خبر : التونى.. ساقى الأرواح وسلطان المنشدين فى حضرة مولاه

الأربعاء 19 مارس 2014 01:01 م / بتوقيت القدس +2GMT
التونى.. ساقى الأرواح وسلطان المنشدين فى حضرة مولاه



القاهرة وكالاتولد التونى ـ بحسب نجله محمد ـ عام 1934 بقرية دكران التابعة لمركز ابوتيج، لأب متصوف يعمل تاجرا للعسل والبلح، وكفله جده بعد وفاة والده، وحين بلغ الثانية والعشرين من عمره، تعرف على أقطاب المديح آنذاك ـ الشيخ احمد حسونة، والشيخ مرسال والشيخ خليل احمد صالح، وكان حينها مغرما بأغانى السيدة ام كلثوم، وتلاوة الشيخ مصطفى اسماعيل.
ويضيف محمد التونى: «قبل 60 عاما عندما بدأ والدى الانشاد الدينى كانت الناس بسيطة ولا تملك المال لإقامة مثل هذه الليالى الكبيرة التى نراها اليوم، فكان يذهب لإحياء ليلة طهور بدون أجر، ويكتفى فقط بأن يناول العشاء مع من يرافقه من الدراويش.. ولم تكن هناك فرقة موسيقية ترافق المنشد، وحتى بعدما استعان بالآلات الموسيقية، كان يعتمد أكثر على الكلمات، وليس الألحان».
ويتابع: فى الوقت الذى ولدت فيه شقيقتى الكبرى لم يكن والدى يملك مالا على الاطلاق حتى ليغطى تكاليف الولادة، وبالمصادفة كان فى هذه اليوم يحيى ليلة، فجمع له الناس 22 جنيها وكان هذا المبلغ فى هذا التوقيت ضخما جدا.
يوضح محمد: بدأت شهرة والدى تدريجيا بتردده على الموالد الكبيرة مثل الحسين والسيدة زينب وغيرها فى الصعيد والوجه البحرى.. وما لا يعرفه الكثيرون عن الشيخ أحمد التونى أنه كان لا يشترط أجرا مقابل احياء ليلة، وكان أكثر شىء يشغله أن تنجح الحلفة التى يحييها ويستمتع الجمهور بما يقدمه من مديح وانشاد فى حب الرسول وآل البيت.
وكشف محمد أن الشيخ التونى كان يتقاضى ألفى جنيه فقط فى احياء الليله وكان يقبل بأقل من ذلك أحيانا، رغم ان منشدى الدرجة الثانية والذين لا يصلون إلى مرتبته يشترطون مقابل إحياء الليلة الواحدة 5 آلاف جنيه.
وكان يفعل ذلك من منطلق أن الله منحه حب الناس والشهرة الواسعة، فكانت الناس تحبه كثيرا لدرجة أنه كان يقيم فى السنة الواحدة التى تضم 365 أكثر من 360 حفلة تقريبا، وهذا عدد ومجهود ضخم جدا لم يكن يستطيع أن يفعله الا الشيخ التونى.
يفسر محمد هذه القدرة الكبيرة على احياء هذا الكم الكبير من الحفلات قائلا: كان والدى يلقب فى وسط المنشدين بـ«الكساح» لأنه كان يقوم بإحياء أكثر من حفلة فى الليلة الواحدة، وفى حياته ابدا لم يعتذر عن اقامة أى حفل، فكان يرى ان الله منحه الصوت والصحة وليس من حقه أن يبخل بهما على الناس.
عن طقوس الشيخ التونى يقول محمد: لم يكن لوالدى طقوس شخصية فى اقامة الحفلات، الا ما اشتهر به من استخدامه «مسبحة يده» فى الايقاع، حيث كان يتولى من خلالها ضبط إيقاع الفرقة بالكامل من خلال النقر بمسبحة على كأس زجاجى.
لكن ما عدا ذلك كان لا يفعل أى شىء قبل بداية الحفلات حتى إنه لم يكن يحضر ما سينشده فى الحفلات، وكان ينشد بشكل تلقائى غير مرتب حسب حالة الجمهور الذى يقف أمامه، وما يطلب.
وعن القصائد التى كان يختارها لينشدها، يوضح محمد أنه لم يكن يكتب قصائد لنفسه وانما كان يعتمد على تراث كبار أئمة التصوف ابن الفارض وابو العزايم والحلاج.
عن سفرياته خارج مصر ووصوله إلى العالمية يقول محمد: كانت اول رحلة خارج مصر لوالدى عام 1998 إلى ايطاليا حيث أقام هناك حفلين، ومنذ هذا التاريخ وحتى آخر رحلاته فى الخارج عام 2008 إلى بروكسل زار تقريبا معظم الدول الأوروبية والعربية، ومن الدول الذى زارها واقام فيها حفلات كثيرة سويسرا والمانيا والبرتغال والبرازيل وامريكا، وكل دول شمال افريقيا، وتركيا، لكن كان هناك دولتان يتردد عليهما باستمرار وضرب رقما قياسيا فى اقامة الحفلات هناك وهما فرنسا وبلجيكا، كانت هناك حالة عشق غير عادية من الجمهور الفرنسى والجاليات العربية هناك لصوت الشيخ التونى، فقد زار فرنسا خلال حياته أكثر من 50 مرة واقام هناك حوالى 70 حفلة، وبلجيكا زارها تقريبا 30 مرة واقام هناك 50 حفلة تقريبا.
ومن اسباب انتشار الشيخ أنه كان يرى الإنشاد والموسيقى ‏الروحية وسيلة لإيصال رسالة التصوّف الإسلامى إلى العالم كله، وكان يرى أن التصوف صالح لجميع الأديان وليس حكرا على المسلمين وحدهم.
عن الايام الاخيرة فى حياة الشيخ التونى يقول محمد إنه لم يعان من المرض الا فى الشهرين الاخيرين من حياته، فرغم بلوغه الثمانين من عمره الا أنه أبدا لم يستسلم لتقدمه فى العمر وكان متمسكا بإقامة الحفلات والليالى، وبالمناسبة كان مخططا أن يسافر إلى امارة أبوظبى والمانيا فى مايو المقبل الا أن الموت غيبه رحمه الله.