خبر : كيف سلمنا رقابنا لإسرائيل ..! أكرم عطاالله

الثلاثاء 08 سبتمبر 2015 05:06 م / بتوقيت القدس +2GMT
كيف سلمنا رقابنا لإسرائيل ..! أكرم عطاالله




هذا هو سؤال اللحظة التاريخية التي ينبغي الإجابة عليه .. إجابة ليس هدفها قراءة تجربة ربع القرن الأخير من العلاقة الملتبسة مع الإسرائيلي ، قراءة ليست سردية للتاريخ بهدث توثيقه بل لاستخلاص العبر و التفكير وذلك لإعادة البحث عن الأدوات وممكنات القوة القادرة على إعادة قطار الصراع إلى مساره .. إعادة صياغة البرنامج الممكن بعيدا عن الشعارات الكبرى أو الأوهام الكبرى .. وإعادة بناء المؤسسة بما يحقق ذلك .
لم نعد قادرين على التهديد حتى ، فقد جردتنا إسرائيل من ذلك التهديد بخطوة كوقف التنسيق الأمني يقابله تهديد بخنق وحصار وشعب وانهياره فلا تصاريح ولا حوالات مالية ولا تحويلات طبية ولا تصاريح استيراد أو بناء ولا شيء سوى العدم فالإسرائيلي يقبض على أشد الأماكن الحساسة لدينا وليس لنا سوى الصراخ فماذا نفعل أمام ذلك ؟ هو سؤال اللحظة للخروج من عنق الزجاجة التي وضعتنا إسرائيل بها أو وضعنا أنفسنا داخلها وهي معادلة على درجة من الخطورة التي تعني تجريدنا من كل عوامل الضغط على إسرائيل و تلك مقايضة خساسرة لم تعد مقبولة وليس هناك أدنى شك بأنها لا تذهب بنا نحو أي استقلال . التهديد بتوقف التنسيق الأمني كان يجب أن يتم التلويح به منذ سنوات مع العلم أن وقفه يعني نهاية السلطة حيث أن روح الاتفاقيات هو التنسيق الأمني ، لكن عندما تم الاتفاق عليه قبل به الرئيس عرفات ليكون عنصر داعم للمفاوضات ومسهل للمفاوضات وحتى لا يقوم أي من معارضي الجانبين بأي عمل يحرض الرأي العام ضد ها ويمنع أي من وفود الطرفين من الاستمرار وقد برز معارضون كثر في حينه هددوا بنسف الاتفاق مثل العمليات التي تمت بعد إنشاء السلطة من الفلسطينيين أو قتل رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق صاحب خيار التسوية والذي غامر بالتوقيع على أوسلو إسحق رابين الذي اغتاله المتطرف إيفال عامير . الآن توقفت المفاوضات فلماذا التنسيق سؤال منطقي ولكنه ساذج قياسا بإقامة السلطة ومن يعتقد أنه يمكن وقف التنسيق مع بقاء السلطة فهو مخطيء إذن نحن أمام مرحلة جديدة كليا حين يتوقف التنسيق الأمني يعني هدم المعبد على رأس الجميع فهل نقترب من هذه اللحظة وهل أن مسار الأحداث ذاهب بإرادة أو دون إرادة الجميع .. بإرادة الإسرائيلي ودون إرادة الفلسطيني بذلك الاتجاه ؟ يمكن قول ذلك فإسرائيل لم تبق متسع للسلطة للعمل وهي تقوم بتجريدها من كل صلاحياتها ومصدر هيبتها كالتصاريح والتنسيق إذ تقوم الإدارة المدنية بشكل مباشر بالتواصل مع المؤسسات والبلديات ، باختصار جردت سمكة السلطة التي كان يجب أن يتم تسميتها وتحويلها لدولة من لحمها ولم يبق غير عمودها الفقري . الأسوأ أن القيادة الفلسطينية بصدد عقد المجلس الوطني الفلسطيني وهو برلمان منظمة التحرير في رام الله أي في منطقة تحت سيطرة الاحتلال وفي هذا خطأ كبير فالقرارات التي ستتخذ بلا شك ستتأثر بالجغرافيا وأجواءها السياسية في ذلك هبوط كبير لسقف ما يمكن أن يتخذ فإذا كانت السلطة تمثل الفلسطينيين في الداخل فإن المنظمة تمثل كل الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده إذ يشكل الفلسطينيين في الضفة وغزة أقلية حوالي ثلث الشعب الفلسطيني فهل يعقل لكل هذه الأسباب عقد المجلس الوطني في الداخل ولماذا لا يعقد في عمان متحررا من سيف الإسرائيلي المسلط على كل الفلسطينيين في الضفة وغزة والقدس . إذن نحن في مأزق كبير جدا وربما الأخطر منذ انطلاق الثورة الفلسطينية منتصف ستينات القرن الماضي .. الضفة يأكلها الاستيطان والفراغ السياسي وغياب الفعل والؤية وغزة يأكلها الجوع والحصار وبرنامج العبث والأزمات المتراكمة وليس لدينا سوى بقايا أحلام أو أوهام لدى الجانبين في الضفة وغزة يردها الناطقون والمسئولون في القوى والفصائل بلا برنامج أو ببرنامج متواضع استطاع أصحابه أن يقنعوا أنفسهم مؤيديهم بأنه قادر على الوصول للاستقلال لكن الحقيقة أن كلاهما سلم رقابنا للإسرائيلي ولم يبق لنا سوى التفاوض على الحاجات الإنسانية في الضفة وغزة وفي المقابل علينا أن نقدم له التنسيق الأمني في الضفة والهدنة في غزة أي الأمن مقابل الغذاء . لذا ينبغي البحث عن برنامج قادر على كسر هذه المعادلة حتى لو أدى الأمر لحل السلطتين في غزة والضفة وقلب الطاولة في وجه الإسرائيلي ليكون مسئولا عن الحاجات الأساسية والإنسانية ولسنا مضطرين لدفع ثمن ذلك .. برنامج موحد قادر على التخلص من هذا الابتزاز فالمعادلة الموجودة تشكل قيدا على استمرار الكفاح ضد إسرائيل ولا تذهب بنا نحو طموحاتنا الوطنية وبدل أن تهددنا إسرائيل نحن من يجب أن يقوم بتهديدها .. نحن بحاجة إلى البحث عن برنامج يحررنا من سيطرة اسرائيل لا إعادة تركيب المؤسسة على نفس البرامج ففي ذلك مضيعة للوقت ..!
Atallah.akram@hotmail.com