خبر : محمد علان وفلسفة المواجهة ...بقلم د. وليد القططي

الخميس 20 أغسطس 2015 03:19 م / بتوقيت القدس +2GMT
محمد علان وفلسفة المواجهة ...بقلم د. وليد القططي




حتى كتابة هذا المقال من غير المعروف أن كان الأسير المجاهد محمد علان المُعتقل إدارياً في سجون الاحتلال الصهيوني قد تناول الطعام أم لم يتناوله , بعد أن قررت المحكمة الصهيونية تعليق أو تجميد اعتقاله إدارياً , وهو قرار غريب غير مسبوق كمخرج مؤقت لسلطة الاحتلال يُعفيها من النتائج السلبية المُتوقع حدوثها فيما لو استشهد محمد علان أثناء اعتقاله إدارياً , خاصة بعد تهديد سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي بإنهاء التهدئة وضرب المستوطنات الصهيونية بالصواريخ إذا استشهد علان في السجن .
ولكن المعروف يقيناً أن محمد علان قد انتصر على جلاديه وقهر سجانيه ودك مسماراً آخراً في نعش الاعتقال الاداري , ووضع الاحتلال وأساليبه القمعية في قفص الاتهام مجدداً , وسطّر صفحة جديدة ناصعة من صفحات النضال الفلسطيني , وأضاف نجمة ساطعة أخرى في سماء الحركة الوطنية الأسيرة , وقدّم نموذجاً مشرقاً لنهج المقاومة الذي يؤمن به كنهج فعّال لنيل الحرية , وأعطى مثالاً حياً لخيار الجهاد الذي ينتمي إليه كخيار ناجح لانتزاع الحقوق , واثبت مجدداً أن الجوع يقهر بطش السجّان والألم ينتصر على سوط الجلاّد .
والمعروف يقيناً أيضاً أن محمد علان قد أدرك بإيمانه ووعيه وثوريته السر الكامن في فلسفة المواجهة ضد الاحتلال الصهيوني , والذي يُعتبر مصدر القوة فيها , هذه الفلسفة المستندة إلى نهج الجهاد والاستشهاد , وطريق المقاومة والنضال , خيار الأمة العقائدي والتاريخي في التصدي لأعدائها ومواجهة أعداء الإنسانية , وأن هذا الخيار رغم تكلفته العالية وثمنه الباهظ وصعوبته البالغة أفضل بكثير من نار الذل والهوان الذي ستلاقيه الأمة فيما لو تخلّت عن الجهاد وأدارت ظهرها للمقاومة , فما ترك قومٌ الجهاد إلاّ ذُلوا , وما ركن شعبٌ إلى ظالميه ومحتليه إلاّ مسته نار الهوان .
وعلم أيضاً أن النصر صبر ساعة يحتاج إلى صدق الرجال وعزيمة الأحرار وإصرار الثوار , وان اضرابه عن الطعام ليس إلقاء بالنفس إلى التهلكة – كما يقول بعض المرجفين – بل هو ارتقاء بالنفس إلى النجاة والعُلا , وأن جوعه وألمه نوع من المقاومة والجهاد , بل أرقى صورهما لنيل الحرية وانتزاع الحقوق , وأن من يموت أثناء ذلك يموت شهيداً , كما أفتى بذلك الشيخ محمد حسين مفتي القدس وفلسطين وغيره من العلماء , وان من يقعد عن الجهاد ويستسلم لمشيئة الاحتلال هو الذي يُلقي بنفسه إلى التهلكة ويزج بشعبه إلى مهاوي الردى .
وفهم أيضاً أن فلسفة المجاهدين الاستشهاديين هي التي صنعت انتصاراتنا وقوتنا ومجدنا , وصعدت بالأمة إلى قمة الحضارة والتقدم , وأن فلسفة المُخلّفين القاعدين هي التي صنعت هزائمنا وضعفنا وتخلفنا , وهوت بالأمة إلى قاع الحضارة والتقدم , فشتان بين فلسفة الجهاد والاستشهاد وفلسفة القعود والخنوع .
وأخيراً لم يكن محمد علان بدعاً من الثوار الذين سطّروا بجوعهم وألمهم أروع صفحات النضال والجهاد , فقد سبقه الكثير وسيتبعه الكثير من أبطال هذا الشعب المعطاء الولاّد بالعظماء حتى يأذن الله تعالى بالنصر المبين , أما ثوار منتصف الطريق ومنظروا الهزيمة وفلاسفة الاستسلام فلا نامت اعينهم .