ستكون الانتخابات القادمة للكنيست العشرين استفتاءً شعبيا حول استمرار حكم بنيامين نتنياهو. وفي مركز الاستفتاء سيكون سؤال واحد: هل الجمهور الاسرائيلي يريد نتنياهو لولاية رابعة أم أنه يفضل التخلص منه وارساله الى بيته في قيساريا، بعد عقدين كان فيهما نتنياهو الشخصية الابرز والاكثر فعالية في السياسة الاسرائيلية: هل يحافظ نتنياهو على مكانته كسياسي وحيد قادر على تشكيل الائتلاف مثلما فعل في الولايتين السابقتين – أم سينجح خصومه هذه المرة في توحيد القوى ضده وابقاءه في الخارج.
هناك نتيجتان محتملتان للانتخابات الحالية، الاولى، التي تبدو الآن أكثر واقعية، هي حكومة يمين وحريديين مع دعم احزاب الوسط (كحلون، وايضا لبيد ضعيف).
هذه الحكومة ستهتم بالأولويات المعروفة لليمين: زيادة ميزانية الامن ودعم المستوطنين والحريديين. وستستغل ضعف ادارة اوباما في الولايات المتحدة من اجل القيام بمخاطرات سياسية وتعميق ضم المناطق، وقمع الاقلية العربية داخل الخط الاخضر.
الخيار الثاني هو حكومة يسار – وسط برئاسة اسحق هرتسوغ، مع دعم الاحزاب الحريدية وحزب يميني أو اثنين (ليبرمان أو الليكود). حكومة كهذه لن تستطيع تحقيق اتفاق سياسي مع الفلسطينيين يشتمل على الانسحاب من المناطق واخلاء المستوطنات، بسبب تعلقها بتأييد اعضاء كنيست من اليمين. هذه الحكومة تستطيع بث اعتدال سياسي وتحسين علاقة اسرائيل بالولايات المتحدة واوروبا واعطاء اهتمام ومصادر لاحتياجات داخلية والعمل على تهدئة الصراع الداخلي بين اليهود والعرب، والغاء اقتراحات عنصرية مثل قانون القومية.
هناك احتمال آخر لا يتلاءم في الوقت الحالي مع الاستطلاعات وهو أن يكون نفتالي بينيت بدلا من نتنياهو على رأس معسكر اليمين، أو انتصار ساحق لموشيه كحلون وحزبه. لكن نتائج كهذه ايضا لن تغير سياسة الحكومة المستقبلية. وفي كل سيناريو سيكون هناك فيتو لليمين ضد اتفاق سلام واخلاء مستوطنات. فقط التصويت الجارف للناخبين العرب ورفع نسبة تمثيلهم في الكنيست واستعداد احزاب اليسار والوسط لاشراكهم في الائتلاف، ستضمن اغلبية برلمانية لاتفاقات سياسية. ولكن لا توجد فرصة لقيام مثل هذه الحكومة في الاجواء العامة الحالية في اسرائيل. نجح اليمين في وصم اعضاء الكنيست العرب بالخيانة، والاحزاب اليسارية اليهودية تخشى التعاون معهم.
لقد سقط نتنياهو واضطر للذهاب الى الانتخابات لأنه فقد السيطرة على البنية السياسية والجيش، ولأن التهدئة الامنية التي عاشتها اسرائيل بضع سنوات قد ذهبت بلا رجعة. حتى الصيف الاخير تميز حكم نتنياهو بجنازات قليلة في المقابر العسكرية. وكان الهدوء هو الورقة الفائزة لديه، وعندما أضاع ذلك بعد خطف الشبان في غوش عصيون، والحرب على حماس في غزة والمواجهات الصعبة في القدس، فلم يبق له ما يقدمه.
بعد أن فقد شريكه ومستشاره القريب اهود باراك، وزير الدفاع في ولايته السابقة، بقي وحده في القيادة، بدون سياسيين مقربين ومستشارين لهم وزنهم. لم يعتمد بما فيه الكفاية على وزرائه وطاقم مكتبه، أو أنه لم يُقدرهم.
من الصعب العمل هكذا. ايضا شخصية سياسية في مستوى نتنياهو بحاجة الى شركاء في الاسرار والخداع، وفي غيابهم بقي ضعيفا ومنح خصومه الفرصة لطرده من الحكم، لكن ليس مؤكدا أن ينجحوا في الانتخابات.


