بين صاروخ حيتس الإسرائيلي وسكين الفلسطينيين البدائي، مجرد مقارنة :
تستطيع إسرائيل إذن، كما لاحظنا أو علمنا مؤخراً ان تعترض صاروخاً حتى خارج الغلاف الجوي، أي في الفضاء المطلق في أعالي السماء. هل نتخيل إذن مدى تفوق وتقدم هذه الدولة الأعجوبة في المجال العلمي والتكنولوجي؟ والحق أنها كذلك. ولكن هل لاحظنا في غضون الشهور الثلاثة الأولى من انتفاضة الفلسطينيين الثالثة، بأي وسيلة يعترض بها الفلسطينيون على احتلال إسرائيل لفضائهم الأرضي والجوي، وان هذه الوسيلة يا لبؤس الفلسطينيين ليست سوى اقدم سلاح بدائي دافع به البشر عن انفسهم. فكيف تسنى للفلسطينيين في آخر النهار وحيث كل الأمور تتعادل في نهاية اليوم، وتتعادل اكثر في نهاية الأيام، ان يهزؤوا كل هذا الهزء من فخر إسرائيل بتفوقها التكنولوجي، وتبدو إسرائيل هذه كما لو أنها هي التي تجد نفسها في المتاهة « الجنرال في متاهة «.
لقد قيل إن الجبل أقوى من الريح وان الحديد أقوى من الجبل والنار أقوى من الحديد وان الماء أقوى من النار، قصة تروى للأطفال ولكن التاريخ سيروي يوما : هذه دولة كانت تملك القوة لكنها لم تكن تملك الحكمة.
سفهاء الرأسمالية المتأخرون، دونالد ترامب نموذجا :
كتب لينين الذي لم يعش طويلا عن الإمبريالية بوصفها أعلى مراحل الرأسمالية، وكان هذا قبل مائة عام. هيا يا فلاديمير اليتش لينين لنرى بعد مائة عام ماذا يحدث في البلد الذي يمثل أعلى مراحل الإمبريالية ؟ وليس سوى الجنون والعته الفكري والسياسي والسفه الأخلاقي هو ما يتجلى في نهاية هذا الطور من تقدم الإمبرياليات الى ارذل العمر. ان الأشخاص الجديرين بالذكر على مدى هذا المسار التطوري وقد خلدتهم ابد الدهر رذائلهم كما أفكارهم المجنونة، إنما قائمتهم تبدأ بأدولف هتلر وزميله موسوليني، ولكنها لا تنتهي عندهم.
او لم يكن أشخاص مثل رونالد ريغان الذي انتهى الى الخرف في شيخوخته وجورج بوش الابن الذي انتهى به الأمر الى اكتشاف موهبته في الرسم بعد ان حرق العالم، وتوني بلير الدجال والمراوغ الذي انتهى به المطاف الى الاعتذار بعد ان شارك بوش الابن في نشر هذا الدمار والخراب، سوى علامات او بطاقات تدل على هذا الحمق والجنون ؟ اذن هيا نشهد هذا العرض الافتتاحي لإطلالة وولادة آخر ممثل لهذه السلسة من المعتوهين، مع المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترامب بوصفه الطبعة الجديدة التي ترمز الى ذيل سيئ وطويل سارت عليه الرأسمالية، وحيث لم تكتف هذه الرأسمالية في إفساد وتخريب المناخ والطبيعة، ولكنها كانت هي الشاهد الأكثر برهانا وتأكيدا من بين كل مراحل التحول الذي مر به الجنس البشري، على الخطيئة الأصلية للإنسان والتي جاء الرسل والأديان من اجل تهذيبها.
بعد اختراعها الحدود التي تفصل بين الشعوب وإنشائها الدولة القومية على حساب الأخوة الإنسانية القديمة، في حرية التنقل المشاعية القديمة وإحلال المدنية مكان الريف، الصناعات الغذائية بديلا من الأغذية الطبيعية، الحفر تحت البحار والمحيط المتجمد الشمالي بحثا عن النفط والغاز، واقتلاع الغابات واستعمار الشعوب الأخرى، التحول في ازماتها المتكررة الى الفاشية والنازية او العنصرية باستحضار التفوق العرقي واللون الأبيض في مواجهة اللون الأسود، وبعد التنظير لصراع الحضارات ها نحن اليوم وقد أفلست الإمبريالية، نجد هذه الارتكاسة الى عهود وأزمان بربرية من القرون الوسطى الأشد ظلامية، الى حظر الإسلام في إسبانيا في الأندلس وحرق اليهود في زمن اقرب في عهد النازية.
اين ذهبت اذا أيديولوجيا الليبرالية في عقر دارها وموطنها «الحلم الأميركي» ؟ ويافطاتها التي لوحتها الشمس عن التعددية والاندماج بعد هذا الكلام عن حظر الإسلام ؟ ولكن بالمناسبة نورد هذه الأرقام التي وصفتها الـ «واشنطن بوست» بالفضيحة والعار:
قتل في الولايات المتحدة جراء عمليات العنف والإجرام وحرية اقتناء السلاح منذ أحداث 11 أيلول 150 ألف قتيل. و96% بين أعمال العنف هذه ارتكبها أشخاص لا ينتمون الى الإسلام أي غير مسلمين، فيما يجري الحديث طوال الوقت عن الإرهاب الإسلامي.
بين مملكة السويد والاحتلال الإسرائيلي، الطبائع النبيلة والطبائع الشريرة :
تأنف دولة بلغت من الرقي في ثقافتها ونظرتها الى نفسها وتقاليدها، ومن الشفافية بل والمثالية حد إرسال قاتل لوزير في حكومتها الى المصحة العقلية والنفسية بدلا من السجن او حبل المشنقة، باعتبار المجرم القاتل هو بالمطلق إنسان مريض نفسيا ومختل عقليا غير سوي. تأبى تقاليد هذه الدولة ان ترى الى هذا المشهد الذي يجري أمام العالم على الحواجز الإسرائيلية في الصفة الغربية، من إعدام وقتل للفلسطينيين بنوع من الصمت والسكوت دون إشهار سلاح الموقف. اذ ان السؤال الذي يطرحه رئيس وزراء هذه الدولة كما وزيرة خارجيتها، هو السؤال البديهي والبسيط عما يفعله هؤلاء الجنود في هذا المكان الخطأ ؟.
وهكذا لم يعد الصمت والسكوت ممكنا تقول وزيرة خارجية مملكة السويد، وهي لا تحرض وانما تقوم بتحليل واقعي للأمر، كما التحليل الواقعي الذي قدمه الرئيس الأميركي باراك أوباما لرئيس دولة إسرائيل، بعد ان ظن نتنياهو انه يمكنه ان يتلاعب بوزير خارجيته جون كيري.
تقول وزيرة خارجية السويد في تحليلها هناك خياران امام الفلسطينيين: اما القبول بإذلالهم، ذلهم المؤبد تحت الاحتلال او الدفاع عن انفسهم عبر هذا العنف البدائي. ويذهب رئيس الوزراء السويدي ابعد من ذلك بعد ان اظهر رئيس وزراء حكومة الاحتلال غطرسة وغرورا لا يمكن احتمالها، بتحديه الاتحاد الأوروبي. الى اعتبار هذا الطعن بالسكاكين عملا من أعمال المقاومة والدفاع عن النفس وليس إرهابا. تفضل نتنياهو ؟.
حين يرفع الإمبراطور الغطاء عن تابعه الصغير :
هل جاء الرد الأميركي والأوروبي سريعا وصاعقا لم نتوقعه حتى نحن؟ بعد إهانة نتنياهو لجون كيري حين دعاه للمجيء لإعطائه جوابا، ثم خيب آماله بإعادته خالي الوفاض؟ ها ان الرجل الذي ظن انه يسبح في أعالي البحار، يدرك الآن انما كان يعوم فوق شبر من الماء ليس الا. ها هو باراك أوباما يحدد وجهة السفر القادمة من الآن. لقد مارس أوباما الحرم الكنسي كما كان يفعل باباوات روما ضد ملوك أوروبا في الماضي.
منذ الآن لن يكون هناك غطاء او «فيتو» لحماية إسرائيل، برافو أوباما «سنة أخرى فقط» كتب شاعرنا قديما، سنة واحدة أخرى فقط تكفي لحل المسألة. ولتكن فلسطين ارثك التاريخي.


