كتب يبدو أن الخلاص من ياسر عبد ربه، ومن قبله الدكتور سلام فياض، يندرج في سياق الإجهازعلى”الخصوم”السياسيين للرئيس محمود عباس، لا سيما من الشخصيات السياسية القوية، من خارج حركة فتح، التي تسعى جاهدة كي تبقى الرئاسة بيدها.
فإقالة أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، والرجل القوي في المنظمة، ياسر عبد ربه، لم تكن أمراً مفاجئاً، فقد كان الرجل، وهو أحد أقدم رجال المنظمة وأعضاء لجنتها التنفيذية، متمسكاً ببعض المواقف السياسية، وفي الوقت ذاته، يلقى معارضة قوية، من العديد من أعضاء اللجنة التنفيذية، وخاصة من أبناء حركة فتح والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
خطوة الإقالة أو”الإعفاء من المهام” كان سبقها سحب صلاحيات إدارية ومالية من عبدربه، وكُلّف بها مديرعام الصندوق القومي، الدكتور رمزي خوري، فيما الأحاديث من خلف الكواليس، تقول: ان هذه الخطوة تأتي تأكيداً لأنباء سابقة، تنم عن رغبة الرئيس أبومازن بـ”تصفية”عبدربه سياسياً، باعتباره كان يمثل موقفاً مخالفاً للرئيس، وخطواته حيال المفاوضات وتشكيل الحكومة، وسبق له أن كلف أحد الاعلاميين المحسوبين على الرئاسة في تلفزيون فلسطين،بفتح النار”إعلامياً”على عبدربه، ما أوحى بأن تصفية عبدربه باتت وشيكة.
هذه الأحاديث، أشارت إلى أن خطوة إعفاء ياسرعبدربه من منصبه القوي، وهو المنصب الذي شغله أبو مازن نفسه، حتى قبل انتخابه رئيساً للجنة التنفيذية للمنظمة، خلفاً للرئيس الراحل أبو عمار، جاءت بعد عدة أيام من مصادرة وحجزأموال مؤسسة فلسطين الغد، التي يرأسها رئيس الوزراء السابق،الدكتور سلام فياض، الذي تقول العديد من الجهات الفلسطينية، أنه يحضر نفسه للانتخابات الرئاسية المقبلة، خلفاً للرئيس عباس، وأن عمل مؤسسته الأهلي، ما هو إلا دعاية انتخابية جماهيرية يجري إعدادها بشكل مسبق.
وما أن انتشر نبأ اقالة عبدربه، حتى ظهرت آراء مختلفة، تبلورت عنها عدة سيناريوهات محتملة، ومنها ما رأى فيه البعض، تصفية لخلاف مع الرئيس عباس، مرجّحين بأن يكون هذا الخلاف نشب مع توجه الرئيس إلى مجلس الأمن،باعتبار أن عبد ربه لم يكن مؤيداً لهذه الخطوة، بل وأسهم في إضعاف موقف الرئيس، في بعض مراكز القرار في العالم، وفق تعبيرهم.
هناك من رأى في الإقالة، فرصة أكبر لتحقيق الوحدة الوطنية والمصالحة مع حركة حماس، فمن جهة يعزز شغور هذا المنصب من إغراءات حماس في العودة عن الانقسام، ومن جهة أخرى فإن عبد ربه كان من أكثر وأشد المنتقدين والمهاجمين لأداء حماس ونهجها.
فريق ثالث، رجح أن يكون الإقدام على هذه الخطوة، تم بالتنسيق مع دول عربية طالبت الرئيس صراحة بهذا الأمر، وسبق لها مطالبته بعدم اصطحاب عبد ربه لأي زيارة لتلك الدول، ما خلق حالة من الفتور في العلاقة مع بعض الدول العربية، هذا إذا ما علمنا أن من بينها دولا داعمة للميزانية العامة للسلطة الفلسطينية.
ومهما كانت الأسباب والدوافع، فإن إعفاء عبد ربه من مهامه، لم يكن الحجر الوحيد، الذي سيحرك الماء الراكد، بقدر ما هو لتداعيات سياسية عدة، يقفز في مقدمتها الإنسداد السياسي، والانقسام، وتعديل الحكومة، والمؤتمر السابع لحركة فتح، ومثلما أحدثت هذه الخطوة حالة من الجدل بالأسباب التي تقف وراءها، فإنه من المرجح أن يكون لنتائجها سيناريوهات متعددة كذلك.
عن الدستور الاردنية


