قال وزير الخارجية الامريكي الاسطوري هنري كيسنجر ذات مرة ان "مهمة الزعيم هي قيادة الذين يسيرون وراءه حيثما كانوا – الى مكان لم يكونوا فيه أبدا". في هذه الايام، التي تصخب فيها مرة اخرى الاصوات الداعية الى المساواة في العبء بصفتها المسألة المركزية في المفاوضات الائتلافية لتشكيل الحكومة، بقي الجمهور الاسرائيلي ينتظر الزعماء ليقودوه الى المكان الذي لم نكن فيه ابدا – الحوار. بينما ينشغل معظم زعمائنا في هذا الاوان في التمترس عند مواقفهم – اولئك الذين يطالبون بالمساواة في العبء بلا مساومة من جهة، ومن جهة اخرى اولئك الذين يدعون بان ما كان هو ما سيكون – لم ينهض احد منهم ليطرح السؤال الوحيد الذي ينزل الى جذر تعقيد المشكلة في المجتمع الاسرائيلي والذي مسألة المساواة في العبء هي مجرد عرض واحد من اعراضها: لماذا لا تندرج اجزاء واسعة من الجمهور، ولا سيما الاصوليين والعرب في اصطلاح "الاسرائيلي" كجزء من تعريفهم الذاتي؟ لماذا لا يتماثلون مع الدولة ويرون أنفسهم كمن ينطبق عليهم الواجب للمساهمة فيها ايضا؟حل المسألة سيكون حصريا نتيجة عملية الحوار التي تبدأ في جهاز التعليم، تتسلل الى مراكز الخطاب في المجتمع الاسرائيلي كله وفي النهاية نعرف من جديد اصطلاح "الاسرائيلي" بحيث يمكن لكل مقيم اسرائيلي حقا ان يعرف نفسه هكذا.امتنع معظم الجمهور في دولة اسرائيل عن الانشغال في هذه المسألة حتى الان، خشية أن يأتي تعريف جديد وواسع لاصطلاح "الاسرائيلي" على حساب الصهيونية. ولكن هل يمكننا أن نقول بصدق بانه في نفس الوقت الذي نطالب به بالمساواة الكاملة في الواجبات، فاننا مستعدون ايضا لان نمنح مساواة كاملة في الحقوق؟ هل نحن، الذين حتى الان تحملنا العبء وحدنا، ولكننا تمتعنا ايضا بهيمنة مطلقة على تعريف الاسرائيلية، مستعدون لان نشرك الاصوليين والعرب في تعريفها الجديد؟ عندما نجيب على هذا السؤال بالايجاب، سننضج الى اجراء خطاب صادق ومراعٍ مع الجمهور الاصولي والعربي، في اطاره يمكننا ايضا أن نطلب وان نحصل على مساهمة متساوية في العبء. هذا يجب أن يكون خطاب حساس يبدد خوفهم من ادراجهم في تعريف "الاسرائيلي" الذي يعني انفصالهم عن معتقدهم، ثقافتهم وهويتهم. تجربتي كمن أسس قبل عقد من الزمان حرم اصولي تدل على ان مثل هذه العملية يمكن ان تنجح. فاذا كنا بدأنا الوردية الاولى بعشرات قليلة من الطلاب، فقد بنيت الثقة رويدا رويدا، وصدحت قصص النجاح، واليوم يحصد المجتمع الاسرائيلي ثمار هذا الصنع – اكثر من 1.500 خريج ينخرطون في سوق العمل وفي المجتمع الاسرائيلي – واكثر من 2.000 طالبة وطالب اصوليين يسيرون في خطاهم الاولى في ذات الطريق حقا.علينا أن نفهم بان اصطلاح "الاسرائيلي" هو اصطلاح واسع ومركب. وهو يتضمن في داخله "نحن الصهاينة" ولكن ايضا "هم"، اولئك الذين لا يعرفون أنفسهم كصهاينة ولكن اسرائيليتهم تعبر عن نفسها في جملة الوان واشكال تختلف عن الواننا واشكالنا. علينا أن نجد السبيل لنضم الجميع، جميعنا، في هذا التعريف. مؤشر جلي على ذلك يجب أن يكون استعدادنا لان نكتب معا بيتا جديدا في قصيدة هتكفا، بيت يمكن لمزيد من الاسرائيليين ان ينشدوه وان يشعروا بانه مشترك لهم ولنا ويجعلنا جميعا جزءا من ذات القومية. مثل هذا الانفتاح لا يمكن أن يأتي الا من مكان قوة، ثقة وايمان بعدالة طريقنا. على زعمائنا ان يقودونا الى المكان الذي لم نكن به ابدا. عليهم ان يسيروا ضد الريح وان يقولوا للجمهور بشجاعة واستقالة بان الحلول الفورية ليست ممكنة وان تحقيق المساواة في العبء لا يمكن ان يأتي في شكل تشريع او "صيغة" جديدة بل فقط في عملية تربوية مركبة وطويلة. عليهم ان يقولوا من هم الشركاء في العملية، كي سيتم ذاك الحوار وان يحددوا العملية في زمن معقول.