خبر : الهدف الحقيقي وراء تصريحات نتنياهو ... هاني عوكل

الجمعة 23 أكتوبر 2015 09:05 ص / بتوقيت القدس +2GMT



كل الوقت تمارس إسرائيل وإعلامها نشر الأكاذيب حول الفلسطينيين وتصورهم على أنهم شياطين في الأرض، وأن الدولة العبرية لا يد لها فيما يجري داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة وأنها ضحية ما يحاك ضدها من مؤامرات فلسطينية!!

هكذا صوّر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو حال الفلسطينيين، حين صرّح حديثاً أمام مؤتمر الكونغرس الصهيوني بأن أبا النازية أدولف هتلر بريء من ارتكاب المحرقة بحق اليهود، وأن من زرع الفكرة في عقل الرجل هو مفتي القدس الراحل أمين الحسيني.
طوال السنوات الماضية وإسرائيل تستثمر ما فعلته النازية بحق اليهود حتى تسوق رؤيتها التي تقوم على إيجاد وطن لليهود على أرض فلسطين، وحتى تحصل على التعاطف الدولي الذي مكنها بالفعل من قيام الدولة العبرية ولاحقاً ضخ ملايين الدولارات الأميركية والأوروبية لتمكين هذه الدولة، فضلاً عن التعويضات السخية التي دفعتها ألمانيا.
من أجل المصالح الإسرائيلية العليا سعت الدولة إلى تعظيم وتهويل ما اعتبرته فظائع النازية ضدها، وفي كل يوم كانت تتحصل على ثمن يرضي مطالبها، سواء تعبيراً دولياً وأوروبياً عن موقف سياسي يتضامن مع الدولة العبرية ويسكت عن مخططاتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أو تمويلاً سخياً لتوسيع الاستيطان ومنع قيام دولة فلسطينية مستقلة.
نتنياهو استخدم حجته هذه حتى يحرف المسار الذي ترتكبه إسرائيل يومياً بحق الفلسطينيين، فدائماً وأبداً يختلق شخص مثل نتنياهو الحجج التي تمكنه من مواصلة ممارساته العنصرية بحق الفلسطينيين، لكن هذه المرة لا يصدق أحد كان مثل هذه التهمة بحق الفلسطينيين.
ثمة من يعتقد آنذاك أن مؤامرة صهيونية اختلقت حالة العداء الأوروبي ضد اليهود، حتى يكفر الأوروبيون عن ذنبهم ويسعوا نحو إيجاد وطن قومي لليهود، وهذا تحقق بالفعل حين "دقّت بريطانيا على صدرها" وذللت كل السبل والعقبات من أجل إقامة وطن قومي يجمع اليهود على أرض فلسطين.
بعد كل ذلك يأتي نتنياهو حتى يزيف التاريخ ويرمي الوثائق التي تؤكد أن النازية وحدها من ارتكب المحرقة بحق اليهود، لكن مثل هذه التهمة التي أحيلت على الفلسطينيين، رفضت أساساً من قبل ألمانيا ميركل، حيث علقت المستشارة الألمانية عليها بالقول إن بلادها مسؤولة عن الهولوكوست وأنها لا ترى سبباً في تغيير رأيها بالتاريخ خصوصاً في مثل هذه القضية.
حتى أن كبار الساسة في إسرائيل من زعيم المعارضة اسحق هرتزوغ إلى وزير الحرب موشي يعالون، وصفوا نتنياهو بأنه مزور للتاريخ ومخطئ، لأن حرق اليهود برأيهم كان من بنات أفكار هتلر ولا علاقة للحاج أمين الحسيني ولا للفلسطينيين بهذا الموضوع.
لكن يفهم من تصريحات نتنياهو هذه أنه يريد أن يصب الزيت على النار فيما يتعلق بموضوع الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، خصوصاً أن شخصاً مثل رئيس الحكومة لا يمكنه أن يرمي كلاماً ثقيلاً مثل هذا، دون أن يكون عن قصد أو لسبب ما.
والسبب أنه يريد تحميل الفلسطينيين ما يجري الآن داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، حتى يبرر لنفسه وجيشه ما سيقبلون عليه من قتل أكثر وسفك للدماء الفلسطينية، فبهذا التصريح يكون نتنياهو قد أمر كل إسرائيلي أن يحمل السلاح ويردي الفلسطيني قتيلاً.
لقد اتُهم رئيس الحكومة الإسرائيلية خلال اندلاع الهبة الفلسطينية رداً على الجرائم الإسرائيلية في القدس المحتلة وغيرها من المدن الفلسطينية، نقول إن الرجل اتهم برخاوة قبضته على الزناد وأنه مُطالب بتغليظ الجرائم وتعظيم التطرف ضد الفلسطينيين.
وحتى يفعل فعلته ويسمح لجيشه ومستعربيه بتصفية الفلسطينيين أينما كانوا ودون فعل أو محاكمة، لجأ نتنياهو إلى اختراع هذه الفكرة وتصوير الفلسطينيين على أنهم السبب الرئيس في قتل اليهود وحرقهم، وحتى يبرر للعالم أنه الضحية التي من شأنها الدفاع عن نفسها!!
إن ما يقوم به رئيس الحكومة هو "الهولوكوست" بعينه ضد الفلسطينيين، لكن العالم مع الأسف الشديد يغض البصر عن الجرائم الإسرائيلية ولا يريد أن ينتصر للحق طالما وأن إرادته مسلوبة ومرهونة للدول التي تتغزل بإسرائيل وبالمشروع الصهيوني.
حتى أن شخصاً مثل الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لا يمكنه فعل شيء، سوى الاستنجاد بالكلمات والتعبير عن موقف لا يمتلك مقومات الردع ولجم إسرائيل عن وحشيتها المفرطة ضد الفلسطينيين، وفي نهاية الأمر يبقى الصراع محصوراً بيد إسرائيل التي تستفرد بالقضية الفلسطينية بينما العالم في سبات عميق.
على الفلسطينيين الانتباه جيداً لتصريحات نتنياهو، لأنها تُحرّض على المزيد من القتل واستهداف الفلسطيني، ذلك أن الرجل لا يريد السلام مع الفلسطينيين وهو يعتقد أن الوقت الحالي في صالحه، حتى يضعف القضية الفلسطينية ويجعلها غير قادرة على الحراك على المستويين الدبلوماسي الخارجي والأهلي السلمي.
سيفعل نتنياهو كل ما يمكن فعله حتى يحافظ على كرسيه وحتى يلبي ويسكت الأصوات المتعالية والمتطرفة التي تدعوه للمزيد من إراقة الدماء، وكما تجري العادة يدفع الفلسطيني دمه ثمناً للوطن الغالي فلسطين، وثمناً "للكولسات" الإسرائيلية التي تنظر إلى مصالحها الضيقة وتستثمر سيلان هذا الدم لتحقيق مكاسب الفوز بتأييد ومحبة الرأي العام الإسرائيلي الذي يتجه نحو التطرف يوماً بعد الآخر.
تصريحات نتنياهو تمثل دعوة للرأي العام اليهودي حتى يكره ويعادي الفلسطيني أكثر وأكثر ويعتبره جنساً يجب إبادته، وأمراً للجيش الإسرائيلي بأن يفتح شهيته على ارتكاب المجازر والمحارق بحق الفلسطينيين وإسكات صوتهم.
Hokal79@hotmail.com