" إيــــــــران وحـمـاس والربيع العربي " " هو كتاب جديد يحمل القدر الكبير من النظرة الواقعية ، صادر عن معهد بيت الحكمة للدراسات ، للكاتب محمد أحمد أبو سعدة ، تقديم الدكتور أسامة الفرا فقد بدأ الأستاذ أبو سعدة كتابه بإطلالة سريعة في الفصل الأول على الماضي القريب ، وعلاقة إيران بحركة المقاومة الاسلامية ( حماس ) قبل الربيع العربي ، مستعرضاً المواقف والظروف التي ساعدت في تنمية وتعزيز هذه العلاقة ، ذاكراً موقف إيران المؤيد للانتفاضة الفلسطينية الأولى ديسمبر 1987م ، والمعارض لعملية التسوية السلمية ، حيث وصفت الحكومات الإيرانية السلطة الفلسطينية بعد قيامها بالذراع الأمنى لإسرائيل ، فى حين قدمت إيران الدعم المالى لذوى شهداء إنتفاضة الاقصى سنه 2000م ، وكذلك موقف إيران من فوز حركة حماس من الانتخابات التشريعية والدعم الايراني للحكومة التى شكلتها حماس، وصولاً لموقف إيران من سيطرة حماس على قطاع غزة ، والدعم الذى قدمته إيران للحركة سواء الدعم المالى أو السياسي أو الإعلامي أو العسكرى والذى ظهرت نتائجة بوضوح في العدوان الذى تعرض له قطاع غزة أثناء العدوان الاسرائيلي فى عامى 2008م و2012م ، لينتقل الكاتب بعدها في الفصل الثاني إلى العلاقات الإيرانية العربية وتداعياتها على حركة حماس في ظل المتغيرات الإقليمية ، وكون العلاقات الإيرانية العربية شهدت الكثير من التعقيدات والتشابك وهو ما انعكس على العلاقة بين ايران وحماس ، وإن حاولت الأخيرة أن تبتعد بنفسها عن أتون هذا الخلاف ، وقد جاء في الكتاب العلاقات الايرانية مع كل من : العراق ، لبنان، السودان ، الإمارات ، السعودية ، البحرين ، سوريا ، مصر .
موضحاً تأزم العلاقات الخليجية عموما والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص مع حركة المقاومة الاسلامية حماس، وصولاً إلى اتهام وزير الخارجية السعودى لرئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل بأنه عميل لإيران .
وقد تطرق الكاتب إلى تداعيات الثورة السورية لعلاقات إيران مع حركة حماس نتيجة لموقف حركة حماس المساند لرغبة الشعب السورى ، وموقف كل من إيران وحماس من الثورات المصرية والتى اسقطت كل من نظام مبارك ونظام مرسى.
ثم يصل الكاتب في الفصل الثالث إلى السؤال التجريدي حماس إلى أين؟،وقد أشار الكاتب إلى أن حماس كفكرة باقية ، وأن الحديث هنا يقصد به مصير حكومة حماس بغزة ، موضحاً الإجراءات التى مورست بهدف إضعاف حكم حركة حماس بغزة ، بالإضافة إلى الأخطاء التى وقعت فيها حماس أثناء تجربة حكمها ، وقد شمل هذا الفصل على ثلاث سيناريوهات الأول : بقاء حكم حماس لغزة فترة زمنية محدودة أملاً في تغير طارئ ، أما السيناريو الثاني عودة حماس إلى المربع الأول كحركة مقاومة ، تقدم التضحيات وحركة دعوية – إغاثية – إجتماعية وذلك من خلال إتمام مصالحة فلسطينية بأفضلية لصالح حكومة رام الله ، ممثلة برئيسها محمود عباس ، وأعتبر الكاتب بأن هذا السيناريو يعد الأفضل لحركة حماس ، وهو ما تم بالفعل في الأيام القليلة الماضية ، أما السيناريو الثالث : انتهاء حكم حماس بغزة وذلك من خلال عدوان إسرائيلي قوى وبمباركة عدد من الدول العربية خصوصاً وان هناك هجمة شرسة ضد تنظيم الأخوان المسلمين في المنطقة العربية ككل ، وأخيراً في الفصل الرابع تقدم الكاتب باقتراحات جزء منها للدكتور أحمد يوسف ينصح بها حركة حماس بالسير باتجاه المصالحة الفلسطينية والاقتداء بالتجربة التونسية ، وفي الختام قدم الكاتب نصائح هامة للمقاومة وللشعب الفلسطيني من خلال تقدير موقف تحت عنوان ( الحرب الثالثة على غزة ) محذراً من قيام إسرائيل بشن عدوانا على قطاع غزة بهدف خلط الاوراق ، وقد توقع الكاتب أن يكون في نهاية عام 2014م- أوائل عام 2015م ، محذراً من استخدام إسرائيل تكتيك جديد في الحرب القادمة ، وقد توصل الكاتب إلى نتائج مهمة فيما يتعلق بالعدوان القادم وهي :-
1- يوجد قرار إسرائيلي بضرورة توجيه ضربة عسكرية قاسية لقطاع غزة ، وإعادة احتلاله إذا لزم الأمر، بهدف إضعاف قوة المقاومة ، والتهرب من استحقاق العملية السلمية ، وإفشالا لجهود المصالحة الفلسطينية التي تبذل.
2- من المتوقع أن تباغت إسرائيل المقاومة الفلسطينية بهجوم من الجهة الغربية للسيطرة على اكبر مساحة ممكنة من الأراضي ولإحساس المواطن بعجز المقاومة عن حمايته
ختاما : ما جاء به الكاتب الأخ محمد ابو سعدة في كتابه " ايران وحماس والربيع العربي" يحمل قدراً من واقعية التحليل، وقد يجد من يتفق معه ومن يختلف معه، ولكن من المؤكد أنه يحمل بين طياته ما يجعل منه قيمة ليس فقط للقراءة وإنما لخلق أرضية تصلح للتفكير العقلاني.