خبر : الوداع للدولة الفلسطينية المستقلة ..رندة حيدر

السبت 13 يونيو 2015 12:44 م / بتوقيت القدس +2GMT



قد يكون من أهم المآسي الناتجة من تفكك الأنظمة العربية في المنطقة، وتأجج الصراع الشيعي - السني، موت حل الدولتين لشعبين الذي يدعو الى قيام دولة فلسطينية مستقلة الى جانب دولة إسرائيل في مستقبل منظور.

فقد عجّلت الاضطرابات التي تعصف بالمنطقة منذ أربعة اعوام الى حد كبير في دينامية العرقلة الإسرائيلية لهذه الفكرة التي كانت موضع محاربة من اليمين الإسرائيلي منذ وصول بنيامين نتنياهو الى رئاسة الحكومة الإسرائيلية عام 2009، وذلك على رغم خطابه الشهير في جامعة بار إيلان عامذاك والذي تعهد فيه التزام حل الدولتين ملاقياً بذلك الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي كان قد انتخب حديثاً وكانت القاهرة زيارته الأولى للمنطقة حيث اعلن دعمه لحل الدولتين والتزامه تحقيقه خلال ولايته.
لكن احداثاً كثيرة توالت مذذاك، بينها ثلاث عمليات عسكرية إسرائيلية ضد قطاع غزة هي "الرصاص المصبوب" و"عمود السحاب" و"الجرف الصامد" صيف 2014 التي حولت قطاع غزة منطقة منكوبة، وتسببت بمقتل أو جرح الآلاف وتشريد عشرات الآلاف وتدمير احياء باكملها، وجعلت قطاع غزة سجناً حقيقياً يخضع لحصارين إسرائيلي ومصري.
وخلال هذه الفترة ازداد ضعف السلطة الفلسطينية وهزالها، وتراجعت المكانة السياسية لرئيسها محمود عباس. وفي رأي شخصية فلسطينية تعيش في رام الله ان آليات السيطرة والتحكم التي تطبقها إسرائيل في الضفة تجعلها قادرة على التحكم بالحياة اليومية للفلسطينيين وتجعلهم تابعين لها اقتصادياً بصورة كاملة، بحيث نشهد اليوم نشوء جيل فلسطيني جديد يُطلق عليه بتهكم اسم "الجيل المصلحجي" بالمقارنة مع "جيل النكبة" و"جيل الثورة".
في السنوات الاخيرة باتت إسرائيل أكثر يمينية وتطرفاً وعداء للفلسطينين، وأكثر تمسكاً بالوعد الإلهي لليهود بأرض إسرائيل الكاملة، ورفضاً لاي انسحاب محتمل من الاراضي الفلسطينية. وهي تضخم خطر الارهاب الجهادي وتبالغ في تصوير وجود تنظيمات تابعة لـ"داعش" بين الفصائل الفلسطينية لتستبعد أي طرح للدولة الفلسطينية المستقلة التي ستتحول على حدّ زعمها قاعدة للارهاب الجهادي.
لكن المشكلة اليوم لا تنحصر فقط بما تفعله الحكومة اليمينية في إسرائيل فحسب، بل بالضائقة التي يعانيها الفلسطينيون جراء تحول الاهتمام العربي والدولي عن قضيتهم التي كانت في الماضي قضية العرب الاولى.
موت حل الدولتين يطرح تحدياً على الفلسطينيين في الضفة وغزة وفي الشتات الذين هم في حاجة اليوم الى رؤيا جديدة ومشروع وطني يعيد بلورة تطلعاتهم الى وطن مستقل ويحفظ حقوقهم. ومن دون ذلك قد يضيع النضال الطويل الذي خاضه الفلسطينيون سدى كما ضاعت فلسطين.

عن النهار اللبنانيية