القدس المحتلة/سما/أصدر 'برنامج دراسات إسرائيل' في مدى الكرمل- المركز العربي للدراسات الاجتماعيّة التطبيقيّة، في حيفا، ملفًا جديدًا من 'ملفات مدى الكرمل' (رقم 3) بعنوان 'قراءات في الحرب الإسرائيليّة على غزة 2014'، من إعداد امطانس شحادة ونديم روحانا، ويشمل الملف ستة أوراق بحثيّة تتعرّض لجوانب مختلفة من الحرب على غزة وتأثيرها على المجتمع الإسرائيلي.
'اليسار في إسرائيل في ضوء الحرب على غزة'
الورقة الأولى: 'اليسار في إسرائيل في ضوء الحرب على غزة'، وهي من إعداد غادي الغـازي، وهو يدّعي أنّ الحرب على غزة 'كشفت مواطِن ضعف اليسار في إسرائيل بمجمله. وأنَّ تجنُّد اليسار الصِّهيونيّ لدعم الحكومة لم يكن مفاجئًا. والمؤشّر السيّئ للمستقبل هو استعداد أجزاء في اليسار غير الصِّهيونيّ لإعطاء شرعيّة لموقف اليسار الصِّهيونيّ خلال الحرب (إجراء مظاهرات مشتركة ضدّ الحرب بعد أن توقّف القتال، والتنازل في إطار 'مظاهرات سلام' عن مطلب واضح ومشترك برفع الحصار عن غزة). وقد شوّشت مجموعة في اليسار غير الصِّهيونيّ رسائلهم تجاه الحرب. صحيح أنّهم تحدّثوا عن الحاجة الماسّة إلى وقف إطلاق النار، لكنّهم تجاهلوا خلال خطابهم باللغة العبرية السبب المباشر للحرب – الحصار المتواصل على غزة. وبالإضافة لذلك، لم يحاولوا – باللغتين – تحدّي المفهوم السائد لـ'الحملة العسكرية'، والإشارة إلى أنّها تُشَكِّل فصلاً إضافيًّا في حربٍ دائمة على أكبر مخيّم للاجئين في العالم. وعمومًا، اليسار غير الصِّهيونيّ، والعنصر الرئيسيّ فيه- القوى السياسيّة الوطنيّة بين فِلَسطينيّي 48– لم تنجح في التوحُّد وتحدِّي الحكومة والرأي العامّ في إسرائيل من خلال نشاط احتجاجيّ موحَّد ورسائل سياسيّة واضحة.
'العنف الجنسيّ، أجساد النساء والاستعمار الاستيطانيّ الإسرائيليّ'
الورقة الثانية من إعداد نادرة شلهوب-كيفوركيان وسهاد ضاهر-ناشف وسارة الحمود بعنوان 'العنف الجنسيّ، أجساد النساء والاستعمار الاستيطانيّ الإسرائيليّ'، تتناول العنف الجنسيّ واستغلال أجساد النساء الفلسطينيات من قبل المستَعِمر الإسرائيلي. وتدّعي الورقة 'أنّ فهم العنف الجنسيّ واستغلال أجساد النساء كأدوات لمحاربة المستعمَرين ضروريّ جدًّا لفهم البُنية الأوسع للقوة الاستعمارية، الآليات التي تستخدمها لفرض الهيمنة العِرقيّة، والمنطق الذي تعتمده لإبادة الآخر'. وتضيف الكاتبات أنّ 'أجساد النساء الفِلَسطينيّات وجنسانيّتهنّ تُستهدف بشكلٍ مُمَنهَج كجزءٍ من 'منطق الإجلاء'، والإبادة العرقيّة الذي يعتمدها المشروع الاستيطانيّ الاستعماريّ الإسرائيليّ.
'الجرف الصامد والدروع البشريّة'
أما الورقة الثالثة بعنوان 'الجرف الصامد والدروع البشريّة' من إعداد نيف غرودون ونيكولا بيروغيني، تستعرض الكيفيّة التي جرى فيها استخدام المفهوم القانونيّ للدروع البشريّة في حرب غزّة عام 2014. تبدأ الورقة بتعريف مقتضَب للدروع البشريّة بحسب القانون الدوليّ، ثمّ تستعرِض بإيجاز كيف ظهر خطاب الدروع البشريّة في سياق إسرائيل/فلسطين. ومن ثم تقوم بمراجعة الطريقة التي استَخدمت فيها إسرائيل مصطلح 'الدروع البشريّة' في حرب غزّة الأخيرة من خلال تحليل سلسلة من البوسترات (الملصقات) التي نشرها الجيش الإسرائيليّ في حسابه في موقعَي التواصل الاجتماعيّ فيسبوك وتويتر، وكذلك على مدوّنته الإلكترونيّة. ومن قَبيل الاستخلاص، تدّعي الورقة أنّ تعويم عبارة الدرع البشريّ يساعد الأنظمة الليبراليّة على تأسيس شرعيّة وأخلاقيّات قتل المدنيّين، وفي الوقت ذاته يمنح الحصانة لمن قاموا بالقتل الفعليّ.
'علامَ كانت دورة الحرب الأخيرة؟'
ويطرح خيراردو لايبنر في الورقة الرابعة إجابة على سؤال 'علامَ كانت دورة الحرب الأخيرة؟'، ويقول أنّ الحرب الاخيرة على غزة لا تعكِس فقط سياسات القوى الحاكمة اليوم داخل المجتمعَين الإسرائيلي والفلسطيني في غزة، وليست ثمرة لسياسَتَي حكومة نتنياهو اليمينيّة الاستيطانيّة وحركة حماس فقط. ولكن نظرة على تاريخ العلاقات بين إسرائيل وغزة كفيلة أن تبيِّن لنا أن الأمر يتعلّق بمواجهة مستمرّة وثابتة، هي أبعد من نهج هذا القائد السياسيّ أو ذاك ممّن يحكمون في إسرائيل، وأبعد من هذا الحزب الصهيوني الحاكم أو ذاك، كما هي أبعد من مسألة أيٍّ من قوى المقاومة الفلسطينية تسيطِر في هذه المرحلة التاريخيّة بقطاع غزة. ثم إنّ المواجهة المستمرّة هي في الأساس استمرارُ نزفِ جُرحٍ بليغ من جراح نكبة 1948 لم يُشفَ بعد. إنها مواجهة بين دولة صهيونية قامت على النهب والاقتلاع وبين مقاومة المقتلَعين، مقاومة ضحايا إنشائها الرئيسيّين.
'حضور الدين في الحرب على غزة: من تديين الصهيونية إلى تديين الصراع'
أما الورقة الخامسة فهي بعنوان 'حضور الدين في الحرب على غزة: من تديين الصهيونية إلى تديين الصراع' إعداد مهنّد مصطفى. ويدّعي مصطفى أن استحضار الدين في الحرب على غزة بهذه الكثافة، على المستويين الاصطلاحي والتأويلي، يمثِّل ذروة جديدة في صيرورة تديين الصهيونيّة التي انطلقت مع بداية المشروع الصهيونيّ العَلمانيّ الاستعماريّ؛ وذلك لطبيعته القوميّة الإثنيّة الخاصّة، مرورًا بالمرحلة المسيانيّة-الواقعيّة بعد الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية عام 1967، التي تحوّل فيها الخطاب المسيانيّ إلى مشروع سياسيّ على أرض الواقع، مرورًا في هذه المرحلة التي بات فيها الدين وخطابه حضورًا قويًّا في الصهيونية. إن استحضار الدين في الحرب على غزة هو تعبيرٌ عن هذه الصيرورة، وكثافته تعبيرٌ عن اكتمالها، ويفسِّر محاولة امتلاك الصهيونيّة من جديد وتغييرها واحتكارها، ويُساهم في تفسير اليمين الجديد في إسرائيل والتغيُرات الفكريّة والسياسيّة في المجتمع الإسرائيلي.
'تأثيرات الحرب على غزة على المواطنين العرب الفلسطينيّين في إسرائيل'
وتتناول الورقة السادسة، إعداد عاص أطرش، نتائج استطلاع رأي عام لمواقف المجتمع الفلسطيني في إسرائيل حول 'تأثيرات الحرب على غزة على المواطنين العرب الفلسطينيّين في إسرائيل'، أَجْرته 'وحدة استطلاعات الرأي العام' في مركز مدى الكرمل مباشرةً بعد الحرب الأخيرة على غزة.
أما أبرز نتائج الاستطلاع: 57% من مجتمع البحث يرون أن إسرائيل هي التي بدأت بالحرب؛ 81% يروْن أن إسرائيل زادت من ممارستها التدميريّة في الحرب الأخيرة مقارنةً مع الحروب السابقة؛ 72% يرون أن حماس والمقاومة لن تتردد في مواجهة إسرائيل في المستقبل؛ حوالي 50% من المستطلَعين صرّحوا أن قدرتهم على التعبير بصراحة عن موقفهم من العدوان على غزة أمام المجتمع الإسرائيلي هي قليلة أو معدومة؛ أشار 89% من المشاركين في الاستطلاع أنّ الحرب الأخيرة على غزة زادت من التوتر بين العرب واليهود في إسرائيل، كما أشار 86% منهم إلى ازدياد مظاهر العنصريّة ضد العرب أثناء الحرب. وصرّح 60% من المشاركين أن الحكومة الإسرائيليّة أهملت هذه الظاهرة ولم تتدخل فيها.
يرى 57% من مجتمع البحث أنّ إسرائيل هي التي بدأت بالحرب، بينما يرى 18% أن حماس وفصائل المقاومة هي التي بدأت بالحرب. كذلك يشير غالبية المشاركين، 81%، أنّ إسرائيل زادت من ممارستها التدميريّة في هذه الحرب مقارنةً مع الحروب السابقة. وتوافق نسبة عالية، 82% أنه يمكن وصف ممارسات الجيش الإسرائيليّ في غزة بأنها جرائم حرب، وهناك شبه إجماع، 94%، على ضرورة محاكمة المسؤولين عن الحرب. وحول نتائج الحرب صرح 36% أنّ حماس هي التي انتصرت في الحرب الأخيرة، بينما يعتقد 7% أنّ إسرائيل هي التي انتصرت، فيما يعتقد 55% أنه لا يوجد أي منتصرٍ في هذه الحرب.