"لا يدل أي شيء في طهران على أن الحروب الثلاثة الدائرة داخل ما تسميه هي الحدود الأمنية القومية لها واقع تحت النار"، قال مسئول إيراني لم يذكر اسمه مع شبكة المونيتور: "إنها حرب واحدة من بغداد الى غزة، نعتقد ان كل ما يجري مرتبط بعضه بالآخر، أعداؤنا يريدون ان نبقى ضعفاء لكي يتمكنوا هم من فرض شروطهم علينا، ولكن ذلك لن يحدث".
يبدو ان الحرب في غزة تشكل وزناً ثقيلاً على جدول الأعمال الإيراني، الزعيم الروحي آية الله علي خامنئي تطرق الى موضوع الحرب مرتين خلال ثلاثة أيام، ودعا المسلمين الى التوحد "ان الأحداث في غزة مدمرة للغاية، والنظام الصهيوني ينفذ أعمالاً مرعبة، مستغلاً إهمال العالم الاسلامي"، قال خامنئي: "ان قتل الأبرياء في غزة على أيدي الصهاينة المتوحشين يجب ان يحث الحكومات الاسلامية وشعوبها على ترك الخلافات جانباً والتوحد".
على مدى سنوات اتهمت إسرائيل وامريكا إيران بتسليح التنظيمات الارهابية في غزة، وخصوصاً حماس والجهاد الإسلامي، وإيران لم تنفِ ذلك بالمرة، غير انه ومنذ تولي الرئيس الحالي حسن روحاني منصبه فإن المسئولين الإيرانيين أصبحوا حذرين عندما يطلب منهم التطرق لهذا الشأن؛ ففي الخامس من مارس العام الحالي أعلنت اسرائيل انها ضبطت سفينة سلاح إيرانية، فنفت حماس المزاعم الإسرائيلية، غير ان اسرائيل اكدت ان السفينة كانت محملة بالصواريخ في طريقها الى غزة.
يرسلون الصواريخ عبر طرق غير تقليدية
وفق مصدر رسمي في طهران؛ فإن إيران ملتزمة تجاه القضية الفلسطينية "سنقف دائماً الى جانب المقاومة الفلسطينية واللبنانية، وحتى في سوريا، إذا كان هناك أي تنظيم هدفه تحرير الأرض المحتلة فسوف نؤيده وندعمه"، ومع ذلك فقد أضاف المصدر ان "ارسال السلاح والذخائر ليست هي الطريقة الافضل دائما للمساعدة، نعرف حاجة إخواننا الملحة للمساعدة، إسرائيل تزعم دوماً ان إيران ترسل لهم السلاح، وما أستطيع قوله هو ان إيران تريد ان ترى مقاومة مستقلة وقوية، نعم نحن نرسل الصواريخ والدعم العسكري، ولكن ليس عبر الطرق التقليدية".
ووفقاً لمعلومة وصلت الى "المونيتور" من مصادر في طهران؛ فإن غزة وبيروت بعد حرب لبنان الثانية عام 2006، تم تبني استراتيجية جديدة بخصوص تزويدهما بالسلاح، والهدف الأساسي هو الدفاع عن المجموعات المسلحة في وجه خطر الحصار العسكري عن طريق تزويدهم بأكبر عدد ممكن من الصواريخ التي يحتاجونها في ظروف معينة.
"الهدف المركزي هو تمكين رجالنا من التعلم، وبعد ذلك كل الأمور تصبح سهلة"، قال أمين، وهو مسئول فلسطيني في محادثة هاتفية مع مراسل "المونيتور": "لقد كان هذا رأي عماد مغنية قائد حزب الله العسكري السابق، لقد اعتقد مغنية انه ان امتلك الخبراء العلم المطلوب لإنتاج الصواريخ فإن اسرائيل لا تستطيع الحصول على أي شيء، حتى وان دمرت ترسانة الصواريخ كاملة، وهذا لا يعني ان امداد الصواريخ سيتوقف" أضاف أمين.
لا يمكن ان يقصف العلم
أثناء حكم الريس المصري حسني مبارك كان تهريب السلاح الى غزة عملية معقدة جداً، الأنفاق كانت في ذروة نشاطها، ولكنها كانت خطيرة، لذلك كان المطلوب هو نقل المزيد من العلم الى غزة، وفي الـ 2007 فإن الصاروخين الأساسيين اللذين استخدمتهما التنظيمات الفلسطينية كانا القسام والقدس، وهما صاروخان من إنتاج محلي قوتهما معنوية أكثر منها تدميرية وفق التقارير الإسرائيلية.
"عدد من الاخوة ذهبوا الى طهران، حيث التقوا قادة عسكريون خبراء"، قال أمين: "التدريبات استغرقت وقتاً، في البداية فقد فوجئ الإيرانيون من انجازاتنا، وهذا صحيح لأن نشطاءنا كانوا بحاجة الى الارشاد، ولكنهم كانوا أذكياء فتعلموا بسرعة".
بعد إزاحة مبارك عن الحكم؛ الحدود بين مصر وغزة أصبحت سائبة بعد اختفاء الأمن وسيادة الفوضى في مصر، وفي نفس الربيع العربي سقط أيضاً النظام الليبي، وفتحت مخازن الصواريخ فقط لمن يستطيع ان يدفع ثمنها.
من الـ 2011 إلى الـ 2012 هربت صواريخ "غراد" إلى غزة، في حين ان صواريخ أكبر، وخصوصاً تلك التي صنعت في إيران وسوريا، أحضرت أجزاءً وجمعت في غزة"، قال أمين: "خبراء المقاومة الفلسطينية من الجهاد وحماس عملوا لوحدهم على بناء الصواريخ، بل وقد أضافوا في بعض الحالات تعديلات توافق الاحتياجات الميدانية".
تهريب الإيرانيين تم في حقيقة الأمر عن طريق أدمغة الفلسطينيين، الأمر الذي أبقى العلم محصناً في وجه الحرب والهجمات، إنها نفس الاستراتيجية التي ابتكرها الايرانيون في البرنامج النووي في ظل فلسفة "لا يمن لأحد أن يفجر العلم".
ترجمة : أطلس للدراسات