لا ندري كيف ومتى نجح الشاب محمد ابو عاصي في اختيار هذا الاسم العبقري "روتس الغلابة" لبسطته المتواضعة على شاطئ غزة طمعا واملا في بضع شواقل يقتات منها هو واسرته المطحونة التي تنتظر عودته بفارغ الصبر مساء بحصيلة الدم والعرق والدموع في غزة المقهورة والمحاصرة؟.
"ابو عاصي " بغض النظر عن الحدث الاليم والمستنكر والذي اسفر عن ارساله الى غرفة العناية المركزة هو تعبير عن ازمة جيل حاصرته غزة بفقرها وحلمها المحطم على اجندة الساسة والصلف الاسرائيلي المجنون والذي فاق كل حدود المنطق والعقل.
والذي لا يعرف من خارج فلسطين كهن الحكاية فان كلمة "روتس" هي تعبير مكاني عن فندق ومقهى جديد على شاطئ بحر غزة يرتاده علية القوم ممن افاء الله عليهم بنعمه قبل الحصار والحروب وما بينهما وما بعدهما ضمن التحولات الاجتماعية والتاريخية في غزة والتي عملت على اندثار فئات اجتماعية وبروز اخرى اجادت استغلال اللحظة التاريخية التي ولدها الانقسام الفلسطيني البغيض.
ولذلك فان التسمية العبقرية "روتس الغلابة" هي تعبير قهري للجموع الفقيرة الجائعة الى لحظة فرح على بعد مئات الامتار من "الروتس الحقيقي"،يقدم من خلالها بطلنا ابو عاصي للمسحوقين والمساكين حلفاء النبي "محمد"والمحشورين معه يوم الدين بعضا من المتعة بعيدا عن ابهة المكان والزمان وليتقاسم الطرفان همهما وشواقلهما القليلة برضى قدري لا تجده الا في غزة.
"ابو عاصي" وبسطته تحولا الى ميلودراما غزية فلسطينية غطت على مجمل روايات الساسة وما تنتجه النخب من دوائر الفراغ واللامعقول فيما شكلت الحادثة مناسبة ثمينة للتفريغ النفسي والسياسي المستمر منذ سنوات ولكن ما يميز الحدث وتفاعيله هو التوحد المجتمعي الفلسطيني في نقد الحادث ومساندة النفس "الضحية" لان ابو عاصي مثل الغير مدرك في وعي كل منا والذي نحاوره كل يوم دون جدوى.
وحسنا فعلت وزارة الحكم المحلي بتشكيل لجنة تحقيق في قضية "روتس الغلابة" اّملين الا تكون الخطوة لامتصاص الغضب والنقمة الجماهيرية بل للوصول الى حلول ابداعية لـ"العواصي" المنتشرين في كل انحاء القطاع .
وقبل ان تجتاحنا هموم "عاص" جديد فاننا نعتقد جازمين بان "محمد ابو عاصي" والذي يمثل مئات الالاف منا يحتاج الان الى زيارة من السيد ابو العبد "اسماعيل هنية" وتليفون من السيد الرئيس يهدئان فيه روعنا وقهرنا وحزننا على ما فات وما هو قادم.
والله من وراء القصد


