خبر : زمن الثورة\ بقلم: يوئيل ماركوس \ هآرتس

السبت 13 ديسمبر 2014 01:36 م / بتوقيت القدس +2GMT



       أراد الزعيم الاسطوري دافيد بن غوريون أن يضع نفسه في احدى الحملات الانتخابية في المكان الـ 61 في قائمة حزبه. وذلك لماذا؟ لان نفسه ملت المتآمرين ممن وضعوا العصي في دواليب حكمه. ولماذا 61؟ فهو لم يكن متواضعا، وكان واثقا بانه سيحظى باغلبية مطلقة. ولو لم يقنعوه الا يعمل ذلك لفقد مباي حكمه والرب يعرف الى أن كان التاريخ سيقودنا. في كل الاحوال فانه ترك أثره على اسرائيل وجعلها دولة قوية، رغم انه شخصيا لم ينته في أفضل حال.

          في المكان الثاني، بعده وبعد موشيه شاريت، كانت غولدا مائير، التي قالوا عنها انها الرجل الوحيد في الحكومة. رجل لدرجة أنها أوقعت علينا مصيبة حرب يوم الغفران. وذلك لماذا؟ لانه عندما عرضت علينا أمريكا الانسحاب لعدة كيلومترات عن قناة السويس رفضت. وبمقابلها، فكر وزير الدفاع موشيه دايان عكسها، واعتقد انه طالما جلسنا امام المصريين في القناة، فانهم لن يسعهم الا يشرعوا بحرب. أما غولدا فرفضت، وتراجع دايان. نعم، بهذا القدر كانت قوة غولدا.

المرأة التي اعتبرت رجلا – رجلا، اصبحت بين ليلة وضحاها امرأة – امرأة. عندما اندلعت حرب يوم الغفران ادعت دفاعا عن نفسها بانها كانت محوطة بابطال حرب، جنرالات وخبراء عسكريون. فاذا لم يعرفوا بان مصر ستفاجئنا بضربة فتاكة، فكيف كان بها أن تعرف؟ فهي بالاجمال امرأة ذات نظرة حزينة.

في عصرنا وصلت مارغريت تاتشر الى مكانة المرأة الحديدية في بريطانيا. والمستشارة انجيلا ميركيل تسيطر في اوروبا. فنشوء زعيم أو زعيمة لا يرتبط بجنس المرشح او بمستشاريه. ونحن لن ننشغل مثلا بنفوذ عقيلة بيبي على خطواته الفاشلة. لا تأخذوا منه ما يستحقه. فليس صدفة أنه في عهد حكمه الطويل والمضني طرد أو غادر الليكود بني بيغن، دان مريدور، ميكي ايتان، موشيه كحلون، جدعون ساعر والان ليمور لفنات. بيبي هو رئيس وزراء أسير في ايدي اليمين المتطرف والمستوطنين. ولا غرو أن شعار "فقط الا بيبي" ينال زخم ليس فقط في اوساط جمهور المقترعين، بل وايضا في داخل الليكود نفسه.

الكثيرون قلقون من شد حبل بيبي حيال الادارة الامريكية، ومن تحول اسرائيل لتصبح هدفا للانتقاد والعقوبات من دول اوروبية. فالولاية الحالية لبيبي كانت ضائعة. مدهش أن نرى كيف أن شريكيه، لبيد وبينيت، نكلا به: الاول فعل في المالية وكأنه بيته، والثاني اصبح وزير المستوطنات. قرار بيبي تقديم موعد الانتخابات دل على أنه على شفا فزع. احد لن يدعي بان مناحيم بيغن كان اقل تطرفا من بيبي، ولكن كان له العقل ليعين موشيه دايان وزيرا للخارجية في حكومة الليكود الاولى. لماذا؟ لانه فهم بان صاحب العين الواحدة سيقوده الى تسوية سلمية مع مصر. "ماذا سيكون اذا طالبوا بالقدس؟" سأل دايان بيغن. وكان رد بيغن: "هم سيطالبون ونحن نقول لا". كان يمكن لبيبي أن يستغل حماس تسيبي لفني للوصول الى تسوية. ولكنه خاف من أن تنجح، ولهذا فقد وضع لها العصي في الدواليب، ان لم نقل أهانها.

أصل تسيبي لفني يدل على ولاء لا يقل لبلاد اسرائيل الكاملة. أبوها، ايتان لفني، كان قائد العمليات الرئيس في الايتسل. وللموقع أدناه معلومات مباشرة منها من اليوم الاول الذي دخلت فيه السياسة في أنها تتطلع لان تقود الى تسوية مع الفلسطينيين. اما بيبي فكبل يديها. وانضمامها الى بوجي هرتسوغ هو البشرى الافضل التي جاءت في صحراء السياسة. فحسب استطلاع القناة 10، يتغلب لفني وبوجي على نتنياهو. صحيح بفارق صغير، ولكن هذا الصغير كفيل بان يكون اكبر من المتوقع. لفني أكبر بسنتين من بوجي، ولكن ايضا بدون هذا الفارق يمكنها أن تعمل الى جانبه بصفتها الراشد المسؤول. فاقصاء بيبي عن الحكم هو مصلحة وطنية، والامر في ايدي بوجي وتسيبي. من الافضل ان يكون الواحد متعلق بالاخر من أن يكون الواحد معلق الى جانب الاخر. زمن الثورة.