القدس المحتلة / سما / رأى مركز الدراسات الأمريكية والعربية، الذي يُديره د. منذر سليمان، أن غياب طابع الجدية والثبات كان طاغيًا في زيارة اوباما، التي سرعان ما تحولت إلى زيارة استكشافية للمعالم الهامة التي تزخر بها المنطقة. أما الرسالة الخفية فهي التأكيد على دور الكيان الإسرائيلي في المنطقة، كركيزة للمخططات الأمريكية، وأضاف أنه لعل الأهم في معالم الزيارة هو ما جرى تجنبه من الإدراج على جدولها، إذ رفض اوباما الظهور أمام الكنيست وإلقاء كلمة فيه، إجراء يعد لازمة لكل رئيس أمريكي زائر، كما تجنب زيارة حائط المبكى اللازمة الأخرى. وتابع قائلاً إن زخم التغطية الإعلامية رمى لإرضاء الجالية اليهودية الأمريكية واستعادة ثقتها، سيما بعد تصاعد نغمة النداءات التي تزعم أن سياسات اوباما معادية لإسرائيل لتجنبه زيارتها من موقعه الرئاسي، مقارنة مع سلفيه الرئيسين جورج بوش الابن وبيل كلينتون اللذين لم يدخرا جهدا إلا وبذلاه في استثمار العلاقة الأمريكية الإسرائيلية. ولفت إلى أن شعبية اوباما لدى الإسرائيليين متدنية ولم تتجاوز 10 بالمئة، وبالنظر إلى النتائج المخيبة لآماله نتيجة انخراطه المباشر في المفاوضات السلمية إبان ولايته الرئاسية الأولى، يُمكن القول إن اوباما سينأى بعيدًا عن الانخراط الفعال، وقد يحيل المهمة إلى وزير خارجيته جون كيري. وأشارت الدراسة إلى أن أوباما لم يلجأ إلى التعويل على جهود مفاوضات ثنائية تجري بين حكومتين، بل استعاض عنها بإلقاء كلمة مباشرة أمام حشد من الطلبة الجامعيين في القدس المحتلة، موجها خطابه مباشرة إلى المواطنين الإسرائيليين والأمريكيين. كما تبنى اوباما في خطابه الرواية الصهيونية بكاملها لقراءة الصراع العربي ـ الصهيوني، لم يجد غضاضة أو تناقضًا بين زعمه التبشيري بديمقراطية إسرائيل، وتأكيده للاعتراف بها كدولة يهودية. ولا يبدو انه يكترث بمصير أصحاب الأرض من الفلسطينيين الذين سيتعرضون بالطبع للترحيل من وطنهم. كما التف على موضوع الاستيطان في مسعى لتهميشه، وأشار إليه فقط باعتباره عملاً غير بناء أو مناسب أو يخدم هدف السلام، أي تجاوز اعتباره أمرًا محظورًا قانونيًا لأنه تصرف بأراضي الغير من قبل سلطة احتلال. وقالت الدراسة أيضًا إن تصريحات اوباما في المؤتمر الصحافي المشترك في رام الله، بينت بوضوح تقربه نحو الموقف الإسرائيلي فيما يتعلق بوضعية المستوطنات التي تفادى وصفها غير شرعية، بالنقيض مع سياسة إدارته عينها سابقًا. كما قالت الدراسة: تصدرت جدول إعمال لقاء اوباما ونتنياهو مسألتي إيران وسورية، بخلاف توقعات البعض لحضور ملف المفاوضات الإسرائيلية ـ الفلسطينية. ففي سورية، تجري مخاوف من تجدد الاشتباكات على جبهة مرتفعات الجولان، خاصة بعد تعرض مواقع قوات الأمم المتحدة للقصف من قبل المسلحين السوريين، ودخول الأسلحة الكيميائية ميدان المعارك، وإدخال مكونات كيميائية في المواجهات المسلحة يثير اهتمامات وطرح أسئلة كبيرة، المثير أنه في زمن وفرة انتشار المعلومات تبقى حالة من عدم التيقن للمصدر والفاعل، مما وفر ذخيرة إعلامية يستغلها الطيف الواسع من الفاعلين، كل لمصلحته، بل يراها البعض أنها الرمق الأخير في المخطط الغربي لتوفير ذريعة التدخل بعيدًا عن الآليات والأعراف الدولية، سيما وأن بعض تلك الأطراف رسم خطوطًا حمراء للحكومة السورية تجاوزها يستدعي تدخلاً عسكريًا أمريكيًا، وفي حال الإدارة الأمريكية، من المرجح أن تبقي إدارة الرئيس اوباما على ضبابية الأمر، رغم تيقنها لهوية الفاعل الحقيقي، لتفادي بلورة أي رد مفترض. وأشارت الدراسة إلى أن العلاقات الإسرائيلية المصرية كانت حاضرة على جدول الأعمال، وإنْ غيبتها التغطية الإعلامية، للخشية من العدد الكبير للجيش المصري في ظل مناخ سياسي داخلي مضطرب، كما تخشى إسرائيل من عدم قدرة قواتها المسلحة مواجهة القوات النظامية المصرية بعد إدخال تعديلات على عقيدتها القتالية بتخفيف الاعتماد على الأسلحة التقليدية، كالمدرعات، والتركيز على إستراتيجية غير تقليدية. وعليه، من المرجح أن تلجأ إسرائيل لطلب مزيد من المعدات والوسائل القتالية لتعويض النقص في قدراتها. وفي مسألة الملف النووي الإيراني، أكد اوباما مجددا أن الولايات المتحدة لا تنهج سياسة احتواء إيران، وستعمل على منعها التسلح نوويًا، لافتةً إلى أن ما ينتظر اوباما في هذا الشأن هو قدرته على ردع إسرائيل من القيام بإجراء أحادي الجانب ضد إيران، إذ من غير المنتظر أن يلقى آذانًا صاغية داخل أوساط حكومة نتنياهو الحالية دون تقديمه مزيد من الخطوات البديلة، ولم يعد سرًا قلق أمريكا لقيام إسرائيل بشن غارة عسكرية على إيران، أو ضيق ذرع الإسرائيليين باعتماد المقاطعة الاقتصادية أسلوبا رئيسا. وزادت الدراسة قائلةً إنه من المرجح أن تفضي الزيارة عن اتفاقية غير معلنة لتعزيز التعاون بين الموساد ووكالة المخابرات المركزية، (CIA)، كما يستدل من تقرير لصحيفة (واشنطن بوست) الذي جاء فيه: قامت أجهزة الاستخبارات الأمريكية بالتعاون الفعال مع الموساد لإنشاء قوة لشن حرب بالوكالة من وراء الأضواء. ونقلا عن تصريحات مؤكدة لمسؤولين أمريكيين، جاء في تقرير لشبكة (NBC) أن الجهاز الإسرائيلي (الموساد) قام بتدريب وتسليح عناصر من مجاهدي خلق سرًا لاغتيال علماء إيرانيين في علم الذرة بطهران. وخلصت الدراسة إلى القول إن أوباما يستطيع أنْ يعلن انجازا لم يتصدر جدول زيارته إعلاميا أصلاً وهو استعادة دفء العلاقات بين حليفين رئيسين لواشنطن: تركيا وإسرائيل، خطوة تبدو مع تطورات أخرى في المنطقة تؤشر على مسعى واشنطن لسد أي ثغرات في معسكرها الإقليمي لممارسة المزيد من الضغط الميداني في مسرح العمليات الخفية والعلنية من لبنان، سورية، فلسطين، العراق وإيران، والسؤال يبقى عالقًا كيف سيرد المعسكر المستهدف لوقف عمليات التطويق والاستنزاف، على حد تعبير الدراسة.