خبر : الحقوا «داعش» هاني عوكل

الجمعة 03 يوليو 2015 03:47 م / بتوقيت القدس +2GMT




تعليقات كثيرة تصدر عن الفلسطينيين في كل مكان، تتهكم على إعلان التنظيم المتطرف «داعش» محاربة حركة «حماس» لأنها لا تطبق الشريعة الإسلامية، وينطبق هذا أيضاً على حركة «فتح» التي يتوعدها التنظيم المذكور بالزوال.
الفلسطينيون يتهكمون على هذا الإعلان الداعشي، لأنهم ومنذ سنوات طويلة لم يلمسوا أياً من أنواع الانفراجات، باستثناء مرحلة ولادة السلطة الفلسطينية وانتعاش الاقتصاد الفلسطيني إلى حين انطلاق شرارة الانتفاضة الثانية في أيلول 2000.
«وكأن غزة بحاجة إلى وجود داعش»، هذا ما يلخصه أحد الشباب الذين يردون على مقطع الفيديو الذي صدر عن أحد أفراد التنظيم المتطرف، الذي أقسم بالله أنه قادم إلى قطاع غزة حتى يطبق الشريعة الإسلامية وحتى يقتلع «حماس» وغيرها من جذورهم.
كان الأولى على قيادات «داعش» الذين أعلنوا ما يسمى بدولتهم الإسلامية قبل عام تقريباً، أن يتوعدوا الاحتلال الإسرائيلي الذي لم تطلق عليه رصاصة «داعشية» واحدة منذ ولادة هذا التنظيم المتطرف إلى يومنا هذا.
ماذا فعل «داعش» للعالم العربي، إلا أنه عاث في الأرض فساداً، وعمل لمصلحته حتى يوسع من إمبراطوريته، حتى أنه حارب التنظيمات التي تتقارب معه في الأيديولوجيا المتطرفة في كل من العراق وسورية، واليوم هو يقطع رقاب الناس ويتفنن في قتلهم بذريعة الإسلام والدين.
صحيح أن «حماس» تسيطر على قطاع غزة بقبضة حديدية، لكن لا ينبغي الاستهتار أبداً بإعلان ذلك التنظيم المتطرف عن نيته الزحف إلى قطاع غزة، وتضمنيها في أجندته التي تستهدف بعض الدول العربية، من بينها العراق وسورية.
لماذا علينا أن نأخذ تصريحات قيادات «داعش» على محمل الجد؟ لأننا لم نكن يوماً من الأيام نعتقد أن هناك تنظيما متطرفا سيأتي إلى سورية ويسيطر على مناطق واسعة منها، أو أنه سيزحف إلى العراق، ويعلن عن أهداف إرهابية في عدد من الدول العربية.
من الصعب بالفعل الحصول على معلومات موثوقة حول إمكانيات «داعش» وتمدده، بالرغم من أن هناك تحالفا دوليا أطلقته الولايات المتحدة الأميركية العام الماضي، لمحاربة هذا التنظيم المتطرف، إلا أنه واظب على تمدده ولم يضعف أمام قصف طيران التحالف اليومي على مواقعه ومعاقله في سورية والعراق.
اليوم أكثر ما يركز التنظيم هدفه يتمثل في محاربة التنظيمات التي تنافسه على الزعامة الجغرافية لمناطق نفوذ خاصة بالمعارضة، ومع أنه يأخذ بعين الاعتبار محاربة الأنظمة الحاكمة في كل من سورية والعراق، إلا أنه أيضاً يستفيد ويتغذى على الخلافات الطائفية والسياسية والاقتصادية لمختلف مكونات المجتمعين السوري والعراقي.
وحين نقول إن علينا الانتباه من «داعش»، فإن هذا لا يأتي من فراغ، خصوصاً في ظل حالة اليأس والتدهور الاقتصادي الذي يصيب قطاع غزة في مقتل، بالإضافة إلى أنه سبق وأن ظهرت بعض التنظيمات المتطرفة وأخرى تناصر «داعش» باسم «مناصرو دولة الخلافة الإسلامية».
هناك مثل صارخ على وجود مجموعات تتغزل بـ»داعش» وتشاركه وتناصره أفكاره، إذ نذكر في التاسع عشر من كانون الثاني الماضي، حين خرج حوالي 200 شاب إلى شوارع قطاع غزة، منددين بالرسوم المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، التي عرضتها صحيفة «شارلي ايبدو» الفرنسية.
المسيرة لم تتوقف عند حد التنديد بتلك الصحيفة، وإنما جرى حمل رايات «داعش» السوداء، وهتف الشباب مؤيدين بزعيم التنظيم أبو بكر البغدادي، وهناك عدد منهم يقاتل في صفوف تنظيم «داعش» في كل من العراق وسورية.
إن غزة بما تشهده من غياب للأفق السياسي وتعثر الوضع الاقتصادي، مرشحة بالفعل أن يزداد حالها سوءاً إذا ظلت الأوضاع على ما هي عليه، مع العلم ان هناك آلاف الفلسطينيين يتمنون فتح معبر رفح الحدودي حتى يغادروا القطاع إلى غير رجعة.
هذا التدهور أساسه الانقسام الفلسطيني الذي يزداد انقساماً يوماً بعد يوم، إذ كلما يشعر طرف فلسطيني أنه ضعيف يفكر بالتوجه إلى المصالحة الداخلية، وحينما يقوى عوده ويشتد ظهره، يخلق آلاف العصي ويضعها في دواليب المصالحة حتى تتعثر جهود الوحدة.
ثم إن الناس بصريح العبارة ملت وقرفت وزهقت كل هذا الحرد والاقتتال الداخلي البغيض، وبالتالي فإننا أمام هذه المعضلة الحاصلة في القطاع سنلاحظ وجود شباب يفكر في الهرب، وآخر يفكر في الانضمام إلى مجموعات متطرفة.... إلخ.
إن على كافة الفصائل الفلسطينية حقيقةً أن تستوعب خطورة أن تسوء الأوضاع في قطاع غزة، لأنه من غير المستبعد أن يتحول القطاع إلى كرة نار ملتهبة، وبالتالي فإن الأمر يحتاج إلى معالجة سريعة تستهدف وضع حد لهذا الانقسام اللعين.
«داعش» لم يأت حتى يحارب إسرائيل، بل هو جاء من أجل تمزيق الصف العربي وخلق مجتمع الأضداد، وأفكاره وتحركاته تشهد على مدى كراهيته لجميع الأديان بما فيها المسلمون، فلم يوجد تنظيم كهذا التنظيم يقتل ويذبح الناس بهذا الشكل الشنيع والهمجي.
علينا كفلسطينيين أن نتحصن من «داعش»، ولا يقتضي الأمر باستعداد «حماس» لسن أسنانها، أو اعتبار مقطع الفيديو «الداعشي» كأنه لم يكن. الموضوع بحاجة إلى جهد وطني فصائلي لاستعادة اللحمة الفلسطينية، والعمل الفوري على تخفيف معاناة الفلسطينيين.
أما أن يظل حالنا كما هو الآن، «زعبرة» بين فرقاء النزاع وحكم في غزة وآخر في الضفة، والشعب هو المغلوب على أمره، فإن هذا يشكل واحدة من القضايا التي قد تسهل من وجود «داعش» في قطاع غزة الذي ينحدر مصيره من سيئ إلى أسوأ.
Hokal79@hotmail.com