خبر : مأزق الرئيس عباس بين ضرورات الرحيل أو الاستمرار بنهج الترحيل !!! ...زهير الشاعر

الأحد 27 سبتمبر 2015 08:46 ص / بتوقيت القدس +2GMT
مأزق الرئيس عباس بين ضرورات الرحيل أو الاستمرار بنهج الترحيل !!! ...زهير الشاعر




ساد الحديث مؤخراً عن مفاجأة ثقيلة سيعتمدها الرئيس محمود عباس في خطابه يوم الثلاثين من الشهر الحالي (سبتمبر 2015) والتي وصفها بالقنبلة ، وبعد مرور عدة أيام على هذا الحديث بدأت تتكشف أمور كثيرة أهمهما بأن الرئيس عباس بات واضحاً أنه يعتمد في أسلوبه السياسي طريقة حرق الحدث قبل حدوثه للفت النظر إليه وإعطائه زخم حتى لو كان بسيطاً وبذلك إستطاع أن ينجح على مدى عشر سنوات كانت مليئة بالمفاجأت التي صور للجميع بأنها إنجازات من الناحية النظرية على المستوى الدولي والإقليمي حتى وصل الأمر ببابا الفاتيكان أن يصفه مؤخراً بأنه حمامة السلام في إشارة قاطعة على أن الرجل يتمتع بمصداقية وربما إعجاب بأسلوب الأكشن السياسي الذي يتبعه، ولكن إن أخذنا بعين الإعتبار أن الرئيس عباس وصل في عمره ما يزيد عن الثمانين عاماً وأصبح واضحاً بأن طاقته لم تعد كما كانت في السنوات الماضية وإتضح ذلك جلياً في كلمته التي ألقاها بوجود الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان وذلك خلال إفتتاحية المسجد الكبير في العاصمة الروسية موسكو، حيث أنه تلعثم عدة مرات خلال قراءة الأية القرأنية التي ذكرها في كلمته ولم يتمكن من قراءتها كما ينبغى ، وكان واضحاً أنه لم يكن ذاك الرجل الذي عهدناه في السنوات الماضية صلب الإرادة والعزيمة بل بدا عليه علامات التعب والإحباط والعبوس وكأنه كان يقول بأنه مدرك جيداً بأن لكل أجل كتاب وأجل المرحلة التي يقودها قد إقترب في ظل إداركه أكثر من غيره أن بداية حراك الشارع وصل لمستوى مقلق حيث بدأ يعلو صوت الشباب بطريقة غير مسبوقة بالتعبير عن غضبهم وتذمرمهم من السياسة الباهتة التي يعتمدها والتي كانت نتيجتها ولا تزال تصب في صالح المنتفعين والمتنفذين بعيداً عن ألام وأوجاع أبناء شعبه ، لذلك وددت اليوم تسليط الضوء على حقائق تتعلق بالمأزق الذي يعيشه الرئيس محمود عباس والذي وضعه بين حقيقة حتمية الرحيل أو الإستمرار في نهج الترحيل :
أولاً : لو بدأنا بما كتبه مؤخراً الكاتب الصحفي والمذيع التونسي المعروف محمد كريشان في مقالة له صدرت مؤخراً تحت عنوان حيرة " ابو مازن" تطرق فيها إلى مفاصل تحليلية إبتدأها بملخص دقيق للحالة عندما قال "إذا كان الرئيس محمود عباس لا يعتزم لا تفكيك السلطة الفلسطينية… ولا إلغاء اتفاق أوسلو.. ولا الوقف النهائي والواضح للتنسيق الأمني… ولا «إعادة المفاتيح» لإسرائيل حتى تتحمل مرة أخرى مسؤوليتها كقوة احتلال سافرة، إذا لم يكن «أبو مازن» يعتزم الإقدام على أي من هذه الخطوات، كما نقل عنه في جلسات تطمين لدبلوماسيين أوروبيين ، فأي «قنبلة» هذه التي سيرمي بها في خطابه المنتظر في الجمعية العامة للأمم المتحدة كما قال هو بعظمة لسانه؟" ......وهنا يتساءل الجميع ماهي القنبلة التي سيلقي بها الرئيس أبو مازن ليطمئن شعبه بأنه لا زال لديه خيارات تعطيه قوة أمام هذه التحديات، هذا السؤال أصبح حال الشارع الفلسطيني بعد أن فرغها من مضمونها في إشارة واضحة تعطي إنعكاساً للحالة التي وصل إليها الجميع من النظر بالشك والريبة للخطوات التي يعلنها الرئيس عباس في مثل هذا الوقت من كل عام مما جعل مصداقية خطواته محل إختبار كبير بعد أن كان يتحدث بنغمة عالية الثقة وقوية وبسقف عالٍ من المطالب تأتي نتيجتها دائماً نظرية بلا تطبيقات عملية وجميعها كان يخضع للتلاعب بالصياغة وقوة الجاذبية، وهذا أفقدها بريقها مع مرور الزمن الذي بدأ الناس فيه يبحثون عن الحقيقة، وأن إعطاء أمال تتبين لاحقاً بأنها لا تجلب حلولاً خلاقة ولا عملية تبين لاحقاً بأنها ليس عملاً أخلاقياً مضموناً بل محفوفا بالمخاطر، وبالتالي هذا ما بدأنا نشاهده من ردات الفعل الشعبية التي بدأت تتصاعدت وتيرتها بالإنتقاد والرفض للنهج القائم الذي يرون فيه أنه جلب لهم المأسي والألام والأوجاع وافقدهم الأمل في أن هناك ضوء قريب في الأفق سيرمم الامهم ويعوضهم عن سنوات فقدوا فيها أجمل أيام شبابهم وأحلامهم وتطلعاتهم وهم ينتظرون وهم لم يأتي بعد، مما جعل لديهم الرغبة بالدفع بإتجاه ضرورة الرحيل.
ثانياً : لو أخذنا بعين الإعتبار أن العلاقة بين الرئيس عباس والرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي إستقبله إستقبال أسطوري في قصره الجديد لم تعد بنفس مستوى الدفئ الذي لاحظناه سابقاً حيث أن الرئيس عباس لم يزر تركيا خلال الأشهر الماضية التي إعتاد زيارتها بإستمرار، وأن الأخير له علاقات إستراتيجية متصاعدة مع الخصم للرئيس عباس إن جاز التعبير وهي حركة حماس الفلسطينية بل كان يرعى ترسيخ هدنة بينها وبين إسرائيل والتي إعتمدت بدورها في الفترة الأخيرة تحدي الرئيس محمود عباس من خلال اسلوب تخوينه والمطالبة برحيله والتشكيك بشرعيته وتصعيد لهجة الهجوم الإعلامي ضده لا بل وصل الحد للمطالبة بمحاكمته من خلال تحميله مسؤولية الإنقسام وكل ما يتعلق بمعاناة أهل غزة، ومع ذلك لا زالت تحظى بالرعاية والمساندة التركية الكبيرة والمتصاعدة، بالرغم من ذلك يحرص الرئيس عباس على علاقته بتركيا لأن ذلك لربما يعطيه مجالاً للعب على الحبال للإحتواء وللإستمرار في فكرة الترحيل .
ثالثاً : إجتماع خصوم الرئيس عباس في بيروت مؤخراً والذي ضم قيادات من تيار القيادي الفتحاوي الخصم الشرس للرئيس عباس عضو المجلس التشريعي محمد دحلان ، على رأسها القيادي الفتحاوي سمير المشهرواي وقيادات من حركة حماس على رأسها عضو مكتبها السياسي د. موسى ابو مرزوق حيث تشير بعض المصادر المطلعة والتقارير الإعلامية إلى أنه تم خلال الإجتماع التوافق حول ألية حماية مخيم عين الحلوة والحفاظ على حصتهم من نفوذ قوي على حساب ما يحاول الرئيس عباس الحفاظ عليه من النفوذ هناك.
كما يبدو أنه تم التوافق على أن يقف الجميع في وجه ما سموه مؤامرة إنعقاد المجلس الوطني لإنتخاب لجنة تنفيذية جديدة على المقاس وضمن المواصفات المطلوبة للمرحلة المتبقية وإستطاعوا بالفعل أن يشكلوا قوة ضاغطة بالمشاركة مع قوى إقليمية معنية بالشأن الفلسطيني وبموافقة أمريكية لإفشال ما كان يريده الرئيس عباس قبل ذهابه إلى الأمم المتحدة وذلك من خلال تأجيل موعد إنعقاد المجلس لمدة ثلاثة أشهر كمخرج من المأزق ولكن الحقيقة تقول أن هناك أكثر ذلك وهو لحين التوافق حول ألية تضمن مشاركة الجميع، وبالتالي أبطلوا ما كان يصبوا إليه الرئيس عباس بالرغم من أن ذلك جاء على حساب الهدنة التي كانت متوقعة بين غزة وإسرائيل، وهذا سيتبين جلياً وواضحاً بعد العودة من رحلة نيويورك ونتائج الخطاب المنتظر الذي أشار إلى أنه سيلقي فيه قنبلة لربما تتلخص في الطلب من المجتمع الدولي أن يعترفوا بفلسطين كدولة مستقلة والإعلان عن إستعداده للذهاب لإلقاء خطاب السلام في الكنيست الإسرائيلي إن لم يعلن عن دولة فلسطين تحت الإحتلال كمحاولة أخيرة ومستميتة كإخراج للمشهد في إطار بروباجندا إعلامية يصور فيها أن هناك حشر لإسرائيل في الزاوية للقبول بسلام يريده أن يوصف بسلام الشجعان ومن خلال تسليط الضوء بصرامة على معاناة الشعب الفلسطيني التي بات يعرفها ويشهدها العالم كل يوم ، يداعب من خلالها مشاعر ابناء شعبه مما يكسبه تعاطفاً من قبلهم معه وبالتالي قلب الموزاين لصالح شعبيته ويؤجل بذلك ما يواجهه من شبح الرحيل.
رابعا : العراقيل التي تواجه عقد المؤتمر السابع لحركة فتح والصراعات القائمة والمحاصصة والحشد الذي يتم كل عام لإلهاء كودارها ومن ثم يأتي الخبر اليقين بالتأجيل في إشارة واضحة عن العجز وعدم القدرة على عقده أو إمكانية تطعيم القيادة القائمة بالأشخاص المرتبطين بنفس المصلحة والطامحين للقفز إلى مقدمة الصفوف الفتحاوية القيادية وهم في الأساس ليسوا لهم علاقة بفتح إلا من خلال التطفل عليها كالكثيرين في زمن التسلق الذي تعيشه القضية الفلسطينية وذلك خدمةً للنهج القائم والحفاظ على إستمراريته بغض النظر عن التوافق حوله من عدمه والإيمان بقدرته على الصمود أمام العواصف التي تواجهه أم لا ، مما يعني أن هناك مأزق بين ضرورة الرحيل أو الإستمرار في نهج الترحيل.
خامسا : لو نظرنا بحيادية وبتجرد إلى نتائج إستطلاعات الرأي الأخيرة والتي سجلت تراجعاً حاداً وغير مسبوق في شعبية الرئيس عباس في الشارع الفلسطيني، نستنتج من ذلك أن مرحلته بدأت تمر عملياً بمنعطف ليس عادياً ويندفع بإتجاه ضرورة الرحيل .
أخيراً ، كل ما سبق يشير إلى أن الرئيس عباس ليس بحال جيد يطمئنه بأن كل شئ على ما يرام بل هناك ما يشير بأن طريقه في الفترة القادمة لن تكون مفروشة بالورود لا بل هو دخل الطريق الأشد وعورة في تحدي مرحلته ومتطلباتها ، وإن عدنا للوراء بعض الوقت وتذكرنا موقف السيدة هيلاري كلينتون التي رحبت فيه بإستقالة الرئيس عباس عندما لوح بها سابقاً وقالت أن الولايات المتحدة الأمريكية لن تقف في وجه من يريد أن يخرج من المشهد السياسي الفلسطيني ولن تتمسك بأحد ، والموقف الحازم والصارم لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري والذي أدى إلى تأجيل إنعقاد المجلس الوطني، ومن ثم لو لاحظنا بالمقابل أن ملك الأردن لم يستقبل الرئيس عباس خلال الأشهر الستة الأخيرة إلا مرة واحدة مؤخراً كانت تحمل رسالة تحذير من اللعب بموضوع المجلس الوطني أو موضوع القدس بعد إنفضاح أمر الإجتماع الذي تم بين شخصيات فلسطينية نافذة وشخصيات إسرائيلية، كما أن جمهورية مصر العربية لم تكن بعيدة بموقفها عن هذا المضمون حيث أنه يبدو أنها لم تكن مرتاحة أو متوافقة مع خطوات أحادية الجانب كان سيتخذها الرئيس عباس مثل خطوة إنعقاد المجلس الوطني بمن حضر لإنتخاب لجنة تنفيذية خارج التوافق الوطني، ولو راقبنا الموقف السعودي الذي لم يعد دافئاً كما كان، حيث أنه لم تستقبل المملكة العربية السعودية الرئيس عباس منذ تولي الملك سليمان مقاليد الحكم إلا مرة واحدة، كانت بروتوكولية فقط تخص كبار الزوار ووفي مناسبة تقبل العزاء بخادم الحرمين الراحل الملك عبدالله، كما أنه يمكن إغفال أن عدد الأصدقاء الدوليين والإقليمين بدأ يتقلص وفي حالة إنتظار لما بعد مرحلة الرئيس عباس وهذا كان واضحاً في الخسارة الدبلوماسية خلال التصويت لصالح رفع العلم في الأمم المتحدة ، مما يشير إلى أنه لم يتبقى سوى بوابة روسيا وفرنسا ولربما تركيا مفتوحة بشكل دافئ في سياق مصالحهم الإقليمية، وعلى ما يبدو أيضاً أن بوابات العالم العربي لم تعد مفتوحة ومشرعة كما كانت سابقاً وغيرها كثير من بوابات العواصم الغربية في إشارة واضحة على أن الرئيس عباس يعيش مرحلة مأزق حقيقية بين ضرورة الرحيل أو الإستمرار بالإلتفاف على الواقع من خلال فكرة نهج الترحيل !، وهنا يتساءل الكثيرين ، هل حان الوقت للشعب الفلسطيني أن يتخذ القرار بالدفع بإتجاه الرحيل أم الإستمرام بالإنسجام مع الواقع القائم تماشياً مع الوهم المترتب على سلوكيات نهج الترحيل وإلى متى؟!!!.
تنويه 1 : كان لافتاً إستعانة الرئيس الفلسطيني محمود عباس في كلمته خلال حفل إفتتاح الجامع الكبير في العاصمة الروسية موسكو بأيات قرأنية تتعلق بالرزق ، حيث يتساءل الكثيرين عن الحكمة من ذلك عند الأخذ بعين الإعتبار أن مرحلته هي الأكثر شراسة وقساوة بالمساس بأرزاق الناس وقطعها وإستخدام لقمة عيشهم كسيف مسلط على رقابهم، وهذا يتنافى مع مفهوم الأيات القرأنية التي تم الإستعانة بها.
تنويه 2 : يتساءل الكثيرين حول طبيعة زيارة الرئيس عباس إلى موسكو تزامناً مع زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، هل كانت زيارة للتوافق من تحت الطاولة حول بروباجندا الإخراج لسيناريو القنبلة المزعومة من خلال الحصول على إخراج سيناريو خطاب السلام في الكنيست الإسرائيلي كطوق نجاة أخير قبل الإضطرار لإتخاذ قرار الرحيل والإستمرار عوضاً عن ذلك في نهج الترحيل أم أنها زيارة من باب الصدفة بسبب تزامن المواعيد؟!!..... لربما خيال واسع ولكنه تساؤل مشروع!.