حيث كانت احدى ملكاتهم، وهي اليزابيث (بالعربية هي اليصابات = السبت) خنفاء في نطق حرف الثاء شيناً. الشيء الطريف، أن صديقنا المطلع على الفرق الدينية الإسلامية، وبوصفه أديباً وشاعراً، فاجأ أحد قادة «حماس» عندما عرض عليه الأخير ديوان شعر ألفه، فقال له: هذا انتحال من قطري بن الفجاءة .. وغمز وقال: حركة قطراوية خوارجية! 

* * * يبقى شيء شخصي بعدما حدت جداً، وهو تركيب حفيدتي للجمل، بعضها من العربية، والآخر من الإنكليزية، لكن الأمر الذي أضحكني هو لفظها للأعداد العربية المحكية! إحداش. إطناش. طلاطاش. أربعطاش .. وعندما وصلت العدّ ترددت ثم قالت: عشر طاش؟! 

حسن البطل