أنظروا اليهم، لزعماء وأمراء الخليج، لابسي الجلابيات وهم يقفون بالدور وبانضباط لتقبيل خاتم موجود في اصبع اليد اليمنى للملك عبد الله، في قمة دول الخليج التي تمت الاسبوع الماضي في الرياض. بعد ساعتين تم الاعلان عن إنهاء الخلاف مع "الولد"، الزعيم القطري، واعادة السفراء. والسعودية لم تعتبر هذا أمرا دراماتيا يحمل في ثناياه سلسلة من الحروب الداخلية المرتبطة بنا ايضا.
بالكاد تحدثوا عن ايران. ولولا خطر داعش الذي نجح في استقطاب مئات المتطوعين من الخليج، فان الساق الطويلة للولد، ألا وهو الشيخ تميم، لم تكن لتطأ البساط الاحمر الذي وضع على مدخل القصر. السفراء يعودون الى الدوحة ولكن الهوة العميقة من العداء والريبة بين مملكة النفط وبين إمارة الغاز الطبيعي لم تغلق. هؤلاء أرسلوا الاموال وساعدوا على اقامة وحش داعش، واولئك مطالبون الآن بالكف عن تأييد الاخوان المسلمين في مصر واعتبارهم منظمة ارهابية. لقد جاءوا لفتح صفحة جديدة والعودة بسلام. سلطنة عُمان اختارت عدم الحضور لاسباب لم يتم توضيحها بعد.
الحدث لم ينته: في ذلك المساء، وكأنه صدفة، أعلن الرئيس المصري السيسي أنه سيدرس من جديد اطلاق سراح اثنين من اربعة مراسلين في "الجزيرة" الذين تم اعتقالهم قبل عام في فندق "ماريوت" في القاهرة. والدا الصحفي بيتر غراست هاوستريلي فهما الرمز وأرسلا طلبا للعفو، قبل أن يتراجع الرئيس. اذا سارت الامور حسب المخطط فانهم يستطيعون اخراج فهمي الكندي وغراست هاوستريلي من السجن، يصعدون الى الطائرة ويذهبون الى البيت بعد التعهد بعدم العودة الى مصر. الصحفيان الآخران هما محليان لسوء حظهما وسيبقيان في السجن لسبع سنين اخرى.
ولكن "الصفقة السعودية" أكبر بكثير: أعلن الملك أنه يوافق على قائمة الشروط التي وضعها السيسي وطلب من قطر طرد 120 من نشطاء الاخوان المسلمين الذين حصلوا على ملجأ خمسة نجوم في الامارة الغنية، وأن يضمن ايضا عدم تمويل الاخوان في مصر وفي غزة. قلنا يجب طردهم ولكن ليس الى تركيا، كي لا يسخنوا أكثر لدى اردوغان، بل تسليمهم الى محكمة أمن الدولة في القاهرة.
تركيا موجودة في مرمى السيسي. صحيفة "الاهرام" تتحدث منذ ثلاثة ايام وبأقلام سوداء عن المؤامرة التي بادرت اليها أنقرة لتجنيد وتدريب الاخوان لانشاء خلايا سرية وارسالها من اجل أم المعارك ضد السيسي.
وسائل الاعلام في القاهرة وصلتها اشارة لتخفيف حدة الاتهامات ضد الرئيس القطري ووالدته التي تتحكم بمجريات الامور. و"الجزيرة" آلهة الجموع الغفيرة في ميدان التحرير في القاهرة تعهدت بالاعتراف بالثورة التي طردت الاخوان لصالح الجنرال، وأن تكف عن البث التحريضي.
هذا التنسيق في الخليج اذا صمد سيشبك الأيدي ويوقف أحلام الأمة الاسلامية الطاهرة لزعيم داعش وعصابات قاطعي الرؤوس. وفي هذه اللعبة نحن نجلس على الكرسي، في حين أن الملعب عصبي، ولابسي الجلابيات يفضلون العمل وحدهم.
السعودية، البحرين والامارات المتحدة الستة نجحت في تجنيد قطر للهجوم على داعش من قبل التحالف. يقولون إن البحرين تسخن المحركات من اجل رفع مستوى العلاقات مع القدس من تحت الطاولة. لا يريدون بيبي لكنهم مستعدون للقَسَم أنه سيفوز في الانتخابات المبكرة. توجد لهم أفكارا ملفتة حول أبو مازن. واذا نجحت المصالحة الجديدة فسنسمع ما سيقولونه عن القدس. وفي هذه اللحظات يفقد الموضوع الفلسطيني أهميته لديهم.


