خبر : بإختصار ، أدوات السلطة الفلسطينية الأن بين السقوط في صراع المصالح وبيع الأوهام ؟!!! بقلم: م.زهير الشاعر

الإثنين 12 أكتوبر 2015 07:26 ص / بتوقيت القدس +2GMT




إن أخذنا بعين الإعتبار أن إنشاء السلطة الفلسطينية في حد ذاته لم يكن حالة عابرة في سياق مطلب دولي فقط بل كانت حالة للتعبير السياسي عن إرادة شعب متعطش للحرية والإستقلال ناشئ في إطار منظومة دولية وإقليمية كان هدفها أن يساهم حصوله على حقوقه المشروعة في إرساء حالة من الإستقرار في منطقة ملتهبة وضمن ضوابط وآليات تنظيمية للوصول إلى هدف إنشاء دولة قادرة على الإستمرار لهذا الشعب الحي والمؤهل لأن يندمج بين شعوب المنطقة في إطار قانوني كتجسيد منطقي لحقيقة الوجود لهذا الشعب في منظومة المجتمع الدولي الذي يسعى لخلق حالة من التعايش والسلام في إطار حصوله على حقوقه المشروعة في حريته ودولته المستقلة ، لذلك كان لابد من توافر عوامل إستمراره وإعادة النظر في طريقة التعامل مع طموحاته وتطلعاته ، حيث أن الواقع يقول بأن السلام لا يمكن أن يتم إرسائه من خلال القمع أو من خلال أدوات عاب تحملها المسؤولية إتجاهه أنها عاجزة ولم تكن مؤهلة لذلك ولم تكن جزء من تخفيف ألامه وأوجاعه للوصوله به إلى تحقيق تطلعاته بل مارست ممارسات خاطئة ودخيلة لم تساعد على إنشاء حالة وطنية بناءة تعطي حالة من الأمل وتساهم في خلق نواة مجتمعية قادرة على فهم متطلبات مرحلة إنتقالية كان لابد منها وخضعت لمسؤولياتها، وبدلاً من ذلك أسست لفترة ضياع وطني من خلال إحتكار القرار الذي أطاح بالمؤسسات الوطنية وقسمتها وخلقت حالة عبثية كان نتيجتها سلطتين متنافرتين في وطن مقسم وبحكومتين ظاهرها وفاق وطني تسيرها حكومتا ظل، فأي وطن هذا الذي يريدون في سياق تقاسم مصالح وأداور ليس لها علاقة بالحالة الوطنية العامة ومتطلباتها أن يكون معافى وقابل للحياة ؟!!.

لابد هنا من التطرق لوعود المجتمع الدولي الذي وعد شعبنا بسنغافورة الشرق الأوسط وكانوا يستطيعون فعل ذلك ولكنهم إختاروا دعم الأدوات الخاطئة لقيادة المركب الذي يوصل لهذا الهدف فكانت النتيجة تصادمية في أغلب أوقاتها وخاب ظن شعبنا في وعودهم مما ترتب عليها مصادرة أراضي هذا الشعب وإهدار كرامته وهدم منازله وإغلاق بيوته العامرة فأصبح سنغافورة بعيدة المنال من أحلامه وتطلعاته !!!!.

من هنا لو عدنا إلى الوراء في الزمن عدة سنوات وبحثنا حال السلطة الفلسطينية منذ إنشائها والمحطات التي مرت فيها حتى اللحظة سنجدها كثيرة ومعقدة ومثيرة للدهشة، ولم تكن يوماً بعيدة عن المؤثرات الإقليمية والدولية ، فبدلاً من العودة الميمونة للفريق السلطوي التي كان ينتظرها الداخل الفلسطيني بشغف كبير ، وإلا بالجميع أمام هول الصدمة من تصرفات العناوين التي عادت والتي لم تكن هي تلك العناوين التي رسخت في عقول أبناء شعب ناضلوا وضحوا من أجل حياة كريمة في وطن كانوا متعطشين فيه لأن يروه ينعم بالحرية والإستقلال فجاءت هذه الأدوات التي نسيت أن هناك إحتلال وتفرغت بدلاً من التركيز في بناء الوطن والإنسان إلى النهب والقهر والتغول على حقوق وكرامة ابناء شعبهم وتجيير مقومات الوطن لمنافعهم الشخصية ولأولادهم ولمن يهمهم بطريقة همجية وقمعية بعيدة كل البعد عن العدالة المجتمعية والحالة الوطنية وأسس المفاهيم النضالية التي قامت عليها أو من أجلها ، مما خلق حالة غريبة ومنقسمة في نوع الضحايا المجتمعية من ابناء هذا الشعب نتيجة مخلفات فكر ملوث كان هدفه ولا زال أن يجعل منهم الوقود التي يشعل بها رجال المرحلة أحلام ومستقبل كل من يتعارض مع مصالحهم وغرائزهم وشهواتهم المجنونة وحبهم للسلطة والنفوذ والذين إستباحوا بدورهم أحلام وطموحات كل أبناء هذا الوطن من الذين تعارض إنتمائهم الوطني الصادق والأمين مع نهج هؤلاء المجرمين أو أنه لم يكن في إطار منظومتهم القذرة، فأفرزوا حالة من الطبقية والمنتفعين لم تكن معهودة في الوطن من قبل وأرهبوا الناس في لقمة عيشهم وأرزاق أولادهم وأقفلوا البيوت العامرة ، فخرجت طبقة من الفاسدين عاثت فسادا في المفاهيم الإجتماعية والوطنية وقدموا عناوين لم تكن في حسبان المعادلة الوطنية فتاهت الحالة بين الوطني الحقيقي الراسخ في إنتمائه الوطني والذي كان يحلم بيوم تحرره ، وبين صورة دعاة الوطنية المستوردين والذين وجدوا في هذا الوطن ظالتهم كفريسة تعوضهم عما فقدوه بعد تشردهم وفشلهم، لا بل كانت هي فرصة ليس للمشاركة في بناء وطن من المفترض أنهم منه وله ولكن للعداء لمن فيه والعربدة على أهله وتنفيس الأحقاد في حقهم متقاسمين أدواراً قذرة في السيطرة على كل مفاصل الحكم والقرار فيه.

ولكي لا ابتعد كثيراً في تشخيص حالة من المفترض أنها جاءت لتبرهن على أنها تحمل معها فكرة المضي في طريق الإنتصار ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن واصبح السلوك يبرهن بشكل جلي وواضح وبدون شك بأنها تحولت بطريقة درامتيكية ومفضوحة لبث الهزيمة فكانت النتيجة وطن مقسم - لم تفرح به أجيال تربت على عشق الوطن - تتقاسمه المناصب والمنافع والطامحين من أصحاب الياقات المأجورة والمدفوعة الثمن فأصبحت ثقافة التسول هي العنوان!!!.

وهنا لا بد من العودة لدور الرئيس عباس لإختصار المشوار، حيث أننا لو أخذنا بعين الإعتبار تأثير البيئة الدولية والإقليمية في دفعه للمقدمة بعد فترة لم تكن يسيرة من عمر شعب كان متعطشاً لأن يعيش حراً من تغول الفساد ومن براثن الإحتلال ، حيث أنه كان يتبنى في ظاهر نهجه فكرة بناء المؤسسات ، وذلك للوصول إلى مركز القرار الفلسطيني على الرغم من التردد الشديد للراحل الختيار الذي لم يكن مرتاحاً لذلك وكان يتوجس خيفةً لأنه كان يعلم حقيقة الرجال الذين رافقوه طوال فترة النضال مما ترتب على ذلك خلاف عميق بينهما وكان الخطاب الدولي العام يصب لصالح هذا الخيار حيث أنه كان مركزا حول نفوذ التدخل في تحديد المسيرة وتحديد القرار بمن يقبل أن يكون في هذا الإطار ومن سيكون على رأس سلطة كان يحلم شعبها بأن تأتي له برئيس حر صاحب قرار ليحقق له الحلم بحكم المؤسسات والتحلل من الفساد وجلب الرخاء والإزدهار، ولكنها مشيئة الأقدار جاءت له برئيس حسب ما رسمته دول النفوذ لتحوله إلى شعب مغلوب على أمره أنهكته الحروب والحصار والإنقسام فأصبح يتسول أحلامه بعد مصادرة إرادته وبعد أن أصبح مقيداً عاجزاً عن تحقيق أمال أبنائه بمستقبل أمن وذلك بفعل أدوات سلطة قهرته وأذلته وعمقت الفجوة بينها وبينه بدون أي رادع أو أي إعتبار.

بإختصار وبعد أن بدأت اللجنة الرباعية في هذه الأيام بالهرولة لتهدئة شعب إنتفض ورفض الخضوع لنظرية المهانة والإذلال، السؤال الأن هو هل الرئيس محمود عباس ما زال هو العنوان الذي يملك القرار؟!، وإن لم يكن كذلك ، هل بدأت مرحلة ما بعد الرئيس عباس فعلياً ولذلك يتوجب البحث عن العنوان الذي يستطيع أن يحقق السلام ويجلب لشعبه الرخاء والإزدهار من خلال إنتخابات تفرز رئيساً للكل الفلسطيني يعتمد في نهجه نظرية الوحدة الوطنية لتأمين بقائه خلال فترة تحمله مسؤولية القضية لكي يستطيع ترسيخ مبدأ التعايش بين شعوب المنطقة بأمن وأمان وسلام ؟! ، أم أن المطلوب هو إشعال المزيد من النيران من خلال إستكمال نهج اثبت فشله وكانت أهم مقومات بقائه هو الظلم والإذلال ونهب مقومات شعب و ترسيخ الإنقسام بين ابنائه والتشرذم الوطني وخلق بيئة لترعرع التطرف الفكري حيث كانت أهم سمات نتائج فترة حكمه هي ثلاثة حروب دامية وقاسية جداً على جزء من الوطن لا تتحملها دول قائمة وبإمكانيات ضخمة ، لا بل جاء بحصار شرس هدم منظومة إجتماعية كان أهم ما يميزها أنها منظومة محافظة وذلك من خلال الحرمان وإغلاق البيوت العامرة وسياسة التهميش والتمييز والإقصاء والقمع ومصادرة الحريات !!!، وما الذي يمكن أن يجلبه هذا الخيار أكثر مما جلبه من ضياع وفقدان للأمل ودمار إن كان الهدف المنشود الظاهر هو جلب السلام في المنطقة لترسيخ نموذج من الرخاء والإزدهار تحت مظلة الحاجة لتنفيذ نموذج التعايش بين الشعوب بأمن وأمان وسلام؟!!، فهل هذه نماذج ممكن أن تجلب سلام؟!!! .

والأن وبإختصار أيضاً، وبعد اليقين بأن الرحيل قد إقترب ومن بعده سنكون أمام مرحلة سيغيب معها نهج مستورد تأثر بالتناثر بين أحضان عدة أنظمة شاخت وأصبحت تعاني من مشاكل وتحديات وصراع من أجل البقاء والحفاظ على الوجود، فهل إقتنع راسمي هذه الحالة بأن هؤلاء ليسوا هم العنوان وبأن أهلها أدرى بشعابها وهم الأحق بإدارتها، وبأنهم الأجدر بصناعة السلام بينهم وبين جيرانهم وبأن الحالة تحتاج إلى وعي وإدراك بمتطلبات وحاجة مجتمع لعدالة مجتمعية ودعم الأدوات المؤهلة التي ستحكمها والتي لابد أن تكون تتمتع بروح إيجابية تؤمن بمظلة الإحتواء الوطنية وأن تكون على قدر من المسؤولية، لتتقاسم أدواراً في بناء وطن يرسخ إستقرارا يعود بالفائدة على منطقة بأكملها وليس على فرق جائعة تعودت على إفتراس كل شئ في طريقها فأغلقت طريق الامل بأن هناك غدٍ أفضل !!! ، لذلك نعم لابد من دراسة ملحة بخصوص السؤال الأهم في هذه المرحلة وهو إلى أين ستذهب بشعبنا الحالة بعد الرئيس عباس الذي لم يعد يمثل إلا حالة عابرة في صفحات تاريخ شعب لم تكن للأسف بمجملها ناصعة ولكنه شعب حي لا زال مصراً على أن يعيش كباقي الشعوب بكرامة ويتطلع للحرية والإستقلال في وطن يستحق أن يكون له في جغرافيا الأمم مكان ويرفض أن يبقى أسيراً لأدوات متسلطة لا تعرف فيما بينها إلا المصالح ولا زالت تبيعه الأوهام !!!!....