خبر : حرب ضد منطق الحرب\ بقلم: دافيد زونشاين \ هارتس

الإثنين 17 نوفمبر 2014 08:44 م / بتوقيت القدس +2GMT



 

 

          مثلما في قضايا القتل من الماضي، عندما تنكشف قطعة من الجلد أو شعرة وتكشف الـ دي ا ن ايه لمنفذ الجريمة ويتضح انه مجرم من العامة هكذا كشفت الرصاصة التي قتلت نديم نوارة الحقيقة انه لم يقتل من قبل فلسطينيين ولم يقتل بسبب رصاصة مطاطية وانما من رصاص حي، تم اطلاقه من قبل جندي. الحدث التي تم توثيقه بشكل يذكرنا بافلام مستقبلية يتم فيه تسجيل أي حركة وتصويرها بالكاميرات، وهذا كشف عن الجهاز العسكري السياسي مثلما يستطيع توثيق شامل وكامل ان يعمل. وافشل كل محاولة لتقديم صورة مختلفة للواقع وترك السياسة مفتوحة للنقاش: سياسة الاحتلال ومنطق الحرب الذي يرافقها.

 

          بعد مرور نصف قرن على احتلال الضفة الغربية، من المهم والضروري لحكومة اسرائيل والاعلام والجمهور الاسرائيلي ان يستوعبوا المنطق الذي يقف وراء الاحتلال، وبدلاً من هدر الطاقة الكبيرة في الرفض للنتائج الفورية والضرورية لـ اخذ حقوق بدون تاريخ نهائي، فاليحسبوا الثمن الحقيقي ويقوموا بقياس الامور اخلاقيا ومبدئياً بخصوص مستقبل المنطقة. لا يوجد طريق فاعلية في السيطرة على حياة ومستقبل الناس، اذا لم نعطيهم ولو بطريقة شكلية سيطرة على حياتهم ومصيرهم.

 

          محاولة انكار ما تم توثيقه من قبل عدة كاميرات والطاقة الكبيرة التي وضعتها الاجهزة من اجل التخلص من مقتل انسان، عن طريق اطلاق نار من بعيد في حين ان مطلق النار لم يكن معرض للخطر من أي نوع، وبالتأكيد لم يكن في خطر على الحياة، هذا يؤكد على ضرورة أن تقوم الاجهزة برواية أخرى انه يوجد احتلال بدون ثمن، انه يمكن السيطرة على سكان بدون عنف كبير – والاستمرار بالتعليم حول طهارة السلاح، رغم ان هذا السلاح يلغي حقوق بشر ولا يدافع عن دولة اسرائيل. لا غرابة ان ممثلي الحقائق، ومنظمات حقوق الانسان، الذين يحضرون توثيق الاحداث. موجودون دائماً في وسط الزوبعة. هم يوثقون عن طريق الكاميرا ما يحاول جيش بأكمله اخفائه.

 

          هذا هو الاحتلال الاسرائيلي وعلى العكس من حالات مشابهة في اماكن اخرى فانه يعيش داخل اطار سياسي وقانوني قرر ان يحافظ عليه، بدلاً من السيطرة على الارض بشكل مؤقت كما يقول القانون الدولي (لم يحدد ما عدد السنوات الذي تعنيه كلمة مؤقت) لذلك فهو يسيطر على الارض التي احتلتها اسرائيل عام 67 وهو جيش ليس جيش احتلال مهني، ولا يدير المنطقة لصالح السكان كما فعل البريطانيين في المناطق التي كانت تحت سيطرتهم اثناء الانتداب، مثلا – ادارة من اجل اعادة الارض للسكان المحليين وانما جيش هدفه اخر: الدفاع عن دولة اسرائيل. ويقال لصالح اسرائيل، ان البشاعة التي تسيطر فيها على السكان ليست اكبر واحيانا اقل من دول محتلة اخرى في التاريخ.

 

          الحادث الخطير في بيتونيا وقتل خير الدين حمدان في كفر كنا والذي تم توثيقه بكاميرات، يدفعنا الى التفكير ان احداث كهذه اكثر مما نظن، فلا شك أنها تحدث بأماكن لا تغطيها الكاميرات.

 

          كل هذا لا يثير آمالاً حول التحقيق بأحداث الحرب الاخيرة بغزة: القرارات السياسية التي تسببت بموت أكثر من الف مواطن ابرياء، موتهم عن طريق هدم عشرات البيوت المشتركة على رؤوس ساكنيها، وموت عشرات الناس في رفح. هناك وعلى العكس من بيتونيا او كفر كنا لم يكن هناك توثيق دقيق لـ الكاميرات.

 

          اذا كان استيضاح الحقائق يقود لمحاكمة مطلق النار في بيتونيا سيكون هذا بمثابة استثناء يؤكد القاعدة. في آلاف حالات القتل للفلسطينيين لا يحدث تحقيق واذا حدث وفتح التحقيق يتم تهميشه او اغلاق الملف بدون نتيجة.

 

          لكن التحقيق حول اطلاق النار في بيتونيا سوف يثبت انه رغم ان كل جندي يتحمل مسؤولية كاملة ويتصرف حسب المثل الاخلاقية وحسب القانون، فان الاتهام المركزي هو ضد حكومة اسرائيل، التي تستخدم جيشها ليس من اجل الدفاع وانما ايضاً من اجل سحب الحقوق من الناس الذين يعيشون تحت سيطرتها وتعمل على تصوير الامور وكأنه بالامكان اخذ حريات بدون دفع ثمن اخلاقي كبير.