لولا الحدث المأساوي لكان مجالا للتفكه قراءة البيان الذي ارسل امس من لجنة الاقتصاد في الكنيست. فقد جاء فيه انه "في اعقاب اشتعال الوضع الامني، أقرت اللجنة المرسوم الذي أصدره وزير الاقتصاد نفتالي بينيت حظر مؤقت لاستيراد الالعاب النارية".
ويشبه هذا محاولة تجفيف المحيط بملعقة. فما هو مطلوب الان هو تصريحات تهدئة وجهد حقيقي لتخفيض مستوى اللهيب. في الحكومة، التي تعيش أجواء ما قبل الانتخابات، لا يستوعبون كم هذا هام. نتنياهو، كعادته، يعقد مشاورات أمنية، احتياطا لان يكون مطالبا في المستقبل بان يقدم الحساب امام لجنة تحقيق عما فعله وما لم يفعله. ووزير الدفاع يرد بالخطابية المعهودة به على نمط "سنضرب الارهاب بتصميم" وباقي الشعارات.
ان اقتراحات الرد والعقاب التي تقدمت بها الشرطة، الجيش والمخابرات لن توقف التدهور. ونشر مكتب رئيس الوزراء بيانا جاء فيه ان نتنياهو يدعو الى هدم منازل المخربين. لقد سبق أن هدمنا في الماضي الى أن توصل جهاز الامن الى الاستنتاج بان هذا لا يردع. اعتقالات وقائية واسعة؟ هذا ايضا فعلناه وبالجملة بعد قتل الفتيان في غوش عصيون. تعزيز القوات في القدس؟ على أي حال الشرطة هي منذ الان في تأهب معزز منذ اسابيع.
تشهد المعطيات الاحصائية بان اسرائيل صعدت من جديد الى مسار المواجهة مع الفلسطينيين. في 2009 قتل في عمليات الارهاب 51 اسرائيليا. في 2010 قتل تسعة، في 2011 قتل 22، في 2012 قتل عشرة، وفي 2013 قتل ستة. اما هذه السنة فقتل حتى الان 61، منهم 21 في الاشهر الاربعة الاخيرة. ان تعريف ما يحصل اقل اهمية. واضح أن الحديث يدور عن ثورة فلسطينية تتركز حاليا أساسا في القدس ولا تنتشر الى الضفة. في المخابرات يعرفون (لا يزالون) تواصل العمليات كـ "ارهاب شعبي". رئيس المخابرات يورام كوهين شرح امس في لجنة الخارجية والامن اسباب ما يحصل ولماذا يعد هذا "ارهابا شعبيا". وقضى بان المخربين اللذين عملا امس لم تكن لهما خلفية أمنية، ولم يتدربا على تنفيذ عملية ولم يكن لهما انتماء تنظيمي.
كما شدد على أن ليس للسلطة الفلسطينية مصلحة في اشعال الخواطر وذكر بانه لا يزال هناك تنسيق امني بين السلطة وجهاز الامن. وتتناقض اقواله مع ما يقوله في الاسابيع الاخيرة، وأمس ايضا، نتنياهو ويعلون. وان لم يكن هذا كله كافيا، فقد قضى كوهين بان الاحداث حول الحرم – حجيج النواب الى المكان والدعوات لتغيير الوضع الراهن – تهيج الوضع. هذه الاقوال هي ايضا لا تروق لاذان اليمين. ان الخطر الاكبر هو ان يتحول النزاع مع الفلسطينيين من مواجهة اقليمية – سياسية الى حرب دينية. احراق مساجد من متطرفين يهود، تدنيس مقابر من متطرفين في الجانبين، الصراع على الحرم، وارهاب في الكنس – كل هذه مؤشرات على حرب دينية.
لا يزال غير متأخر ان يصحو الزعماء في الطرفين وان يترفعوا فوق الايديولوجيا السياسية ويبدوا المسؤولية ويحاولوا تخفيض مستوى اللهيب. ان استئناف المفاوضات السياسية قد يكون الفرصة الاخيرة لتهدئة الخواطر.


