خبر : أيها الخبراء من تخدعون؟ \ بقلم: ايتان هابر \ يديعوت

الأربعاء 24 ديسمبر 2014 12:04 م / بتوقيت القدس +2GMT



          في هذه اللحظات تماما يجلس عشرات الخبراء، المستشارون الاستراتيجيون والضالعون في "ادارة الازمات"، يحطمون رؤوسهم لمعرفة كيف الوصول الى قلب وعقل الناخب الاسرائيلي. وهم يحصلون على مال طائل مقابل مشوراتهم، وعيونهم منتفخة لنقص النوم، وفي اليوم التالي للانتخابات سيكونون على قناعة بان هم وهم وحدهم من نجح في الانتخابات. فبدون النقطة الحمراء التي طبعوها فوق كلمة "أمن" ما كان الرجل ليصل الى حيث وصل.

          الخبراء في نظر أنفسهم يبحثون عن الاستفزازات أساسا. كيف نقول شيئا استثنائيا، ما الذي نلقي به من الكأس عن المرشح المضاد، بريق اعلامي آخر من ثانيتين في الاخبار التلفزيونية، صورة اخرى في صفحة الثرثرة في الصحيفة. اناس طيبون يهانون في منتصف الطريق نحو مقر الكنيست في القدس.

          مذهل أن نكتشف كم من الناس الطيبين والمستقيمين مستعدون لان يكونوا موضع هزء وسخرية والكذب، حقا الكذب، كي يحظوا بصوت واحد آخر في صندوق الاقتراع. لعدة ايام واحيانا لاسابيع، يصبحون محبوبي الجمهور، يتراكضون في الاسواق، يظهرون في الدوائر المنزلية وغير قادرين على أن يتذكروا أين ولدى من. أعرف شخصيا بعض العلمانين الصرف، ممن سيوافقون على ان يكذبوا على أنفسهم من أجل انجازات في الانتخابات – بل والصلاة في السبت في الكنيس كي يحصل هذا مرة اخرى.

          ذات مرة، قبل سنوات، تراكضت كصحفي في احدى الاسواق التي تعج بالناس مع مرشح برئاسة الوزراء (ليس رابين). كان يصافح الجمهور المنفعل بلا توقف، ولكن ما ان عاد الى سيارته حتى طلب على الفور صابونا سائلا وماءا كي يتخلص من الرائحة وقد ارفق غسل اليدين بآهة "أف" كبيرة.

المستشارون على أنواعهم مقتنعون بانهم يقودون خطوة الانتخابات ويصممون الرأي العام. وتسير وسائل الاعلام أسيرة خلفهم، وتنفخ لهم أناهم: يا له من شعار انتخابي رائع. يا لها من صورة مظفرة، يا له من رد فعل جميل على الحملة المضادة. غير أن هؤلاء المستشارين يعرفون في خفاء قلوبهم حتى لو لم يعترفوا بذلك بان معظم الناخبين ثابتون في مواقفهم ولن يتحركوا عنها يمينا أو يسارا. فبعضهم ولد في بيت يحمل هذه الاراء، ومعها سيموتون. كثيرون آخرون لا يريدون ان يتعمقوا وأن ينشغلوا بالتفاصيل الصغيرة – فهل أحد ما مثلا قرأ ذات مرة بجدية برنامجا حزبيا ما، ولاحظ الفرق بين الكلمات وتطبيقاتها في الحياة السياسية؟

إذن من وماذا يخدع كل اولئك المستشارين الذين ينفخون لنا العقول بشعاراتهم المتكررة؟ اليكم الاجوبة من تجربتي الشخصية: أولا، يخدعون أنفسهم إذ أنهم يربحون مالا طائلا – من أجل النصر، بالطبع؛ ثانيا، المرشحين أنفسهم، ممن يرفضون الاعتراف بقيود قوتهم ويستمتعون بكل ذرة ممالأة؛ ثالثا، أولئك النسبة القليلة الذين تنطلي عليهم مثل هذه الدعاية ولم يقرروا بعد لمن سيصوتون في الصندوق – واحيانا اولئك المترددين الذين "لم يقرروا بعد"، على حد تعبير المستطلعين، يصل عددهم الى اقل من 1 في المئة من عموم المقترعين، واحيانا يصل الى 5 في المئة فأكثر. في تاريخنا القصير هم جعلوا احيانا الفرق الكبير جدا بين حكم اليمين وحكم اليسار: ثلاثة نواب من كتلة "ياحد" المجهولة التي توفيت منذ زمن بعيد، عيزر وايزمن، بنيامين فؤاد بن اليعيزر وشلومو عمار جعلوا في 1984 الفرق بين حكومة اليمين وحكومة اليسار – الوسط.