خبر : اسطول الحرية 3 كانت رحلة باهتة .. بقلم: نظير مجلي

الثلاثاء 07 يوليو 2015 01:58 م / بتوقيت القدس +2GMT




أيام قليلة، وخبا بريق أسطول الحرية. تجربة "مرمرة"، التي بقيت في عناوين الاعلام، لم تتكرر. الأحداث المتراكمة في المنطقة ابتلعت حدث التضامن مع غزة. وباستثناء الانشغال الاسرائيلي والفلسطيني فيها، لم يكن هناك اهتمام. فالأحدث في سوريا والعراق واليمن ثم في مصر طغت عليه. ولم يعد أحد يذكر الأسطول ولا الحصار على القطاع. لكن هذا لم يمنع أصحاب فكرة الأسطول والمشاركين فيه من الاعلان بافتخار عن "وصول الرسالة" و"تحقيق الانتصار".

كالعادة، لدينا سياسيون يصدقون خيالاتهم. ينشغلون ويُشْغِلوننا بالأوهام. ولا من رقيب ولا حسيب. تعالوا نكون صادقين مع أنفسنا. فهل كان هذا أسطول حرية؟ هل ساهم في فك الحصار؟ وهل مشاركة النائب العربي في الرحلة البحرية صبت في صالح الشعب الفلسطيني عموما، والمواطنين الذين انتخبوا النائب غطاس؟

أولا- لم يعد هناك أسطول حرية. هناك قارب صيد واحد انطلق في رحلة دامت أكثر من شهرين، من النرويج ومرت في عدة موانئ أوربية وكما كان متوقعا، لم تصل الى هدفها. على هذا القارب ركب 18 شخصا متضامنين مع قطاع غزة. باستثناء اثنين، هما الرئيس التونسي السابق، المنصف المرزوقي، والنائب العربي في الكنيست، باسل غطاس، يعتبر بقية الركاب من المجموعات الأوروبية الراديكالية. ومع كل الاحترام، فإنها تمثل فئة ضئيلة جدا من القوى السياسية هناك. فغالبية القوى السياسية التي تتعاطف مع قضية الشعب الفلسطيني وتناضل ضد الاحتلال ومن أجل حل الدولتين، لم تشارك في هذا النشاط.

ثانيا- الحديث عن حصار قطاع غزة، يحتاج الى نقاش. صحيح ان هناك حصارا بحريا وجويا على قطاع غزة، ولكن هناك لغة حوار وتواصل مدهشة بين حماس واسرائيل، لا يجوز تجاهلها. قسم من هذا الحوار يدور في غرف مغلقة وبشكل مباشر، في السجون الاسرائيلية (حيث يصل مسؤولون اسرائيليون ويلتقون مع قادة أسرى من حماس) أو في غرف من نوع آخر على معبر ايرز، وقسم منها يدور بشكل غير مباشر في اجتماعات دورية تعقد في تل أبيب واسطنبول والدوحة بوساطة قطرية. وقد تحدث عن هذه العلاقات أحد كبار قادة حماس، الشيخ حسن يوسف، في حديث بالصوت والصورة على التلفزيون الاسرائيلي.

وهناك حوار على شكل آخر يمكن تسميته تعاونا. وقد تحدث عنه رئيس الحكومة الاسرائيلية، بنيامين نتنياهو، علنا ولم تفنده حماس. فقال (يوم 28 حزيران الماضي): "اسرائيل نقلت منذ عملية الجرف الصامد ما يعادل 1.6 مليون طن من المواد إلى غزة، أي ما يزيد عما نقلته أية دولة أخرى. ويعني ذلك تقريباً نقل كمية تعادل طناً من المعدات إلى كل مواطن في غزة، علماً بأن هناك 800 شاحنة تدخل القطاع قادمةً من إسرائيل يومياً".

ثالثا – مشاركة النائب باسل غطاس لم تكن مفيدة، بل كانت مضرة، على أكثر من صعيد:

* لقد غطت على مشاركة شخصية أهم منه، هو المنصف المرزوقي. فهذا الرجل كان رئيسا لتونس. سمعته العالمية طيبة، كونه تعامل مع المعارضة الجماهيرية في بلاده بطريقة حضارية راقية ووافق على تقديم موعد الانتخابات، مع انه انتخب بشكل ديمقراطي، وقبل النتيجة بطريقة ودية مع ان حزبه (حركة النهضة وهي تابعة للإخوان المسلمين) حزبه خرج خاسرا ووافق على الشراكة مع الفائزين بالحكم. الاعلام الذي تناول قصة "الأسطول" ركز على باسل غطاس وتجاهل المرزوقي. ويقال ان المرزوقي قرر العودة مرة أخرى على متن قارب آخر سينطلق من اليونان لنفس الهدف.

* النائب غطاس سافر من دون تشاور مع القائمة المشتركة التي ينتمي اليها. فاجأها. وفي أحاديث مباشرة مع قسم من النواب يتبين ان 11 من مجموع 13 على الأقل لم يكونوا راضين عن هذه المشاركة. ولكنهم "اضطروا" إلى تأييده ببيان صحفي بسبب الهجمة الهوجاء لقوى اليمين التي راحت تهاجمه في الكنيست.

* الفائدة الوحيدة التي تحققت، هي شكلية وللنائب الفرد وحده وليس لجمهوره. فقد أصبح غطاس نجما اعلاميا في اسرائيل وبعض وسائل الاعلام الأخرى. ولكن هذه الشهرة جاءت لتصب في مصلحة المتطرفين في المجتمع الاسرائيلي، الذين تلقفوا هذا النشاط كهدية من السماء ليحرضوا على النواب العرب ويتهموهم بالتعاون مع أعداء اسرائيل. هذه الرحلة، كانت بمثابة غذاء روحي ومادي لهؤلاء المتطرفين، تضيف المزيد من "الجنود" الى "جيشهم". فيستغلونها في حربهم العنصرية ضد العرب وفي معركتهم المهووسة لتخفيض منسوب الديمقراطية في اسرائيل وفي تقويض شرعية النواب العرب.

لقد مرت خمس سنوات على مشاركة النائبة حنين زعبي في أسطول الحرية الأول، ولم يكن صدفة انها لم تشارك هذه المرة. وجاء النائب باسل غطاس ليقلدها. لكن مشاركته جاءت باهتة. وفي وقت وظروف وطريقة غير مناسبة.