نواكشوط –وكالات - انطلقت أمس الجمعة في موريتانيا الحملة السياسية والإعلامية الممهدة للانتخابات الرئاسية المقررة يوم 21 حزيران/يونيو الجاري، وهي الانتخابات التي تقاطعها المعارضة، ويتنافس فيها خمسة مترشحين أبرزهم محمد ولد عبد العزيز الساعي لكسب مأمورية ثانية.
وعكس المترشحون الخمسة لهذه الانتخابات التركيبة العرقية للمجتمع الموريتاني، حيث ينتمي محمد ولد عبد العزيز ولاله مريم بنت مولاي إدريس السيدة الوحيدة المترشحة لهذا الاستحقاق، للمجموعة العربية، فيما ينتمي كل من بيرام ولد اعبيدي وبيجل وله هميد لمجموعة الحراطين وهم الأرقاء السابقون، وينتمي صار إبراهيما للمجموعة الزنجية.
واختار محمد ولد عبد العزيز وهو المرشح الفائز حسب المعطيات القائمة، مدينة كيهيدي التي تقطنها غالبية زنجية لإطلاق حملته، فيما اختار صار إبراهيما لذلك مدينة الزويرات المنجمية العمالية شمال موريتانيا، وأطلق المترشحون الباقون حملاتهم من العاصمة نواكشوط.
ولإعطاء هذه الحملة الحرارة التي تعتقد المعارضة أنها «تفتقدها لكونها غير توافقية»، أطلق أنصار المرشح محمد ولد عبد العزيز ألعابا نارية غطت سماء العاصمة لساعات، ونظموا مسيرات بالسيارات المزمرة لتحميس الانطلاقة.
وركز المترشح محمد ولدعبد العزيز خطاب إطلاق حملته على التذكير بإنجازات حكومته في المأمورية الماضية، مع مهاجمة المعارضة وانتقاد مقاطعتها للانتخابات الرئاسية.
وأكد ولد عبد العزيز «أن زعماء المعارضة المقاطعين للانتخابات يريدون «عودة العهود السابقة» التي وصفها ب»عهود الفساد وتخريب الوطن»، مؤكدا «استحالة عودة الأنظمة البائدة لحكم موريتانيا باعتبار أن الشعب الموريتاني أصبح يقظا وواعيا ولم يعد ينخدع بخطاب يعيده للوراء».
وأكد «أنه وفى للشعب بما تعهد به في برنامجه الخاص بانتخابات 2009»، مقدما الخطوط العريضة لبرنامجه الانتخابي الحالي الذي «يعتمد على تجديد الطبقة السياسية، وسد الباب أمام عودة المفسدين»، حسب تعبيره.
وتوقف ولد عبد العزيز في عرضه لبرنامجه الانتخابي أمام الناحية الأمنية التي أكد أنه «سيعززها كما فعل في السابق عندما درأ المخاطر التي كانت تواجه أمن موريتانيا واستقرارها وكيانها».
وامتدح إنجازاته في مجال «إرساء قواعد الديموقراطية والحكم الرشيد وصيانة المقدسات ومحاربة التطرف والغلو».
وأعلن صار إبراهيما المرشح الزنجي في هذه الانتخابات أن «برنامجه يتركز على تحقيق المساواة بين أفراد ومونات الشعب الموريتاني دون إقصاء فئة على حساب فئة أخرى، مع العمل لإصلاح العدالة والتعليم وازدهار الاقتصاد».
وانتقد المترشح الظرفية الحالية لموريتانيا، مؤكدا أنها «وضعية اقتصادية مزرية تتسم بعدم تكافؤ الفرص بين مكونات الشعب».
وعرض المرشح بيرام ولد اعبيدي برنامجا انتخابيا أكد «أنه برنامج متكامل لمصلحة الشعب الموريتاني يتضمن بناء دولة قانون وحريات يجد فيها المظلومون والمستضعفون كامل حقوقهم».
ووصف المرشح نفسه بأنه «أول مرشح قادم من الأوساط الشعبية وأن برنامجه يساوي بين جميع فئات الشعب الموريتاني»، منتقدا سياسات النظام المنتهية ولايته، ومعتبرا «أن نظام ولد عبد العزيز هو المسئول عن حرمان المواطنين من حقوقهم المدنية».
وركزت المرشحة لاله مريم بنت مولاي إدريس برنامجها على «تمثيل العنصر النسوي وتحقيق التنمية الشاملة للبلاد وتحسين ظروف المواطنين بخلق أقطاب اقتصادية تأخذ بعين الاعتبار إمكانيات البلاد الزراعية والسمكية والمنجمية وتعزيز الديمقراطية والحكم الرشيد».
وتعهد بيجل ولد هميد ثاني أبرز المترشحين لهذا الاستحقاق، في برنامجه الانتخابي «بالتحسين من أوضاع البلد السياسية والاقتصادية والاجتماعية».
وقال «إن حزبه يسعى إلى السلطة بالطرق السلمية والتفاهم والتراضي عبر صناديق الاقتراع في ضوء القوانين المنظمة للانتخابات، وليس بإثارة الفتن والتفرقة بين مكونات الشعب الموريتاني الذي ظل يتقاسم كل شيء في هذا البلد حلوه ومره وكان يدا واحدة في السراء والضراء».
وانتقد ولد هميد «الدعوات العنصرية واستخدام القضايا الاجتماعية كالعبودية والنعرات القومية الضيقة، مطية للوصول للمزايا الشخصية».
وكانت اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات التي تشرف على هذا الاستحقاق قد دعت في بيان لها أمس «المرشحين ومن يساندهم للالتزام بمدونة سلوك تستبعد كل خطاب أو تصرف من شأنه إثارة الشحناء أو العنف أو الطعن في كرامة المنافسين أو في حياتهم الخاصة».
وطالبت «السلطات الإدارية بالتزام موقف الحياد المطلق تجاه المترشحين، وإيلاء عناية خاصة لترتيبات الأمن الضرورية لتنظيم الحملة الانتخابية في أحسن الظروف».
هذا وتنظم هذه الانتخابات في ظل مقاطعة الطيف السياسي المعارض لها وهو الطيف المنضوي في إطار منتدى الديموقراطية ولوحدة الذي يضم 12 حزبا سياسيا وعددا من النقابات وهيئات المجتمع المدني ومجموعة كبيرة من الشخصيات السياسية المرجعية.
يذكر أن موريتانيا شهدت، منذ دخولها عهد التعددية السياسية عام 1991، تجارب انتخابية كثيرة اتسمت كلها بالتزوير المستمر لصالح الحاكم العسكري.
وكانت الانتخابات الرئاسية التي جرت في مارس 2007 أول انتخابات يشهد لها الجميع في الداخل والخارج، غير أن هذه التجربة قد قوضها الانقلاب الذي قاده الجنرال السابق والرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز في آب/أغسطس عام 2008 ضد الرئيس المنتخب سيدي ولد الشيخ عبد الله.وشهدت موريتانيا في يوليو 2009، في ظل الأزمة التي سببها الانقلاب، انتخابات رئاسية فاز فيها محمد ولد عبد العزيز بنسبة 53 بالمائة من الأصوات.
ويتوقع المراقبون أن يفوز ولد عبد العزيز في الانتخابات الحالية بما لا يقل عن 91 بالمائة من الأصوات وذلك اعتمادا على عدة معطيات ومقارنات أبرزها ما يتمتع به الرئيس الحالي من تأييد واسع على مستوى القبائل ورجال الأعمال وعلى مستوى الجيش، ومنها ضعف منافسيه الذين لا يتوقع المتابعون حصولهم مجتمعين على 10 بالمائة من الأصوات.


