منطق غريب يسود بعض الأوساط المثقفة في فلسطين ، نقاشات تحدث في كل لقاء حول الوضع الفلسطيني والمستقبل المنظور للشعب والقضية الفلسطينية ، والكل يجتهد في الطرح والتحليل ، ولا أبالغ إذا قلت أن كل فرد من هؤلاء المثقفين يعتقد انه يملك المفتاح السحري للخروج من كل ازماتنا الحالية الداخلية والخارجية وحتى المرتبطة بالجانب الإسرائيلي ؟
وأصبح الحكم على الأشياء مرتبط بتساؤلات أصبحت محفوظة لدى الجميع ، والجميع يربط المستقبل الفلسطيني بضرورة إنهاء الانقسام ، وهذا الامر مرتبط بالموقف من حركة حماس ،، وهذا يدفعنا للسؤال عن مواقف حركة حماس في الوضع السياسي العام ، وانه لا يمكن التقدم دون التوافق على برنامج سياسي واضح نواجه به المجتمع الدولي ،، هكذا يتم النقاش بين المثقفين والمتابعين ، والاغلبية تعتقد من هنا البداية لنصل الى النهاية المرجوة وتحقيق الانتصار السياسي والدعم الدولي يسبقه الدعم العربي ..
وعند الخوض في تفاصيل النقاش يكون السؤال هل يمكن لحركة مثل حركة حماس ببعدها الأيدلوجي - وما لديها من ارتباطات والتزامات معقدة - ان تستجيب لشروط الرباعية الدولية بشكل مباشر وواضح وصريح دون التباس او غموض او تحايل على المصطلحات ؟؟ ويمتلك البعض الشجاعة ليسأل وهل لديها الاستعداد الكامل للاعتراف بالكيان الإسرائيلي حتى تكون ضمن المنظومة السياسية الفلسطينية الرسمية ؟
وعندما يتوسع النقاش ليشمل الخطوات التي قامت وتقوم بها حركة حماس من حفظ أمن حدود قطاع غزة المحاذية للحدود مع الكيان الإسرائيلي وعندما يعلن قادة حماس بأنهم مع حل الدولتين ومع المفاوضات التي تؤدي الى تحقيق هذا الهدف ، وأنهم مع الاستفتاء الشعبي لاي اتفاق يمكن التوصل اليه ،،، وغير ذلك من المواقف المرنة ،، تجد هؤلاء يشعرون بالراحة ويمدحون بعض مواقف حماس العقلانية بهذا الشأن .
ولكن عندما تنتقل بالنقاش للموقف الإسرائيلي في المقابل وهل هناك اعتراف إسرائيلي أصلا بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967 ،، لا تجد ذات الحماس والقوة في إنكار الموقف الإسرائيلي وتبدأ مرحلة اللف والدوران من باب أننا بحاجة لدعم المجتمع الدولي والخروج من تهمة الإرهاب ويجب التوافق على برنامج سياسي يستجيب للشروط الدولية أولا حتى نحشر إسرائيل في الزاوية ،، وهكذا
وعندما يكون الطرح بأن حركة حماس – على سبيل المثال – تربط أي موقف سياسي لها بموقف الكيان الإسرائيلي سلفا ، وبأن الاعتراف يجب ان يكون متوازنا ويجب عدم تكرار أخطاء الماضي وعدم الذهاب الى مفاوضات بدون الارتكاز على تفاهمات واضحة وصريحة ، وأن المفاوضات هي فقط لوضع آليات تنفيذ قرارات متفق عليها في المؤسسات الشرعية الدولية ،، يكون الاتهام جاهز بعدم الموضوعية واضاعة الفرص وغير ذلك ..
والنتيجة تصبح واضحة عند هؤلاء وهي ان الموضوعية والوطنية مرتبطة بشكل عضوي بالاعتراف بوجود هذا الكيان الإسرائيلي قبل ان يتقدم هذا الكيان بأي موقف حقيقي منسجم مع قرارات الشرعية الدولية .. أليس منطق هذا البعض الذي يدعي الحرص على وحدة الشعب والقضية .. غريب ومريب ... ؟؟؟؟


