رام الله / سما / عرض، مساء اليوم الاثنين، رئيس الوزراء سلام فياض، الخطوط العامة لمشروع الموازنة للعام 2013 والمقدرة بحوالي 3.8 مليار دولار، وبعجز جاري قبل التمويل بقيمة 1.050 مليون دولار، في حين بلغت المديونية العامة للسلطة حوالي 3.804 مليار دولار. وبين فياض أن الجزء الأصعب من الأزمة المالية مر، دون أن يعني ذلك أننا خرجنا من الأزمة. وقال فياض ’إعداد الموازنة لهذا العام جاء في ظروف صعبة في ظل تفاقم الأزمة المالية التي بدأت منذ منتصف العام 2012، والناجمة عن تحدي الاحتلال ومحدودية الموارد والانحسار في المساعدات الخارجية’. جاء هذا العرض في جلسة الاستماع التي نظمتها مؤسسة الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة ’أمان’، لفياض بصفته وزيرا للمالية حول مشروع الموازنة، بحضور عدد كبير من قيادات العمل الحكومي والعمل الأهلي والمهتمين، بمدينة رام الله. وأشار إلى أن الأزمة المالية الحالية هي نتيجة أزمات لازمت السلطة، وكان أسوؤها ما تعرضنا له مؤخرا، وذلك بسبب عدم ورود ما يكفي من المساعدات الخارجية حسب ما هو مبرمج له في الموازنات السابقة. وأوضح أن الأزمة المالية أضعفت الإيرادات المحلية، وأسهمت في ارتفاع نسب البطالة، مبينا أنه للحفاظ على ذات النسب من البطالة يجب تسجيل نسب نمو تتجاوز 5%، وهو غير متوفر بسبب انحسار المساعدات الخارجية. وقال فياض ’إجمالي المديونية العامة للسلطة بلغت حوالي 3.804 مليار دولار، معيدا أسباب هذا العجز لتراجع وصول المساعدات كما هو مخطط لها، وأن النقص في هذه المساعدات بلغت قيمته منذ منتصف العام 2010- وحتى اليوم حوالي 1.2 مليار دولار، منها 750 مليون دولار نقص في التمويل المخصص من مساعدات و450 مليون دولار نقص في النفقات التطويرية’. وأضاف ’هذا النقص كان له مردود سلبي عكس نفسه في أزمة استفحلت وشعر بها كل من تعامل مع السلطة من موظفين وموردي الخدمات، والضغط المضطرد مع الاقتراض، ما أدى إلى تراكم المتأخرات وزيادة الاقتراض النظامي’. وبين فياض أن الدين النظامي الخارجي المتعاقد عليه حتى نهاية العام 2012 بلغ حوالي 1.1 مليار دولار، ولا تغير في هذا الرقم منذ سنوات، في حين بلغ الدين الداخلي حتى نهاية العام 2012 حوالي 1.385 مليون دولار بزيادة بلغت 287 مليون دولار، في حين بلغت زيادة هذا الدين حوالي 540 مليون دولار عن سنة الأساس عام 2010. وأشار إلى أن المتأخرات على الحكومة وصلت لحوالي 400 مليون دولار للموردين على مدار العام الماضي، وديون لصندوق التقاعد جاري التخالص عليها ووصلت لحوالي 919 مليون دولار. وتساءل فياض أين نقف مع هذا الدين، قائلا ’بالعادة يقاس الدين العام بنسبة معينة من الناتج القومي الإجمالي، والناتج المحلي الفلسطيني وصل لحوالي 10 مليار دولار، ونسبة الدين العام منه وصلت إلى 38% منه، وهي نسب أقل من نسب دول الإقليم المقترضة، ودوليا هناك معايير متعارف عليها، ففي أوروبا يجب ألا يزيد عن 60% من الناتج المحلي، وبهذا المعنى فوضعنا ليس سيئا كما يشاع’. وعن المعايير التي يتم التعامل معها عند إعداد الموازنة في الموازنة العامة، قال فياض ’بالعادة نأخذ معيار يستهدف النهوض في العمل المؤسسي، والتركيز على أداء المؤسسات، وتطوير الرعاية الاجتماعية’، مبينا أن شبكة الأمان الاجتماعي ستصل لحوالي 100 ألف أسرة بكلفة تصل 110 مليون دولار، عدا عن خدمات التعليم والصحة والعمل، لافتا لإقرار عدد من التشريعات التي تستهدف النهوض بعمل هذه القطاعات مثل الحد الأدنى للأجور والعمل جاري على قانون للضمان الاجتماعي والرعاية الصحية. وأضاف ’من المنطلقات التي تعمل مشاريع الموازنة العامة على تحقيقها؛ تعزيز القدرة على الصمود من خلال مشاريع تنموية ركزت على الأرياف في مواجهة الاحتلال والاستيطان’، مشيرا لتنفيذ الحكومة 720 مشروعا بكلفة 1.626 مليار دولار في موازنة العام 2012. ومن المحددات التي تعمل مشاريع الموازنات عليها، زيادة حصة النفقات الجارية من الإيرادات المحلية، موضحا أن هذه الحصة بدأت بالارتفاع منذ العام 2005 وكانت تشكل نسبة 57%، وارتفعت إلى 67% عام 2012، متوقعا أن تصل في موازنة العام 2013 إلى 70%. وأعرب فياض عن أمله بأن تصل حكومته بالموازنة العامة إلى نقطة نستطيع فيها التعامل مع المشاريع التشغيلية والجارية من مواردنا المحلية، موضحا أنه كان يمكن لمواردنا أن تكون في حال أفضل لو تم تنفيذ التفاهمات مع الجانب الإسرائيلي في العام الماضي، والخاصة بتنفيذ اتفاقية باريس الاقتصادية فيما يخص تحصيل ضرائبنا من المقاصة وجماركنا. وأكد فياض أن العجز الجاري بدون مساعدات شهد انخفاضا ووصل في الموازنة المقترحة لحوالي 1.050 مليون دولار بنسبة 9%، في حين بلغت نسبته 14% في العام 2012. وفيما يخص بند الرواتب، أكد فياض أنه لن يطرأ أي زيادة على عدد موظفي القطاع العام البالغين 154 ألف موظف، وسنقوم بعملية التدوير بين الوزارات، مبينا أن الإجراء الأخير من خلال تجديد معلومات الموظفين من خلال البنوك يستهدف التأكد من الموظفين خارج فلسطين ويتقاضون رواتبهم، وخاصة أن عملية التدقيق من خلال الوزارات صعبة في قطاع غزة. وبين فياض أن عملية التدقيق هذه قد تساعد وتفتح الطريق أمام تنفيذ وصرف العلاوة الدورية، وعلاوة غلاء المعيشة، وأن بند الرواتب سيشهد خفض لرواتب الوزراء ومن في مقامهم بنسبة 19%. وأكد فياض عمل الحكومة على تخفيض صافي الإقراض المتعلق بفواتير الكهرباء والمياه، لافتا لعمل حكومته على أن تقوم الجهات المقدمة لهذه الخدمات بتسديد فواتيرها مباشرة، دون خصمها من فاتورة المقاصة وهو ما استهدفته اتفاقية القاهرة لمكافحة التهرب من السداد، لافتا إلى فرض إسرائيل على السلطة العام الماضي تسديد بعض هذه الديون ما رفع من قيمة صافي الإقراض عما هو مقدر له في موازنة العام 2012، آملا بأن تتمكن الحكومة من خفضه لحوالي 81 مليون دولار في موازنة العام. ولفت فياض لعدم نية حكومته فرض ضرائب جديدة، وإنما التركيز على مكافحة التهرب الضريبي وزيادة نسبة جباية الضرائب . وفيما يخص دعم المنتج المحلي سواء في العطاءات الحكومية أو من خلال فرض ضرائب على البضائع الصينية، قال ’الحكومة رأت أن هناك إغراقا لأسواقنا ببعض المنتجات وهذا حقنا’. وأضاف ’القرار أثار الكثير من ردود الفعل، وأن الصيغة النهائية للقرار لم تصدر بعد، ولن يتم فرض ضرائب على المواد الخام، وإنما على السلع نفسها، وسينفذ هذا القرار على الاستيراد المباشر وغير المباشر، وسيتم العمل بالدمغة الجمركية بدءا من الأول من أيار المقبل، وأي بضاعة تخلو من هذه الدمغة سيتم التعامل معها مثل البضائع المهربة، وهناك توجه لآلية جديدة في تسعير المنتجات المستوردة. وأكد توجه الحكومة لطرق غير تقليدية من أجل حماية المنتج المحلي، وزيادة تنافسيته، لافتا لتوجه الحكومة لدعم الاقتصاد الفلسطيني من خلال عدد من الطرق من نوع التدخل في دعم القطاع الخاص في مواقع معينة، ودعم الطاقة من خلال مشاريع الطاقة البديلة. وتوقعت مسودة مشروع الموازنة التي تم توزيعها في الفعالية، أن يبلغ إجمالي الإيرادات 2.611 مليون دولار، وصافي الإيرادات العامة 2.488 مليون دولار، وسيبلغ حجم الجباية المحلية المتوقع 890 مليون دولار والمقاصة 1.722 مليون، وإرجاعات ضريبية بقيمة 123 مليون دولار. وسيصل إجمالي النفقات الجارية المتوقع وصافي الإقراض 3.538 مليون دولار، منها 1.880 للرواتب، و1.577 للنفقات الجارية الأخرى وصافي الإقراض 81 مليون دولار. وستصل قيمة النفقات التطويرية في الموازنة المقترحة 350 مليون دولار، والعجز الإجمالي قبل التمويل 1.400 مليون دولار، والتمويل الخارجي 1.400 مليون دولار. وقدم المشاركون من فريق العمل الأهلي تحليله لمشروع قانون الموازنة للعام 2013، واستنتجوا أنه لا بد من إعادة النظر بشكل عام في آلية إعداد الوازنة، والعمل الجاد لمكافحة الفساد والحد من استسهال الإنفاق العام، وبذل الجهود الممكنة لإنهاء الانقسام السياسي الذي كان أحد أسباب خفض المساعدات والمنح العربية، وإدراج التفاصيل المتعلقة بالإيرادات الضريبية، حيث يشكل غيابها تراجعا في مستوى الشفافية، وضرورة تفصيل كافة بنود الإيرادات غير الضريبية، وإيرادات المقاصة التي وردت مجتمعة في بند واحد فقط. وأوصوا بضرورة أن تشمل الموازنة العامة لعام 2013 على خطة الحكومة لكيفية تنفيذ توجهاتها وخططها المعلنة. وبين الفريق الأهلي من خلال عرضه لمراجعة تحليلية للنفقات والإيرادات العامة للسنة المالية للعام 2012 مع تحليل لبنود الإيرادات والمنح، إضافة لتحليل بنود النفقات العامة، والنفقات التطويرية والعجز المالي والدين العام. ووضع عدد من الملاحظات حول إمكانية الحد من الأزمة المالية الراهنة التي تمر بها، مبينا أن حلها يحتاج إلى حلول جذرية، وتدريجية ترتبط بجانبي الموازنة، مع عدم إغفال فاتورة الرواتب والتي تمثل 56% من إجمال الإنفاق الجاري خلال العام 2012. بدورها، طالبت رئيسة مجلس ’أمان’ حنان عشراوي صناع القرار ومن واقع تجربة ’أمان’ بإقرار قانون حق الحصول على المعلومة، من أجل ترسيخ مفهوم الشفافية والحكم الرشيد، وتعميق ثقافة حق الحصول على المعلومة. وأكدت عشراوي أن الأزمة المالية التي تعاني منها الحكومة تؤكد أهمية شفافية الموازنة وتنفيذها وإيجاد الحلول للمشاكل المستعصية. من جهته، قال مفوض ’أمان’ عزمي الشعيبي إن موازنة العام واجهتها عقوبات ليس فقط لزاوية تقليص العجز، وإنما بسبب وجود العديد من الآراء المختلفة حول تقليص النفقات وزيادة الإيرادات. وبين أن الفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة الناشئ منذ عامين تطور دوره هذا العام من إبداء الرأي إلى إنشاء موازنة المواطن، وستقوم ’أمان’ مع الفريق الأهلي لعمل الرصد الأهلي للموازنة العامة وستقوم بالرقابة على التنفيذ.