هوليوود وكالات يعتبر جيفري كاتسنبرغ، رئيس شركة دريمووركس انيميشن، أحد اكثر الشخصيات أهمية وتأثيرا في عالم صنع الأفلام في هوليوود وخارجها منذ أن بدأ حياته المهنية في العشرينيات من عمره في شركة ‘باراماونت’، حيث نجح بإحياء مشروع ‘ستار تريك’ وحوله من برنامج تلفزيون فاشل إلى فيلم ذي إيرادات ضخمة.
عام 1984، تسلم كاتسنبرغ زمام رئاسة إنتاج الأفلام في شركة ديزني، التي كانت تعاني من مشاكل مادية صعبة. ولكن تحت إدارته تفوقت ديزني على الاستوديوهات الاخرى في هوليوود بفضل النجاح الباهر للأفلام التي اشرف كاتسنبرغ على إنتاجها.
وكان كاتسنبرغ ايضا مسؤولا عن انتاج فيلم الصور المتحركة ‘علاء الدين’، الذي حصل على جوائز عدة وتصدر لائحة الإيرادات لافلام الصور المتحركة جامعا 525 مليون دولار في عام 1992 .
لكن رغم أن الفيلم كان مقتبسا من رواية عربية عريقة، الا ان الاشخاص العرب فيه ظهروا كهمجيين عديمي الضمير، رديئي الأخلاق وقبيحي الشكل، مما أثار غضب الجمعيات العربية في امريكا، التي اتهمت ديزني بالعنصرية، وطالبت بتعديل الفيلم. ومن ناحيتها وافقت ديزني على تغيير بعض الكلمات المسيئة للعرب في أنشودة افتتاح الفيلم، ولكن أبقت كلمة الهمجية، كنعت ملائم للشرق الاوسط.
وفي لقاء تلفزيوني حصري اجريته مع كاتسينبرغ لبرنامج سينما بديلة ‘بي بي سي’ في مكتبه في لوس انجليس في الاسبوع الماضي، اكد لي أن نواياه كانت حسنة ولم ينو ابدا أن يؤذي أحدا او يتعدى على قيمه أو معتقداته عندما اعطى الضوء الأخضر لصنع فيلم علاء الدين.
‘كان درسا عظيما مفاده أنك يجب أن تبقي عينيك وأذنيك مفتوحتين لتعرف جيدا أنك دخلت مكانا محظورا عن غير قصد. احترام قيم الآخرين ومعتقداتهم هو اهم الأشياء في حياة الإنسان. هذه هي طريقتي في الحياة’، يقول كاتسينبرغ.
وبالفعل بعد الضجة التي أثارها فيلم علاء الدين، وعد كاتسينبرغ الجمعيات العربية بمشاورتهم عندما يقوم بصنع افلام تتعلق بشؤون عربية او اسلامية، ووفى بوعده عام 1998 عند شروعه بصنع فيلم ‘برنس اوف ايجيبت’ الذي يسرد قصة النبي موسى عليه السلام، عارضا مشاهد استلهمت من آيات من القرآن الكريم بشكل صحيح ودقيق.
‘قصة موسى هي قصة مشتركة بين ثلاث من الديانات الكبرى الموجودة على هذا الكوكب. في اليوم الأول قلنا إن نيتنا عمل قصة ملهمة للجميع لأن هذه القصة ذات أهمية في كل من الانجيل والقرآن والتوراة. وهي موجودة بطبيعتها داخل أنفس الكثير من الناس وفي الكثير من الديانات. لذا فعلنا كل ما بوسعنا حتى لا نقوم عن غير قصد بشيء لم نرغب في فعله’. يعلق كاتسينبرغ.
بعد أن ترك شركة ديزني عام 1994، قام كاتسينبرغ بتأسيس شركة دريمووركس لصنع الافلام مع زميليه المخرج ستيفين سبيلبرغ ومنتج الموسيقى دافيد غيفين. وقبل ان استفرد بفرع الصور المتحركة في دريمووركس، كان كاتسينبرغ وراء أهم الافلام الروائية التي انتجت في التسعينات مثل ‘غلادييتار’ و’اميريكان بيوتي’ و’بيوتيفول مايند’. ولكن شغفه الرئيسي كان دائما في الصور المتحركة، حيث كان مسؤولا عن إنتاج عدد كبير من تلك الأفلام.
مؤخرا قام كاتسنبرغ بافتتاح شركة دريمووركس اوريينتال في الصين، ليصبح أول رجل أعمال غربي ينجح بتأسيس شركة هناك بدون أن يكون تحت وطأة صينية وذلك، بلا شك، بفضل نفوذه القوي في البيت الأبيض وعلاقته الحميمة مع الرئيس الأمريكي براك اوباما.
أما هذه الايام فهو يستعد لعرض الجزء الثاني لفيلم ‘كيف تدرب الدراغون’ في مهرجان كان السينمائي في شهر مايو/آيار المقبل.
والشهر الماضي قام باطلاق فيلم وفي شهر تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل سوف يطلق فيلم ‘المنزل ‘.
كاتسينبرغ ليس المسؤول الهوليوودي الوحيد الذي بات يلجأ لعظة عرب ومسلمين عندما ينتج أفلاما تتعلق بشؤونهم. فهناك تحسن ملحوظ في تعامل هوليوود مع قضايا العرب والمسلمين في افلامها مؤخرا. ولكن ما زلنا في بداية الطريق. ففي عام 2007 كشف استطلاع رأي مسلمين في بريطانيا أن مصدر الكراهية تجاههم والتمييز ضدهم هو صور الاسلام والمسلمين السلبية التي تعرض على شاشات التلفزيون والسينما.
رغم ذلك، الحديث مع كاتسينبرغ يثبت انه بإمكان العرب أن يؤثروا على وجهة نظر هوليوود تجاههم عن طريق النقاش العقلاني وتوعية المسؤولين فيها حول حضارتنا وعقائدنا بدلا من حرق الأعلام في الشوارع وتفجير البنايات وقتل الابرياء.
أفلام هوليوود هذه العصر تصل مئات الملايين من البشر من كل أنحاء العالم وليس فقط في أمريكا وأورابا كما كان الحال في عهد الحرب الباردة، وبالتالي ما يعرض فيها يؤثر على بلورة انطباع وفكرة مشاهديها عن غيرهم من الناس، فلا بد لنا أن لا نتجاهل هذه القوة الإعلامية الهائلة ونجعل منها صديقا وليس عدوا.


