خبر : امستردام: توأمة مع تل أبيب وتعاون مع رام الله ...يوسف احمد

الإثنين 15 يونيو 2015 05:10 م / بتوقيت القدس +2GMT



أ
 
أعلنت بلدية أمستردام نهاية الأسبوع الماضي نيتها في المضي قدماً في توقيع اتفاقية توأمة مع بلدية تل أبيب, وإن رئيس البلدية “إبرهاد فان دير لان” ونائبته “كازا أولونغرين” سيقومان بزيارة تل أبيب في شهر سبتمبر القادم لإتمام الاجراءات. وبحسب منشورات البلدية نفسها فقد قرر المجلس البلدي إضافة اتفاقية “تعاون” مع بلدية رام الله على مشروعه للتوأمة مع تل أبيب, لتحقيق نوع من التوازن. أي توازن هذا وبلدية أمستردام تعرف أكثر من غيرها أن اتفاقية التعاون هي أقل بكثير من اتفاقية التوأمة. عدا عن الاختلالات الأخرى, خاصة في التعامل بأفضلية مع بلدية تساهم في, بل وتطيل في عمر الاحتلال على حساب بلدية تحت الاحتلال.
 
عودة للوراء بعض الشيئ: فقبل سنتين قدمت منظمة اللوبي الإسرائيلي الأقوى في هولندا والمعروفة اختصاراً تحت اسم “سي دي”, مقترحاً للتوأمة بين أمستردام وتل أبيب. ونوقش المقترح في المجلس البلدي بعد أن تقدم به رسمياً عضو عن الحزب الديمقراطي المسيحي. واعترض فقط الحزب الاشتراكي “إس بي” وإن بحجج ضعيفة. ولكن قام حزب اليسار الأخضر برمي طوق النجاة للأحزاب اليمينية عبر طرح الفكرة “ العبقرية”, ايجاد توازن. فلم تجد بلدية أمستردام إلا مخيم الزعتري للاجئين السوريين في الأردن كمقترح لايجاد التوازن. اعترضت بعض الجهات الهولندية على مخيم الزعتري, فتم الاستعاضة عنه باتفاقية تعاون مع بلدية رام الله. وكان من المقرر توقيع الاتفاقيات خلال الصيف الماضي, الا أنه تم التأجيل بسبب حرب إسرائيل العدوانية على قطاع غزة.
 
أين الفلسطينيون من كل هذا؟ إنهم في موقعين: الأول في موقع من ينسحب عليه المثل القائل “مولد وصاحبه غائب”. فالأمر وحسب علمي لم يُنتبَه اليه فلسطينياً- هولندياً, ومازال الفلسطينيون في هولندا في مرحلة مبايعة مختار لا أحد بحاجة له وفي بلد لا تعترف - لحسن الحظ - بالمخاتير. فلم يتابع أحد هذه المسألة ولم يعترض أو يحتج أحد أو جهة.
 
أما الموقع الثاني فهم في موقع شاهد الزور. فلولا موافقة بلدية رام الله (إقرأ السلطة) على اتفاقية “التعاون” لتعثر على الأقل مشروع التوأمة مع تل أبيب في مرحلة ما من مراحل إقراره. للأسف يلعب طرف فلسطيني مرة أخرى دور “المحلل” في شرعنة و تعزيز علاقات إسرائيل مع الأطراف الدولية في وقت تتزايد فيه الأصوات المؤيدة لمقاطعة إسرائيل وعزلها. فإن كان ذلك بوعي فهي جريمة, وان كان بدون وعي فهي جريمة أيضاً. 
 
تلام أيضاً حركة المقاطعة (بي دي إس) بشكل عام وبشكل خاص في هولندا, رغم ضعفها. اذ لم تقم بتحرك يذكر الا مؤخراً عبر طرح عريضة للتوقيع عليها لرفض الاتفاقية مع تل أبيب. وهو تحرك متأخر جداً وعلى الأرجح لن يغير من قرار بلدية أمستردام في شيئ. وأزيد في لوم حركة المقاطعة, أنه من الواضح أن عقد المؤتمر حول حركة المقاطعة في جامعة أمستردام قبل شهرين وبمشاركة أحد أهم نشطاء تلك الحركة, إنما جاء في إطار التحضير والتبرير لاتفاقية التوأمة مع تل أبيب ولضرب حركة المقاطعة نفسها.
 
لازال هناك بعض الوقت أمامنا للضغط على بلدية أمستردام للتراجع عن اتفاقيتها مع بلدية تل أبيب. ولكن علينا العمل بسرعة وبفاعلية. الخطوة الأولى هي الضغط على بلدية رام الله لإلغاء خططها بالتوقيع على اتفاقية التعاون مع أمستردام. مع تبيان الأسباب وتقديم مقترح للتوأمة من قبل بلدية رام الله وبدون ربطه لا بتل أبيب ولا بغيرها. الخطوة الثانية, يتوجب علينا الضغط على الأحزاب التي دعمت القرار من خلال الأحزاب والمؤسسات الفلسطينية. فرئيس بلدية أمستردام ينتمي لحزب العمل الهولندي (بي فاد دي آه) الذي تربطه علاقة زمالة مع حركة فتح من خلال العضوية في الاشتراكية الدولية. كذلك لأحزاب اليسار الفلسطيني دور لتلعبه وتضغط على أحزاب اليسار المشاركة في المجلس البلدي وخاصة حزب اليسار الأخضر الذي لولا إهماله من قبل الجهات الفلسطينية لما انحرفت بوصلته تجاه تأييد ودعم متزايدين لسياسات إسرائيل.
 
وأيضاً عبر حركة المقاطعة نفسها. ليس عبر الاعتماد فقط على المنظمات الهولندية, فهذه ضعيفة ومحدودة التأثير. بل يتطلب ذلك انخراطاً أوسع وعلى مستوى دولي في حملة قوية تستمر حتى وإن وقعت الاتفاقية. فمدينة ليل البلجيكية أوقفت توأمتها مع صفد حديثاً. ولتشمل الحملة أيضاً مطالبة المدن الهولندية التي لديها اتفاقيات توأمة (خمسة مدن) على وقف العمل بهذه الإتفاقيات.
 
يوسف أحمد
صحفي وكاتب فلسطيني يقيم في هولندا