خبر : حماة الحمى \ بقلم: نداف هعتسني \ معاريف

الجمعة 05 سبتمبر 2014 10:03 ص / بتوقيت القدس +2GMT




بسكينة نفس غريبة نقبل الواقع الجديد الذي ساد على خط الحدود لنا في هضبة الجولان. وكأنه مسلم به ان يسود في الجانب الاخر من الجدار عهد مظلم نبت من فجر العالم، ومن جانبه الاخر – القرن الـ 21. وكأن الخطوة الخفيفة لاجتياز خط الحدود ترفعنا سريعا في نفق الزمن. من لجة الرعب الى عصر سواء العقل، من عالم الذبح وقطع الرؤوس نحو استئجار اكواخ الاستجمام وزراعة التفاح. هكذا – الشرق الاوسط الجديد بعد الربيع العربي يؤكد الثنائية الوجودية التي نعيش فيها الى ما وراء العبث. فنحن نقف بالمرصاد امام البرابرة في الشمال، بينما في الجنوب يدقون ابوابنا. لقد اصبحنا حماة حمى حدود الحضارة.
لقد درج الرومان على اقامة السور الجبار على خط حضارتهم بهدف الحماية من هجوم البرابرة مثل سور ادريانوس في انجلترا. غير أن حتى سور ادريانوس لا يوقف الصواريخ والانفاق، وبشكل عام فان برابرة اليوم اكثر ظلامية من اعداء الامبراطورية الرومانية. وعليه – فالمفاهيم الاولية للعصر الجديد هي أن البرابرة يجب أن يخافون ولا يتجرأوا على الاقتراب من السور الخيالي لحدودنا. والى جانب ذلك، فان درس يهودا شمرون مقابل غزة، يجسد كم هامة السيطرة على الارض، ولا سيما في العصر البربري.
فضلا عن ذلك فان قواعد اللعب الجنتلمانية التي فرضها الغرب على ذاته منذ نهاية الحرب العالمية الثانية تضع علامات استفهام على قدرة الغرب في الدفاع عن نفسه. فقواعد النزاهة في الحرب، والتي وضعت في بداية القرن العشرين وخرقت بكل سبيل ممكن في الحربين العالميتين تمنع قدرة المعمورة سوية العقل على تحطيم رؤوس البرابرة الجدد والذين يهددون وجود العالم. في نهاية الحرب العالمية الثانية ولد مفهوم الديمقراطية المدافعة عن نفسها. وبموجب هذا المفهوم يجب منع الديمقراطيين من استخدام الديمقراطية من أجل تصفية نفسها، بالضبط مثلما فعل ادولف هتلر في المانيا. غير أن العالم الغربي لم يتصور ان في المجال ما بعد القومي ستنشأ قبائل اسلامية مجنونة تستغل قواعد النزاهة الحديثة كي تحاول ابتلاع الحضارة الضعيفة لما يسمى الغرب.
في كتاب "عالم جديد رائع" الذي كتبه قبل نحو 80 سنة، توقف الدوس هكسلي نشوء الفوضى الارهابية التي تعرض للخطر مجرد وجود المجتمع الانساني. في رؤياه دافع حكام العالم عن انفسهم ضد الارهاب من خلال انتهاجهم نظام قمع خنق الفرد من أجل انقاذ المجتمع الانساني بأسره من الدمار الذاتي. وها هو اليوم يتبين بأن هكسلي لم يخطىء، فالدمار العالمي الذاتي يوجد على الابواب. ومن أجل منعه من أن يسيطر او ينتقل الى قمع على نمط "عالم جديد رائع"، يجب تغيير قواعد اللعب والقتال بلا قفازات ضد حضارة الجنون الاسلامي.
هذا الاستنتاج بعيد الاثر على نحو خاص بالنسبة لنا، لاننا نعمل كحماة البوابات امام جبهة الهجوم البربري. ونحن نعاني بشكل خاص من الاخلاق المزدوجة التي طورها الغرب امام الجنون الاسلامي من جهة وامامنا من جهة اخرى. فما هو أكثر سخافة من صورة مراقبي الامم المتحدة الذين يفرون من الجانب المظلم من الجولان، ويتنفسون الصعداء عندما يجتازون الحدود ويصلون الى الجانب سوي العقل والآمن عندنا. وفي نفس الوقت، فان المنظمة التي يمثلون تشكل لجان تحقيق ضدنا وتتهمنا نحن فقط بقتل الشعب وبالسلوك غير الانساني.
وعليه، فنحن ملزمون بالتخلي عن هذا العقم الذاتي لدى الغرب ومعالجة كل البرابرة الذين أمامنا – من الشمال، من الجنوب ومن الداخل بالوسائل المناسبة للديمقراطية والحضارة المدافعة عن نفسها، والتي تكافح في سبيل حياتها في وجه اعداء كهؤلاء.