خبر : الهبة الشعبية الفلسطينية خطوة للأمام وخطوتان للوراء.. ا. علاء محمد منصور

الخميس 29 أكتوبر 2015 01:54 م / بتوقيت القدس +2GMT
الهبة الشعبية الفلسطينية خطوة للأمام وخطوتان للوراء.. ا. علاء محمد منصور



لم تعد تدرك الشعوب العربية عامة والشعب الفلسطيني بشكل خاصأن نهضتها وتقدمهاوتحررها من الظلم والاضطهاد الواقع على كاهلها لن يزول بهبة جماهيرية أوغضبة شعبية قصيرة أو حتى بثورة قصيرة ذات طابع فوضوي غير منظم تتسابق فيها الحركات والأحزاب على تجيير مصالحها وحساباتها الحزبية الفئوية الضيفة على حساب مصالح الجماهير التواقة للتقدمواصلاح واقعها الحياتي والمعيشي, 

وبات اليوم كالأمس ولا جديد سوى الشهيد الجديد, وكأنه بات من المحتوم علينا كشعب عربي وفلسطيني أن تتخطانا وتبتعد عنا خطوات التقدم والحرية كلما اقتربنا منها بهبة شعبية منتفضة تبغي التغيير والانعتاق والتقدم للأمام,فما نلبث أن نعود للخلف خطوة بل أكثر من خطوة تتراجع فيها الهمم ويدُب الاحباط,ونأخذ بالتعويل فيها على الشقيق والصديق, 

وعلى المجتمع الدولي وقوانينه الدولية والانسانية, فلقد ابتعدت عنا خطوات وعوامل أساسية تكاد تكون غائبة عن حالتنا لعدم ادراكنا بضرورتها, أو كنتيجة لتجاهلنا اياها رغم علمنا بأهميتها لتحقيق التقدم ولو خطوة واحدة للأمام على صعيد التحرر والاستقلال, وهي ضرورة وجود القوى الوطنية الشعبية المتحالفة مع الجماهير والملتحمة معها والمنصهرة في بوتقة تحقيقالمصالح السياسية والاقتصادية والاجتماعية للشعب, فتلك القوى تكون المحرك الفاعل والناظم لطبيعة الهبة الشعبية ومسيرتها في تحقيق خطواتها, عندما يكون على رأسها ويتزعمها أحزاب وحركات ثورية ذات قيادة سياسية كاريزمية تجيد استثمار الهبة الشعبية وتعمل على تكيفها مع الظروف المحلية والدولية لخلق واقع سياسي جديد يصبح معه من الصعوبة بمكان توفر القدرة لدى الاحتلال للتعايش وفقه بدون أن يُقدم تنازل سياسي للصالح الفلسطيني, وبالتالي يكون هناك التقدم خطوة للأمام على صعيدنا التحرري والوطني, تلك القوى الوطنية ذات القيادةالسياسية الفاعلة ليس من الضرورةأن تكون حزب واحد أوحركة واحدة,بل مجاميع الأحزاب والحركات الشعبية التي تنصهر في اطار وطني جامع هادف لإحداث التغيير والتقدم ولو بخطوة للأمام على الصعيد السياسي والاجتماعي والاقتصادي للجماهير المنتفضة,

 أماالعامل الآخر الفاعل لتوفر النصر والتقدم للأمام هو توافر الحليف الدولي والنصير الفعلي لحق الشعب الفلسطيني المنتفض بتقرير مصيره واقامة دولته المستقلة وكنس المستوطنين والمستوطنات عن أرضه المحتلة, وهو العامل المفقود في هذه الحقبة الزمنية,وبالاطلاع على مجريات الأحداث في واقعنا السياسي المؤلم والذي يجثم على صدره الاحتلال الصهيوني أولاً , والانقسام السياسي الفلسطيني ثانياً ,لا يجد الشعب الفلسطيني سبيل معه سوى التقدم خطوه للأمام بهبة شعبية منتفضة بوجه المحتل الغاصب للأرض والمقدسات, لا نلبث أن نتراجع بعدها خطوتان للوراء ان لم يكن أكثر, فلم تجد حتى مطالب الرئيس الفلسطيني(أبو مازن) بوقف الاستيطان ووقف زيارات اليهود للمسجد الاقصى, واطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى آذان صاغية لدى الراعي الامريكي للتسوية أوحتى عند رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي تداعت له الأمم المتحدة وعلى لسان أمينها العام( بان كي مون) الذي لم يكتفِ فقط بالمساواة بين الشهداء الفلسطينيين والجلّاد المحتل الصهيوني، بل أعرب عن استيائه من "الشبان الفلسطينيين الذي يقاومون الاحتلال, ووصف أعمالهم بأنها لن تجلب السلام العادل والدائم, بل تعمل علىتأخير اليوم الذي سيحصل فيه الفلسطينيون علىدولة,وبعد مرور أكثر منخمس وعشرون يوما على الهبة الشعبية الفلسطينية بالضفة الغربية وقلبها النابض مدينة القدس,ومحاولات التعاضد معها في قطاع غزة, استطاعت اسرائيل وحليفتها أمريكا رغم عظمة الهبة الشعبية الفلسطينية وبطولات شبابها الالتفاف عن أهداف الجماهير الفلسطينية, ساعدها في ذلك الواقع السياسي العربي وما يجري فيه من صراعات وحروب داخلية, وواقع سياسي فلسطيني منقسم على ذاته يفتقر لوجود القوى الوطنية الحقيقية المعبرة عن مصالح الجماهير الشعبية المنتفضة بوجه المحتل الغاصب, مما أدى لبلورة تفاهم سياسي أمريكي اسرائيلي أردني, غابت عنه مصالح الفلسطينيين ومطالبهم,تم التأكيد فيه على استمرار الواقع القائم بالحرم القدسي الشريف والمتمثلبحق المسلمين في الصلاة بالحرم وحق السماح لغير المسلمين (اليهود) في القيام بزياراتهم لأرض الحرم وباحاته بسلام وأمن، وبدون تهديدأوتخويف أو حتى ىإستفزاز, اضافة لنصب كاميرات تصوير لمراقبة حركة المصلين والزائرين, والأدهىوالأعتى من ذلك هو أن الهبة الشعبية عادت بارتدادات سياسية ايجابية للاحتلال الاسرائيلي, استطاع معها رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو استثماره عبر شرعنة وتثبيت الانتهاكات الاسرائيلية الصهيونية السابقة للحرم القدسي وباحاته لتصبح من الحقوق الطبيعية لغير المسلمين,واعتبار الوضع الحالي القائم تحت السيطرة الاسرائيلية للحرم القدسي وباحاته هو الوضع المثالي لكل الديانات السماوية, وباتت زيارات اليهود الصهاينة للحرم وباحاته حق مقدس ومحمي ومراقب بكاميرات أمنية تحفظ أمنهم وسلامتهم وعدم تهديدهم, وأصبحت الزيارات اليهودية الصهيونية حق مقدس بعد أن كانت انتهاكات مدانة, قامت لأجلها انتفاضة فلسطينية عارمة دامت ما يربو عن سبع سنوات حين قام (أرئيل شارون) رئيس وزراء اسرائيل الأسبق بتاريخ 28/9/2000 بزيارة لباحات الحرم القدسي الشريف,

 وغدا ستصبح الزيارة لها طقوسها وشعائرها ومستلزماتها ذات الطبيعة المحددة من حيث المكان والزمان وبدونهما لن تكتمل الزيارة لليهودي الصهيوني وتعتبر زيارة ينتفي عنها الحق الطبيعي لليهود بممارسة شعائرهم وطقوسهم الدينية,

 وهنا ليس هناك أدل على وصف الحالة الفلسطينية سوى المثل الشعبي القائل " وكأنك يا أبو زيد ما غزيت" وتعود الكرة مرة أخرى بعد حين لنتقدم خطوة للأمام وخطوتان للوراء متجاهلين حقائق سياسية غابت أو غيبت عنا لنتقدم خطوة واحدة بدون الرجوع للخلف.

أ‌. علاء محمد منصور
كاتب وباحث بالدراسات السياسية