خبر : النموذج اللبناني \ بقلم: يوسي ميلمان \ معاريف

الخميس 23 أكتوبر 2014 12:44 م / بتوقيت القدس +2GMT



          على مدى بضع ساعات افترضت أوساط الجيش الاسرائيلي بان تكون الحادثة على الحدود المصرية قرب بلدة عزوز هجوما ارهابيا. ولقي هذا التقدير تعزيزا من بيان منظمة الارهاب السلفية أنصار بيت المقدس – التي هي فرع للقاعدة ويحتمل أن تكون أدت الولاء مؤخرا لداعش – بان رجالها نفذوا العملية. هذه هي المنظمة الاكثر جسارة بين المنظمات التي تعمل في سيناء. وهي مسؤولة عن اعمال التخريب المتكررة لانابيب ضخ الغاز الى الاردن والى اسرائيل، والذي توقف قبل نحو سنتين. وهي تقف خلف عدة حوادث لاطلاق النار نحو مواقع الجيش الاسرائيلي والمركبات على الحدود، ومسؤولة ايضا عن تسلل نشطاء الارهاب الى اسرائيل واطلاق الصواريخ نحو ايلات والعقبة.

          وفقط بعد التحقيق بالحدث وتبادل التقديرات مع مصر، كجزء من التعاون الوثيق بين الدولتين، تبلور الاستنتاج بان هذا حدث جنائي. فقد حاول مهربون من سيناء نقل المخدرات الى رجال ارتباط كان بانتظارهم في الجانب الاسرائيلي. وتوصلت اسرائيل ومصر الى هذا الاستنتاج في ضوء نتائج التحقيق الميداني. ففي الجانب المصري عثر على المخدرات، سلم بواسطته حاولوا تسلق الجدار الفاصل المتطور وأسلحة. وفي تبادل لاطلاق النار نشب في الحادثة قتل ستة مهربين واصيب رجل الارتباط الاسرائيلي.

          في الجيش الاسرائيلي يعرفون الحادثة بانها "محاولة تهريب عنيفة للمخدرات"، مع التشديد على كلمة عنيفة.    وليست هذه المرة الاولى بالطبع التي يحاول فيها بدو من سكان سيناء بالتعاون مع مجرمين في اسرائيل تهريب المخدرات. كما أن هذه ليست المرة الاولى التي يكون فيها المهربون مسلحين، وبالاساس للدفاع عن أنفسهم. ولكن مع ذلك فان هذه حالة شاذة. يبدو أن هذه هي المرة الاولى التي كان فيها المهربون مسلحين بصاروخ مضاد للدبابات ولم يترددوا في استخدامه عندما تبين لهم بان هذه هي قوة من الجيش الاسرائيلي  - والتي اصيبت فيها الضابطة بجراح طفيفة ورجال اتصالاتها اصيب بجراح خطيرة – حين اكتشفتهم القوة وهي توشك على احباط عملية التهريب.

          سلاح المهربين وتطورهم – حيث انتشر بعضهم في كمين على مقربة من المكان – يزيدان الامكانية المعروفة في جهاز الامن وليس من يوم أمس – بانه يوجد تعاون، على هذا المستوى أو ذاك من التنسيق، بين المهربين ومجموعات الارهاب العاملة في سيناء وعلى رأسها أنصار بيت المقدس. وهذه العلاقة المتوثقة معقدة. معظم المهربين يعملون في الغالب بدوافع جنائية فقط. ولكن احيانا تكون هناك علاقات خذ واعطِ. مثل هذه العلاقات معروفة ايضا من لبنان. فحزب الله يسمح لتجار المخدرات بادخال بضائعهم الى اسرائيل مقابل الخدمات التي يتلقاها منهم: تهريب السلاح، مهام رقابة وتجسس وتشغيل عملاء. يمكن التقدير بان علاقات بصيغة مشابهة تتطور في سيناء

          لقد كشفت الحادثة ايضا كم هي حساسة الحدود بين الدولتين. كل حادثة صغيرة، سواء كانت دوافعها جنائية أم ارهابية، من شأنها أن تشعل المنطقة. ومن أجل منع ذلك، اشتد التعاون والتنسيق الامني بين اسرائيل ومصر مثلما وجد تعبيره ايضا في الرد الناجع والسريع في حادثة أمس. للدولتين – ولا سيما للحكومة المصرية التي جعلت الموضوع ذا أولوية عليا – توجد مصلحة واضحة لاقتلاع الارهاب من سيناء والابقاء على حدود هادئة بين الدولتين.