قامت الدنيا ، ولم تقعد ، مقالات ، و إطراءات ، و جلد للذات العربية ، و مقارنة بين مدى إنسانية السيدة ميركل ، ووحشية الزعماء و القادة العرب ، بين رقة أحاسيس و إنسانية الشعب الألماني الصديق الذي أصبح في ليلة و ضحاها شعب شقيق ، و إمتلات صحف التواصل الإجتماعي بصور الشعب الراقي الإنساني و هو يستقبل قوافل المهاجرين العرب و خاصة السوريين ، المساكين ، الفارين من بطش النظام ، كما يحلو للبعض أن يفسر المشهد، أو من تخلف داعش و إرهاب المسلحين كما يراها البعض الآخر ، أو من عواقب الثورة التافهة العميلة و تسببها في ضياع و دمار العباد و البلاد كما يراها مجموع آخر من المحللين و المتابعين و المنبهرين ..
و أنا أتابع منذ أيام هذه " الحالة" .. و أعجب .. و أتساءل بدوري أيضا .. ربما هو منطق " المؤامرة " الذي نمى و ترعرع في نفسي ووجداني ، كأي مواطن عربي آخر ، عاش سني حياته في ظل صعود و هبوط ، و سياسات و حروب ، ولجوء و هروب ،و مؤامرت و مؤتمرات ، و ثورات و إنقلابات ، و تدخلات و قصف بالصواريخ و الطائرات ، حتى أصبحت نظرية المؤامرة إحدى أهم أبجديات سلوكياته ، بل و وعيه و طريقة إستقباله للأحداث من حولة ، فنحن كما قال مظفر النواب : قتلتنا الردة أن الواحد فينا يحمل في الداخل ضده .. أو كما شخَّصَ نزار قباني مرضنا حين قال : فنحنُ شعوبٌ من الجاهلية. ونحنُ التقلّبُ.. نحنُ التذبذبُ.. والباطنية.. نُبايعُ أربابنا في الصباح.. ونأكلُهم حينَ تأتي ألعشيه..
عموما ، إرتكازا مني على ما وهبتني الظروف التي عشتها ، و إنطلاقا من التركيبة النفسية التي شوهتها أيادِ صهيونية ، و غربية أوروبية، و أمريكية ، طوال حياتي .. و حياتكم إلا من أراد أن يكابر و يدعي عكس ما أدعيه ..
نظرت إلى صورة ميركل ، و صورة العرب الزاحفين إلى ألمانيا و غيرها من دول أوروبا ، بشكل مختلف ، رايتهم ، عبيداً ، ينزلون إلى ضفاف العالم الجديد ، و يقف رعاة البقر ، هم هم ، بذات الأوصاف و الملامح ، بإبتسامتهم الصفراء ، و قبعاتهم و هندامهم و بشرتهم البيضاء المُوَرّدَة بفعل النبيذ الأحمر .. ينظرون إلى " الهوام و العبيد" الآتين إليهم من وراء البحار ، و يفكرون في كيفية إستعمالهم ، و حشرهم في طاحونة الإنتاج ..
فألمانيا يا أعزائي ، هي ذاتها ألمانيا التي يرفض معظم سكانها التحدث بغير لغتهم مع الأجنبي، يعتزون بقوميتهم ، بالطبع أنا هنا لن أقف لأحاسب الجيل الحالي عن الجرائم العنصرية التي إرتكبها آباؤهم و أجدادهم ، و لكني أشير إلى أن الواقع الآن ، يؤكد مدى إعتزازهم بعرقهم الجرماني ، أو الآري ، و لغتهم و ثقافتهم التي لا ينكرها إلا مبالغ أو متغطرس..
و أي مطلع على ملفات الشرطة و القضاء في ألمانيا يستطيع بسهولة الحصول على أرقام مهولة لأعداد الجرائم و الإعتداءات ضد الأتراك في ألمانيا ( على سبيل المثال ) أو ما يسمى بجرائم الكراهية القومية ، أو العنصرية ، تماما كما هو الحال في أمريكا منارة الديمقراطية فوق كوكب الأرض.. إلا من ذابت هويته ، و عقيدته ، و إختلط دمه بدماء الجيرمان أو الأنجلو ساكسون، فهو أقرب إلى النجاة و القبول و العيش الهانئ ..
إذن ما سبب هذه ( الفورة العاطفية الألمانية ) ؟ و هذه الإنسانية التي تكاد تنافس ( الملائكة ) في السمو و الطهر ؟؟ هل هي حقيقية ؟ أم هي قناع ، ألبسته عقول مفكرة و مدبرة ؟ و ساقت إليه جموع الشعب الألماني بروح ( القطيع) ليشكلوا تظاهرة تغطي ما وراء الأكمة من تفكير مادي ، نفعي ، بحت ؟؟ تغطي في الوقت ذاته حاجة المانيا إلى عبيد جدد – عبيد الشنجن ، تماما كالعبيد الذين ساقهم رعاة البقر ليملأوا صحارى أمريكا ، الذين تم إصطيادهم و أسرهم من أفريقيا و أستراليا و ما وراء المحيطات و تكبيلهم و شحنهم بالبواخر ، ولكن هذه المرة ، عبيد العرب ، عبيد الشنجن يأتون طوعا ، بأرجلهم ، و يُستقبلون بالورود و الإبتسامات بل و الدموع و التعاطف ، ليملأوا فراغ بلاد الغرب ، أسقاعها ووديانها و جبالها الفارغة ، و المتآكلة ، و شعب يُحييْ موات أمم آيلة للسقوط ، بل للفناء ؟ أعرف أنني في كل ما سبق إستخدمت تعبيرات قوية ، ولكني أؤكد ، أنني لا أحمل أي ضغينة أو عنصرية أو بغض لا لألمانيا كدولة و لا لشعبها و لا لي دولة غربية أو شعب أوروبي ..
ولكني أحاول هنا أن أفهم .. و أُفهم ( بضم الهمزة) من يريد أن يفهم ، أحاول أن أقف في موقع آخر ، يُمكنني من مشاهدة الصورة ببعد جديد ، و تعالوا نفكر بمنطق و نحلل بالعقل و بهدوء ..
تقول ويكيبيديا أن ألمانيا (بالألمانية: Deutschland - دويتشلاند) (بالإنجليزية: Germany) هي جمهورية اتحادية ديموقراطية، وعضو في الاتحاد الأوروبي اسمها الكامل : جمهورية ألمانيا الاتحادية (بالألمانية: Bundesrepublik Deutschland - بوندسـريبّوبليك دويتشلاند).
تبلغ مساحة ألمانيا: 357.021 كلم مربع ويبلغ عدد سكانها 81,751,602 نسمة وهي تعتبر الدولة الأكثر عدداً وكثافة بالسكان في دول الإتحاد الأوروبي وهي أيضاً ثالث أكبر دولة من حيث عدد المهاجرين إليها .
كل ما سبق جميل ، و لكن تعالوا نغوص أكثر في تركيبة المجتمع الألماني ، الشعب .. فتميز التطور السكاني (الديمغرافي) في ألمانيا بمعدل ولادات منخفض، يعني ، ليس ليدهم مواليد ، ليشكلوا شعب ، ليرثوا كل هذه الحضارة و التقدم ، و الحقائق العلمية و البحوث تقول أن معدل الولادات في ألمانيا منذ عام 1975 عند مولود واحد لكل امرأة. الأمر الذي يعني أن جيل الأطفال خلال 35 سنة الأخيرة يقل بمقدار الثلث عن جيل البالغين.
كما أن التقدم في الرعاية الصحية ، و بمشيئة الله تعالى ، إدت إلى ارتفاع متوسط الأعمار، فقد وصل هذا المتوسط إلى 77 عاما بالنسبة للرجال و82 بالنسبة للسيدات. اتجاه المجتمع نحو الشيخوخة ، جعله مجتمع ( عجوز ) ، متهالك ، يسير بخطى ثابته نحو ( الفناء) ...و يعتبر هذا واحدا من أهم التحديات التي تواجهها السياسة الاجتماعية، والسياسات المتعلقة بالأسرة ، و بالقطع سيؤثر لاحقا على كل مناحي الحياة ، من إقتصاد و إنتاج و أمن .. إلخ ..
ولهذا السبب يتم أيضا منذ بعض الوقت إصلاح نظام التقاعد: في ظل التطورات الديمغرافية حيث يصبح الحفاظ على "عقد الأجيال" التقليدي (حول تمويل صناديق الشيخوخة والتقاعد) وديمومته أكثر صعوبة باستمرار، كما تزداد مصاعب تمويله،فالدولة تدفع مرتبات ، و تقدم دعم و رعاية صحية و إعفاء ضريبي و غيرها لشعب غالبيته متقاعد ، كبير أو مريض و عجوز ، و هذا يؤثر سلبا على معدلات الدخل للدولة ، بين ما تجني و ما تصرف ، وتظهر الحاجة إلى تدعيم هذا التمويل عن طريق أشكال مختلفة من التأمين الخاص. وفي ذات الوقت يتم اتخاذ وتطبيق تدابير مختلفة في إطار سياسات الأسرة بغية التشجيع على الإنجاب، منها على سبيل المثال رفع مبلغ التعويض العائلي عن الأطفال، أو التوسع في بناء دور الحضانة وأماكن رعاية الأطفال ، يعني يحثون رجالهم أن يكونوا ( رجالا ) و لا حياة لمن تنادي .. يدفعون لهم عن كل طفل ، ولا حياة لمن تنادي .. نسبة المثليين في إزدياد ، ولم يعد هنا طريق أمام ألمانيا إلا إستجلاب ، أو إستيراد ( شعب) ، صغير السن ، قادر على الإنجاب ( و نحن العرب ما شاء الله علينا ) ، لذلك لا نستغرب أن المانيا و فورا ، أعلنت أنها سمنج المواطنة ( الجنسية ) لأكثر من مليون لاجئ و مهاجر حتى الآن إضافة للملايين هناك اساسا ، و أمريكا ايضا ، و عدد كبير من الدول الأوروبية ، و السؤال الذي يطرح نفسه ، علما بأنني لا أعرف كيف لسؤال أن يطرح نفسه من تلقاء نفسه ، دون طارح ، دعكم من فذلكاتي و خفة ظلي ، و ركزوا فيما أريد أن أسأل ..
بعد أن يختل الميزان الديموغرافي في وطننا العربي ، تخيلوا معي العراق و سوريا و ليبيا و فلسطين و اليمن و لصومال و السودان و غيرها ..و بعد أن يشبع الغرب من دمائنا و أشلائنا ، و تصبح بلادنا خاوية على عروشها ، أثر من بعدعين ، و بعد أن تمتلئ بيوتهم و مصانعهم و شركاتهم و حقولهم بشبابنا و بناتنا .. على ماذا سنتقاتل نحن العرب ، و على اي نظم سننقلب و نثور ، و أي نفط سنبيع ،؟؟ من سيملأ فراغ الوطن ؟؟


