القدس المحتلة سما وجه العديد من المحللين السياسيين والعسكريين الإسرائيليين انتقادات لاذعة لسياسة حكومة بنيامين نتنياهو، في كل ما يتعلق بإدارة الأزمة مع سورية، وشددوا على أنه بالرغم من الإدعاء الرسمي في تل أبيب بأن الدولة العبرية لن تتدخل في الحرب الأهلية الدائرة في سورية.الا أنه في الأيام القليلة الماضية قام مسؤولون إسرائيليون من المستويين السياسي والأمني في تل أبيب بتسريب معلومات إلى الصحافة الأجنبية ‘نيويورك تايمز الأمريكية وصندي تايمز البريطانية’ الأمر الذي سبب المشاكل للحكومة في تل أبيب وألزمها مرة تلو الأخرى على نفي الأنباء، والتي رأى المحلل للشؤون العسكرية في صحيفة ‘هآرتس′، عاموس هارئيل، صاحب الباع الطويل في المؤسسة الأمنية والعسكرية، أن أخطرها كان ما نشرته صحيفة ‘نيويورك تايمز′ حول التهديد الإسرائيلي للرئيس السوري د. بشار الأسد، بأنه وفي حال أقدم على الرد على الهجمات الإسرائيلية الأخيرة، فإن الدولة العبرية ستُهاجمه حتى إسقاط نظامه، لافتًا إلى أن هذا التهديد كان في غير محله، وأنه عاد بالأضرار البالغة على إسرائيل وعلى سياستها المعلنة بأنها لن تتدخل، إلا في حال اجتياز سورية للخطوط الحمراء وتزويد حزب الله اللبناني بأسلحة متطورة ومخلة بالتوازن والتفوق الإسرائيلي، على حد تعبيره.ولكن المحلل عبر عن شكوكه في أن يتمكن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، من إخراج تهديداته إلى حيز التنفيذ، إذا تم الأخذ بعين الاعتبار الهجمات الثلاث الأخيرة على سورية، والتي ما زالت تل أبيب ترفض تحمل مسؤوليتها. بيد أنه يُشك في أن تستطيع إسرائيل، أضاف هارئيل، أن تعمل مباشرة على إحباط صفقة روسية سورية.وبإزاء افتراض أن تستمر إيران في حث الأسد على مساعدتها على نقل سلاح إلى حزب الله قد تكون إسرائيل أطلقت أكثر الرصاصات التي كانت في مشط الرصاص، على حد تعبيره.مضيفًا أن الإغراء العملياتي بالعمل على إحباط تهريب السلاح كبير دائمًا لأن رجال الاستخبارات سيُبينون أنهم يملكون معلومات دقيقة ولا يستطيعون ضمان مستوى مشابه للمعلومات الاستخبارية بعد أن تجتاز منظومات السلاح المتقدم الحدود إلى لبنان. وسيكون الضغط على القادة ملحوظا ليُوافقوا على عملية إحباط أخرى، ويصعب في المقابل الاعتماد على أن يستمر الشلل الذي أصاب الأسد إزاء إعمال القصف السابقة، إلى الأبد، على حد قوله.وساق هارئيل قائلاً، نقلاً عن مصادر أمنية وصفها بالعليمة جدًا، إن نظام الرئيس الأسد يقوم في الآونة الأخيرة بتوزيع ونشر تلميحات حول نيته هذه المرة في الرد على أي هجوم إسرائيلي مفترض أوْ محتمل، فعلى سبيل الذكر لا الحصر، أشار المحلل إلى أن سورية قادرة على إطلاق صاروخ مطور للغاية باتجاه أحد الأهداف الإسرائيلية الإستراتيجية، مثل أحد مرافق البنية التحتية أو قاعدة لسلاح الجو الإسرائيلي، الأمر الذي سيضع نتنياهو نفسه أمام معضلة صعبة للغاية: أنْ يرد على الهجوم السوري والمخاطرة في تردي الأمور، أوْ التغاضي عن الأمر، وهكذا، أضاف هارئيل، ستتحول المشكلة التكتيكية (تهريب أسلحة سورية إلى لبنان) إلى مشكلة إستراتيجية تتمثل في اندلاع حرب بين سورية وإسرائيل، على حد تعبيره، وبالتالي شدد المحلل على أن نتنياهو ملزم بأنْ يأخذ هذا الأمر في حساباته وعلى محمل من الجد.وأشار هارئيل أيضا إلى أنه إذا تجدد الحديث مرة أخرى عن توجيه ضربة عسكرية إسرائيلية لتدمير البرنامج النووي الإيراني، بعد الانتخابات الرئاسية في طهران، في شهر حزيران (يونيو) القادم، فإن السؤال الذي سيكون مطروحًا أمام صناع القرار في تل أبيب: استنزاف الجيش الإسرائيلي في حرب مع سورية وحزب الله أمْ إيران، ذلك أن خوض مواجهة عسكرية إسرائيلية على الجبهة الشمالية لا تسمح للجيش الإسرائيلي حتى نهاية السنة الحالية على الأقل بفتح جبهة ثانية ضد إيران، التي تُعتبر مشكلتها النووية، بحسب الكاتب، أهم بكثير من سورية وحزب الله، لأن إيران النووية ستُشكل تهديدًا وجوديًا على الدولة العبرية، على حد تعبيره.وتابع المحلل قائلاً إنه على الرغم من أن الرئيس السوري الأسد ليس معنيًا بالحرب ضد إسرائيل، فإن الأدلة والبينات التي تم جمعها من قبل الاستخبارات الإسرائيلية تدُل على أنه، أيْ الأسد، سيقوم بالرد في حال قامت إسرائيل مرة أخرى بمهاجمته عن طريق سلاح الجو، ولكنه استدرك قائلاً إن توجيه صواريخ من طراز (تشرين) صوب إسرائيل، وتحديدًا تل أبيب، كما قالت صحيفة ‘صندي تايمز′ الاحد، نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين، ليس في الحسبان، ذلك أن محافل أمنية في تل أبيب، وصفها بأنها رفيعة المستوى، أكدت للصحيفة العبرية أمس بأن الخبر عار عن الصحة، لافتةً إلى أنه من غير المعقول أنْ تقوم سورية بنشر هذه الصواريخ على الملأ لتكون هدفًا مريحًا للدولة العبرية لضربها، وذلك قبل أن تتخذ دوائر صنع القرار في دمشق القرار بتوجيه الضربة لإسرائيل ردا على أي هجمة، كما قالت المحافل نفسها.وقال المحلل الإسرائيلي أيضا إنه في الشهر القادم سيعقد في موسكو برعاية روسيا والولايات المتحدة الأمريكية مؤتمر دولي لبحث الأزمة السورية، وبحسب جميع الدلائل والمؤشرات، قال المحلل فإن سورية ستُواصل نزيف الدم، واحتمالات نجاح المؤتمر ضئيلة للغاية، لأمر الذي سيؤدي إلى مواصلة التدخل الأجنبي والعربي في سورية، لصالح النظام ولصالح المعارضة، كما أنه من غير المستبعد بتاتًا أن تنضم الدول الأوروبية وأمريكا إلى التدخل وتزويد المعارضة بالأسلحة، وبالتالي خلص هارئيل إلى القول إنه كلما ازداد الوضع سوءا في سورية، فإنه يتحتم على إسرائيل التصرف بحكمة ومسؤولية وحذر لكي لا تنجر إلى حرب مع سورية، على الرغم من أنها باتت لاعبًا في الحرب الدائرة اليوم في الشرق الأوسط بين روسيا وأمريكا، على حد تعبيره.