خبر : "صفعة أميركية جديدة" لبعض العرب في الملف السوري! ..حسن عصفور

السبت 19 سبتمبر 2015 11:21 ص / بتوقيت القدس +2GMT



لم تنته بعد آثار "الصفعة المدوية" التي وجهتها الادارة الامريكية لبعض دول عربية، كانت تعتقد، بغير وجه حق، ان الولايات المتحدة وادارتها تشكل "حليفا موثوقا"، بحيث وضعت "بيضها" بكل ألوانه في سلتها، فجاءت "صفعة النووي"، لتعلن ان "المصالح الأميركية" وحدها دون غيرها هي سيدة الزمان والمكان، ومن لا ير تلك الحقيقة، فهو "اعمى بعيون أمريكية"، كما لخص الشاعر الفلسطيني احمد دحبور مشهد الأمة زمن معركة بيروت الكبرى عام 1982..

الصفعة الأميركية لبعض دول عربية بعد "الاتفاق النووي"، ليس لكون الذي حدث كان خطأ أو خطيئة، كما ذهبت أوساط واسعة في تلك الدول، بل لأنها لم تفكر في صياغة أسس العلاقات وفق المبدأ الأميركي" المصلحة أولا"، وليس وفق المنطق العشائري الذي يتحكم في بعض أركان  استراتيجية دول عربية، بان المسألة عبارة عن "كلمة شرف"..لتكتشف أن "شرف أمريكا كعود الثقاب"..

ورغم الصفعة التي هزت بعضا من أركان حكم ومؤسسات، إلا أن "الصحوة" لم تحضر بما يكفي، رغم حدوث "نتوءات سياسية آنية"، تم التعبير عنها في بعض خطوات بفتح قنوات اتصال أوسع مع روسيا الاتحادية في مجالات لم تكن قبل الاتفاق ممكن ان تكون..

لكن الأساس استمر كما كان، وكانت لقاءات بعض مسوؤلي أنظمة الخليج في واشنطن وزيارات لاحقة مظهرا لأن مسار العلاقات مع الولايات المتحدة لم يصب بعطب، يمكن أن يحدث "نقلة نوعية" في إطار رؤية جديدة، تشكل قفزة لتصويب اساس العلاقات العربية مع الدول الكبرى في إطار "رؤية إقليمية قائمة على الجديد السياسي"..

ولأن البعض العربي، لم يدرك بعد أن هناك تغييرا حقيقيا في "التوازن الدولي"، سياسيا - عسكريا واقتصاديا، لم ير ابعاد التطورات في "المسألة السورية"، وأن المسار يتجه الى البحث عن "تسوية سياسية تأخذ حقائق الواقع القائم"، بعيدا عن الأمنيات الشخصية والرغبات الخاصة، استمر ذلك "البعض" في اعتبار أن "رحيل الرئيس السوري بشار الاسد" هو مفتاح الحل للمسألة برمتها، وتصاعدت لغة التهديد والوعيد من بعض دول واطراف عربية دون ادراك لما يحدث من تغييرات "جوهرية" في مسار الأزمة السورية..

بدأت حركة "الانسحاب من تحالف رحيل الاسد" مفتاحا للحل من خلال تصريحات أطلقها وزير الخارجية الأسباني، بانه لا يمكن حل الأزمة السورية دون وجود الأسد، وتلاحقت تصريحات وزراء غربيين، النمسا، المانيا، ثم بريطانيا وهي التي لا تنطق بعيدا عن "الهوى الأمريكي"، اتفقوا على ذات النغمة السياسية الجديدة، انه يستحيل محاربة "داعش" وهزيمتها دون التنسيق مع سوريا الدولة، وأن اي تسوية ستأخذ بعين الاعتبار وجود الرئيس بشار الأسد لفترة انتقالية..

ورغم تلك الاشارات الواضحة جدا، والتي نتجت عن عناصر مختلفة، ابرزها تطور الموقف الروسي الصريح جدا، بأنه موسكو "لن تسمح بسقوط الدولة السورية"، وأنها تدعم الرئيس الأسد، وسبق ان دعا الرئيس بوتين منذ زمن بضرورة تشكيل "تحالف دولي ضد الارهاب" بمشاركة سورية وسعودية وتركيا، ولكن البعض العربي استخف بالدعوة - النداء، وأصرعلى البقاء في دائرة "أعمى بعيون أمريكية"..

ووصل الأمر بوزير خارجية تركيا، أن يعلن انه بلده تتفق كليا مع روسيا في المسألة السورية، وتركيا كانت البلد التي تعمل ليل نهار وبكل السبل لاسقاط سوريا الدولة والنظام، علها تخطف بعض من أراض عربية لبناء وهم خلافة "ذهب مع الثورة المصرية المجيدة في 30 يونيو"، ولكن بعض العرب وكتابهم واعلامهم أصر على انها "عنزة ولو طارت" - رحيل الاسد شرطا -..

وجاءت الصفعة الكبرى من حيث لم يحتسبون، وبعد ايام قليلة من انتهاء زيارة الملك السعودي سلمان لواشنطن وصدور بيان يؤكد على أن "لا مكان للأسد في سوريا المستقبل"، من وزير الخارجية الأميركي، الذي كسر كل "قواعد البروتوكول" ليحتفي بالملك سلمان، الذي أعلنها صريحة جدا، وبلا أي لبس أو غموض ومن لندن، انه " "وصلنا جميعا لقناعة.. هذا الصراع طال لأكثر مما يجب. ومن ثم نحن نحتاج لاكتساب مهارات جديدة وتقييم الوضع ..تركيزنا لا يزال منصبا على تدمير داعش وكذلك على التوصل لتسوية سياسية بخصوص سوريا وهي تسوية نعتقد أنها لا يمكن تحقيقها في ظل وجود الأسد لفترة طويلة".

أي أن "تسوية في ظل وجود الأسد لفترة انتقالية"، ذلك ما أصبح الهدف الأمريكي راهنا، رغم الصراخ والعويل واللطم والبكاء ليل نهاء من "فريق رحيل الاسد هو الحل"..

ألم يكن أكثر نفعا وجدوى، لو أن بعض أطراف عربية قبلت بما بدأ من "تواصل مصري - اماراتي" مع روسيا لوضع أسس "تسوية سياسية للمسألة السورية"، يكون الحضور العربي هو سيد القول ومفصله، ما الذي سيكون بعد "الحسم الأميركي ولن نقول الانقلاب ترضية لجماعة الاخوان المسلمين"، هل ستبدأ تلك الأطراف بالهرولة والتراجع غير المنظم لتبدو في مظهر مخجل ومهين لها قبل غيرها، ام تعود بلا "كبرياء فارغ"، الى مسار التسوية الذي انطلقت بوادره قبل اشهر، وكان أن يحقق "اختراقا تاريخيا" لولا دور قطري - تركي لعب على وتر التوتر السوري – السعودي، خاصة بعد أن كشفت أطراف عن اللقاء بين رئيس جهاز الأمن القومي السوري على المملوك وقيادات سعودية..

بلا تأخير أو عند سياسي بلا فائدة، لا بد من انضمام العربية السعودية مجددا الى خلية البحث عن "تسوية سياسية في سوريا مع بقاء الرئيس السوري بشار الاسد انتقاليا مشروطا ضمن صلاحيات متفق عليها"، وقبل فوات الآوان، وكي لا تخسر مرتين في زمن قصير..خلية مصر الامارات وروسيا هل المنقذ للحفاظ على كرامة لن يكون لها مكان لو لم يدرك البعض ان "الحل قادم وبلا رحيل الأسد"، بل قد تكون سببا لرحيل آخرين غيره..

الدروس السياسية لن تنتهي بعد من حقيقة "الحسم الأميركي في سوريا" والتراجع غير المنظم، قد تكون مفتاحا لتغييرات استراتيجية في المنطقة، ومنها قضية فلسطين والصراع على ارضها ومقدساتها، لو أحسنت القيادة الرسمية - السياسية قراءة التطورات..افتراضا انها تقوم بعملية مراجعة للتطورات!..