أجرى معهد بحوث الأمن القومي في جامعة تل ابيب في الاسبوع الماضي نموذجا سياسيا أمنيا: تصعيد في الشمال في أعقاب عملية مزدوجة ضد الجيش الاسرائيلي مع قتلى وجندي مخطوف. وقام بأداء الدور العقيد المتقاعد د. غابي سيبوني، رئيس برنامج الجيش والاستراتيجية في المعهد. وقام بأداء دور المستوى السياسي (الوزير دان مريدور، ونائب الوزير يهودا بن مئير)، الجيش الاسرائيلي، وزارة الخارجية والموساد، مع خبراء من الاكاديمية، سيناريوهات مواجهة جديدة بين اسرائيل وحزب الله، مع مشاركة سورية وايرانية، امريكية وفلسطينية وروسية.
يُظهر التمرين أن السلوك الاسرائيلي في مواجهات كهذه يناسبه مصطلح "تخصيد" (تخفيض وتصعيد). تكلفة عالية بالجنود المصابين وباستمرار مدة الحرب، وهذا لن يأتي بنتيجة. اسرائيل تريد معاقبة المهاجمين بضربة قاسية، لكنها تخاف من الاندفاع الى داخل لبنان والتورط في جبهات اخرى. هذه هي الـ "تخصيد": تخفيض مع لمسات تصعيدية. من السهل الاقتراح ولكن من الصعب التنفيذ.
النموذج المصغر في معهد البحوث يريد مساعدة متخذي القرارات في القدس وتل ابيب، الحكومة والجهاز الامني. والهدف المعلن كان التعلم وتقديم مواد خام من اجل انشاء بدائل لاتخاذ القرارات. المشكلة هي أن هوية المقررين الرئيسيين الذين يفترض أن يستفيدوا بعد نصف عام من نتائج التمرين، غير معروفة. ليست حكومة في مركزها نتنياهو – بينيت – ليبرمان مثل حكومة مكونة من هرتسوغ – لفني – لبيد.
رغم المناورات السياسية لنتنياهو فان نهاية عهده باتت في الأفق، وايضا من خلال شهادة مؤرشف الدولة – صفة مناسبة لنتنياهو نفسه – حول حديث نتنياهو في تشرين الثاني. أرشيف الدولة الذي يُدار من قبل مسؤول الأرشيف يعقوب لازوبك، هو ضمن مكتب رئيس الحكومة ويحقق في السنوات الاخيرة انجازات كبيرة في الكشف عن تسجيل وتوثيق رسمي وتقديم ذلك للجمهور، لكنه يفشل مرة بعد الاخرى في التملق لرؤساء الحكومة وكأن وظيفته التغطية على نقائصهم.
لازوبك ذهب الى سيده من اجل تقديم مجلد تخليد لمناحيم بيغن. نتنياهو الذي لا يفوت فرصة لارضاء زوجته واشراكها في المحادثة، أراد معرفة الفرق بين ادارة بيغن لحرب لبنان وادارته لعملية الجرف الصامد، وتحدث عن الصعوبة في دفع الثمن الباهظ للحرب.
نتنياهو فوجيء من تقرير مسؤول الأرشيف حيث تبين له أن ارسال الجنود لملاقاة حتفهم هو محاولة لا تستطيع أن تتنبأ بصعوباتها مسبقا. بعد 18 سنة على انتخابه لاول مرة لرئاسة الحكومة يكتشف أخيرا صعوبة ارسال الجنود الى الحرب مع العلم أن بعضهم سيُقتلون وأنه يجب ارسالهم فقط عندما لا يكون هناك بديل. ويجب اخراجهم منذ اللحظة الاولى وإتمام المهمة. بعد ذلك نرى ما سيحدث ولكن قبل كل شيء يجب اخراجهم من هناك. لم يفهم نتنياهو الى أي حد هذا الامر صعب، والقائد الذي ليست لديه القدرة على الشعور بهذه الصعوبة من الافضل أن يذهب الى البيت.
مناحيم بيغن، الذي استوعب حجم الكارثة التي تسبب بها، اعتكف في قوقعته وأعلن أنه لا يستطيع الاستمرار – مريدور، من التمرين في معهد البحوث، كان هناك. هل سيقول نتنياهو وهو يدافع عن نفسه لمسؤول الأرشيف "فكرت كثيرا في بيغن هذا الصيف، وفهمته أكثر من السابق". هل هذا رمز للاعتزال الذي يوفر عليه الهزيمة؟ ليس بالامكان نفي هذا الاحتمال، ولكن يجب ألا نعتمد عليه، يجب أن يأتي أحد من حزبه ويبشرنا بأنه لا يستطيع الاستمرار أكثر.


