خبر : جحـــــــــا .. في منظمة التحرير .. محمد يوسف الوحيدي

الثلاثاء 15 سبتمبر 2015 04:12 م / بتوقيت القدس +2GMT
جحـــــــــا .. في منظمة التحرير .. محمد يوسف الوحيدي




يروى عن جحا أنه مرَّ به مجموعة من البؤساء والأطفال فتكاثروا حوله وأزعجوه فأراد التخلص منهم وإبعادهم عن طريقه ففكر كثيرا إلى أن انقدح فكرة و تفتق ذهنه عن فكرة ظن أنها فكرة ذكية تمكنه من التهرب منهم و التخلص من المشكل الذي وقع فيه ،، فما كان منه إلا أن أقنعهم بأن يذهبوا الى بيت فلان حيث فيه عرسا وبما أن العرس له وقع خاص في النفوس خصوصا لدى الأطفال ، و السذج ، و الجوعى ، و فاقدي البهجة ، و الباحثين عن الأمل و الفرحة ، والحصول على حلوى العرس وهداياه فهرع ، و البؤساء فرحا نحو ذاك البيت يتسابقون علّهم يحصلون على ما يرغبون في اللحظات الاولى شعر جحا بأنه انتصر على ثلة البؤساء و مجموعات الاطفال بذكائه و سياسته و أوهامه التي ساقها إليهم ولكن هذا الشعور لم يدم ، فتجربته المراهقة ، و خبرته السطحية ، و تفكيره الضحل الأهوج ظهر على حقيقته وخاطب نفسه: "لعل تخميني صحيح ؟؟ لعلي لا أنطق عن الهوى و أني من كثرة صلاحي ، رفعت عن مستوى الناس و السوقة ، فاصبحت أرى ما لا يرون ، عل الأمر صحيح أن هناك عرس!! لقد ذهب هؤلاء الرعاع و البؤساء و الأطفال إلى ذلك البيت وسيحصلون على الحلوى ويمرحون في ذاك الجو البهيج، ولن أحصل على شيء "
فلملم أطراف ثوبه ، و سابق الريح ، و البؤساء إلى العرس المزعوم الذي أوجده بخياله لعله هو الآخر ينال نصيبا من الطعام و الحلو و الفرحة .
قفز جحا إلى ذاكرتي ، و أنا أتابع تعليقات بعض متحدثي و محللي ، و منافقي و أذناب ، المتحكمين ، الذين وصفوا ما حدث في رفح مؤخرا ، من خروج عشوائي ، و تظاهرات تطالب بالنور بعد الظلام ، تطالب بالبصر بعد ضياع البصيرة ، تطالب بالهواء بعد الإختناق ، أن ما يحدث ، دبر بليل ، و كان مقصودا ، حتى أن بعضهم إخترع قصة غريبة عجيبة ، ، تشبه قصص أمنا الغولة و أبو رجل مسلوخة ، في إزدراء و إهانة دامغة ،لأدمغة وعقول ، بل لإنسانية المتلقين من قراء و مشاهدين ، أو مستمعين ، من ابناء الشعب ، و أخذته الجلالة و هو يمارس فنون التدجيل إلى التأكيد على أن رئيسنا إتفق مع رئيس مصر ، في زيارته الأخيرة ، و وضع فلان بالإتفاق مع علان على قطع السولار و إغلاق الحدود ، و أخذ جحا يتحسس راسه من فوق و شمالا و فوقا و يمنيا ، بحثا عن أذنه .. و سيل من التلبيس و التدليس ، بغير حياء و لا شئ من الخجل ، بل إن بعضهم ، أخذ سطرا مما قاله السفير القطري الزائر ، ليحوله إلى حديث سفيه حائر ، و كذب أشر .. و ياليت الأمر توقف عند بعضهم ، بل إن أدوات إعلامهم ، و ألسنتهم و شاشاتهم ، إعتمدت الطريقة الجوبلزية ، بابشع صورها ، و أعتقد أننا نتذكر قول الألماني جوزيف جوبلز مسئول الإعلام الألماني النازي : «اكذب، اكذب، ثم اكذب حتى يصدقك الناس»، ويبدو أن إعلامهم ، بشكل جلي وواضح ، و بطاقة قوية و متعوب عليها ، لا يزال يحمل الشعار- المبدأ نفسه، ويظن أنه أذكى من جميع الناس فيروج لهم ما يحبون أن يستمعوا إليه من حديث، و يشاهدوه من صور ، حتى وإن حدث بعدها ما هو عكس ذلك تماماً. و لديهم من الصفاقة ، و قلة الحياء ما يجعلهم بكل سهولة التراجع عن مواقفهم و تغيير توجهاتهم في لحظات إن تبدلت المعطيات ، و تغيرت الأجواء ..و على العموم ..كل هذا متوقع من أناس ظلوا بثقلهم و تلبيسهم و خداعهم يمارسون كل أنواع التنويم المغناطيسي و الكذب ، على مدى سنوات عجاف مضت .
لكن ما يعجب له المراقب ، هو موقف البعض ، الذين يحالون الإمساك بالعصى من المنتصف ، و كأنهم الأذكى و الأنبه ، و الأكثر ديبلوماسية ، عن طريق تحميل الذنب للمذنب و لمن لا ذنب له ، وهو نوع من أنواع " حفظ خط الرجعه " ، و أن كلكم سواء ، و نحن غاضبون عليكم جميعا ، بنفس القدر .. هذا السلوك ، هو في حقيقته كارثي ، و كفيل بأن يجهض أي تعبير صادق ، و تحرك عفوي ، ليخرجه من العفوية إلى الدجل و ليقضي على نفسه بنفسه .. فالحق واضح ، و بيّن ، و السئ واضح بين .. و الفرق بينهما كبير .. هؤلاء ، هم جحا في حالته الثانية ، جحا الذي صدق كذبه ،جحا الذي ظهر في غزة ، و جرى وراء سراب هو إخترعه ، و يظنون أنهم المهتدون ..فموقف الفصائل من أزمة الكهرباء لم يكن واضح بالشكل المطلوب ، و إتسم بكثير من المهادنة ، و الماصالحية على حساب المصلحة الأهم وهي مصلحة الناس ، الشعب الذي يتغنون بأنهم خدام أحلامه و آماله ، الشعب الذي يؤكدون في كل شاردة وواردة أنهم يفتدونه بأرواحهم ، و يكدسون السلاح و المال ، و يسافرون و يجتمعون ، و يعقدون المؤتمرات من أجله .. هذه الفصائل لم تلتقط الخيط ، لم تغتنم الفرصة ، لتقول كلمة الفصل و الحق ، لتطالب ليس فقط بوضع اللوم على المذنب ، و الطرف الذي يتاجر بآهات و عذابات الشعب من أجل مصلحته ، و مصلحته هو و فقط ، لا يعنيه كم قتيل و مريض و مسافر و غارق و يائس و بائس ، ولا يعنيه أننا بتنا ننقاش و نحارب من أجل الأكل و السولار و نصطف طوابير على المعابر المغلقة ، بسبب تصرفات جعلت القريب يمجنا قبل الغريب ، بعد أن كان عندنا على الأقل كل ما يحاولون أن يوهمونا أنه تحقيق إنتصار و بلوغ أمل ، بعد أن كانت قضيتنا كيف نحل إشكال القدس و نعيد اللاجئين ، بسبب سياساته و تصرفاته الأنانية الحزبية النفعية ، هذه الفصائل ، الوطنية ، لم تعبر بوطنية عن الحاجة إلى المحاسبة ، و المعاقبة ، و الإصطفاف إلى جانب الحق ، في وجه الفئة الباغية ، حتى تفئ إلى أمر الله ، الذي أرهقتنا و أشبعتنا على مدى سنوات ، أنها صاحبة الحق المطلق ، و الإحتكاري للشرع و الشريعة و الشرعية ، و ربما الشعيرية أيضا ، و أنها هي و هي فقط من تصلي و تصوم و تعرف طريق الهداية ..لم تلتقط الفصائل الوطنية اللحظة الوطنية التاريخية ، لتصلح منظمة التحرير بالفعل ، و هي تنتمي إليها و هي التي تطالب بتفعيلها ، فعلوها بموقف ، فعلوها بفعل و ليس " بمحاصصة " فعلوها بأنفسكم أنتم ، فعلوها بالحقيقة ، و ليس بسراب و أوهام حجا ، لا تكونوا جحا في منظمة التحرير أنتم ايضا .. قولوا .. كفى !