خبر : «فورين أفيرز» : الإسلاميون ليســوا عقبـة أمـام الديمقــراطية

الأحد 03 مارس 2013 09:54 ص / بتوقيت القدس +2GMT
«فورين أفيرز» : الإسلاميون ليســوا عقبـة أمـام الديمقــراطية



واشنطن / وكالات /  بعد عامين من اجتياح الربيع العربي تونس ومصر، أصيب العديد من المواطنين في هاتين الدولتين بالإحباط بسبب بطء وتيرة التغيير، لأن ذلك التغيير لم يلبّ التوقعات المتمثلة في مزيد من فرص العمل، وزيادة الأجور، واجتثاث الممارسات السياسية السلطوية العالقة. وفي الآونة الأخيرة اندلعت احتجاجات عنيفة في مصر، وفي تونس أدى اغتيال القيادي المعارض البارز، شكري بلعيد، الى صدور دعوات لحل الحكومة. ويشعر المراقبون الدوليون بشكل متزايد بنوع من عدم التفاؤل حيال إرساء دعائم الديمقراطية، معتقدين بأن الربيع العربي قد تحول إلى «شتاء إسلاميين». ويستند هذا التكهن القاتم إلى فهم منقوص للقضايا المعقدة المطروحة على الساحة، وتوقعات غير واقعية بانتقال سريع على نحو سلس. ويستخدم محللون، مثل توماس فريدمان، ودانيال بايبس، وفريد زكريا، الأدلة - بالأقوال فقط - لشرح الانقسامات الأساسية السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تدفع الأحداث على أرض الواقع. حتى معظم المناقشات تعكس في كثير من الأحيان قصر نظر بشأن قوة ونوايا الإسلاميين. كما أن التغطية الإعلامية للاحتكاكات الشرسة في الشوارع، وفي البرلمان، وعبر صناديق الاقتراع تعكس انطباعاً بأن نتائج عملية الانتقال ستحدده القوة النسبية للإسلاميين والعلمانيين، إلا ان أبحاثنا الأخيرة تشير إلى خلاف ذلك. الدين والسياسة تشير الدراسة الميدانية التي غطت ‬1201 من التونسيين و‬4080 من المصريين بين أكتوبر ونوفمبر ‬2012، بعد عام تقريباً من انتخابات ما بعد الثورة، الى أن المؤسسات هي المسؤولة عن فشل إرساء الديمقراطية في البلدين أكثر من الإسلاميين، ولهذا فبدلاً من التعصب ضد الإسلاميين، يتعين على المجتمع الدولي أن يكون أكثر دقة في فهم التحول السياسي في العالم العربي، وينبغي أن يسعى جاهداً لدعم المؤسسات والإصلاحات الاقتصادية في البلدان العربية في مرحلة ما بعد الربيع. وتشير أبحاثنا إلى أن المواطنين في كلتا الدولتين لديهم مواقف أكثر اعتدالاً حيال دور الدين في السياسة، خلافاً لما تشير اليه الحكمة التقليدية. وتعتقد قلة قليلة جداً - ‬26٪ من التونسيين و‬28٪ من المصريين - أن الإسلام ينبغي أن يلعب دورا كبيرا في الحكومة. وفي تونس نجد أن ‬27٪ فقط ممن صوتوا لمصلحة حزب النهضة الإسلامي عام ‬2011 يريدون علاقة وثيقة بين الدين والسياسة. وينطبق الشيء نفسه على مصر، إذ إن ‬16٪ فقط من أولئك الذين صوتوا لمصلحة حزب «الحرية والعدالة»، الجناح السياسي لحركة «الإخوان المسلمين»، و‬22٪ من الذين صوتوا لمصلحة الحزب الديني المتطرف، حزب «النور» السلفي في انتخابات ‬2011 - ‬2012 يعتقدون أن الزعماء الدينيين ينبغي أن يهيمنوا على السياسة. كل التونسيين والمصريين يريدون أيضاً التنمية الاقتصادية، إذ إن ‬69٪ من المصريين و‬32٪ من التونسيين أجابوا، عندما سئلوا عن أهم سمات الديمقراطية، بأن توفير الضروريات الأساسية للشعب أو تضييق الفجوة بين الأغنياء والفقراء تمثل الأولوية القصوى لهم. كما أن العلمانيين والإسلاميين على حد سواء يربطون الديمقراطية بالازدهار الاقتصادي، وفي مصر، فإن ‬69٪ من أولئك الذين يدعمون حزب الحرية والعدالة و‬67٪ ممن يدعمون الأحزاب العلمانية يعتقدون أن الديمقراطية سيكون لها نتائج اقتصادية إيجابية. وفي تونس، ‬29٪ من أنصار النهضة و‬32٪ من أنصار العلمانيين يشاركونهم هذا الاعتقاد. الإسلاميون الأفضل تنظيماً تلقت الأحزاب الإسلامية دعماً كبيراً في كل من البلدين في الانتخابات الأخيرة، وليس ذلك فقط بسبب وجود تقارب كبير في الأيديولوجية بين السكان وهذه الأحزاب، ولكن أيضاً لأن الأحزاب الإسلامية نظمت حملات انتخابية فعالة، وأظهرت هذه الاحزاب ببساطة لدى دخولها الانتخابات أنها الأفضل تنظيماً، ولديها موارد اكثر من الجهات الأخرى. ففي مصر، على سبيل المثال، كان لديها تقريباً أربعة أضعاف ما لدى الأحزاب غير الاسلامية من الأعضاء العاملين في الحملات الانتخابية، وضعفا المتطوعين. وتشير استطلاعات الرأي التي أجراها معهد الحوار المصري الدنماركي، ومركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الى أن الأحزاب الإسلامية في مصر استطاعت زيادة نصيبها من الناخبين المؤهلين من ‬45 الى ‬70٪ خلال الحملة الانتخابية من سبتمبر إلى نوفمبر ‬2011. ونتيجة لذلك، استطاع الذين شملهم الاستطلاع التعرف إلى موقف الإسلاميين حول القضايا الرئيسة، لكنهم كانوا أقل إدراكاً لمواقف الأحزاب الأخرى، فقد تعرف ‬85٪ من المصريين إلى موقف حزب الحرية والعدالة من الدين، واستطاع ‬61٪ أن يلموا بمقترحات الحزب الاقتصادية، مقارنة فقط بين ‬25 و‬59٪ من أفراد العينة الذين تعرفوا إلى موقف الاحزاب الأخرى من هذه القضايا الرئيسة. وفي تونس، استطاع ‬83٪ ممن شملهم الاستطلاع تحديد موقف حزب النهضة من الدين، وتعرف ‬60٪ منهم إلى موقف الحزب من الاقتصاد، مقابل ‬46 إلى ‬65٪ من الذين تعرفوا إلى مواقف الاحزاب الاخرى من هذه القضايا. مزيد من الدعم على الرغم من شعبية الإسلاميين، فإن بعض المراقبين يعتقدون أن هذه الأحزاب ستفقد الدعم بمجرد دخولها تجربة الحكم المريرة. في الواقع، تبين الدراسات الحديثة أن ‬47٪ من التونسيين و‬38٪ من المصريين يشعرون بأن بلدهم هي أسوأ حالاً مما كانت عليه قبل الثورة، ولكن هذا لا يعني أن الإسلاميين يفقدون الدعم، إذ لم تستطع أحزاب أخرى أن تتحداهم عن قرب وتؤثر في مواقعهم التي يهيمنون عليها في الوقت الراهن. وعلاوة على ذلك، يبدو أن الأحزاب الإسلامية اكتسبت الدعم الشعبي، لأنها الآن تتولى السلطة. ويشير الاستطلاع الذي جرى في تونس في مرحلة ما بعد الانتخابات، إلى أن حزب النهضة استطاع الآن أن يستقطب نحو ‬46٪ من الناخبين، بزيادة ‬35٪ على حصيلة انتخابات اكتوبر ‬2011. وفي مصر، أكد ‬43٪ من الناخبين دعمهم لحزب الحرية والعدالة، مقارنة بـ‬38٪ خلال انتخابات عام ‬2011. وزاد أيضاً الدعم الذي يتلقاه حزب النور منذ انتخابات ‬2011. على صعيد متصل، أظهرت الأحزاب الإسلامية قدرة في الحفاظ على قاعدتها، إذ أكد ‬86٪ من الذين صوتوا لمصلحة النهضة و‬84٪ من الذين أيدوا «الحرية والعدالة» في الانتخابات الأخيرة أنهم سيصوتون لهذين الحزبين مرة أخرى. وببساطة فإن الاحزاب الأخرى لا تتمتع بهذه الشعبية. حزب «الوفد» الليبرالي في مصر، على سبيل المثال، احتفظ فقط بـ‬60٪ من قاعدته الانتخابية. ويبدو أيضاً ان الأحزاب الإسلامية تتقدم بشكل ملحوظ أكثر من نظيراتها الأكثر محافظة، إذ إن ‬23٪ من الذين صوتوا لحزب النور في مصر في نوفمبر ‬2011 أكدوا أنهم سيصوتون لحزب الحرية والعدالة في حال أجريت الانتخابات غداً، مقارنة فقط بـ‬2٪ من ناخبي الحرية والعدالة الذين أكدوا أنهم سيصوتون للنور. وفي تونس، فإن ‬29٪ فقط من الذين صوتوا للحزب الاجتماعي الديمقراطي «التكتل» و‬33٪ من الذين صوتوا لحزب «المؤتمر من أجل الجمهورية» ذكروا أنهم سيصوتون لهما مرة أخرى في الانتخابات المقبلة. ومما لا شك فيه أن الأحزاب الإسلامية قد تجد صعوبة في الحفاظ على مستويات عالية من الدعم الذي تتلقاه في ظل الظروف السياسية غير المؤكدة في كلا البلدين. وتظل نسبة كبيرة من الناخبين لم تحدد رأيها بعد: ‬60٪ من التونسيين و‬39٪ من المصريين. وعلاوة على ذلك، فإن كلا البلدين لا يزالان يموجان بالتغيير العميق. ويبدو ان أداء تونس أفضل من مصر حتى الآن في مرحلة ما بعد الربيع العربي، إذ إنها أقل عنفاً، وأقل تظاهراً، مع استقرار سياسي أكبر. ويرجع هذا جزئياً إلى أن التحديات يمكن مواجهتها بسهولة في بلد لا يتجاوز عدد سكانه ‬11 مليون نسمة، ‬98٪ منهم يدينون بالمذهب السني، مقارنة مع مصر التي تعتبر أكثر تنوعاً من حيث عدد السكان، إلا أن نجاح تونس يعود في المقام الأول الى مؤسساتها القوية، التي توفر قناة مناسبة للحوار السياسي. والأهم من ذلك، فقد ظلت النزاعات في ما يتعلق باتخاذ القرارات الصعبة إلى حد كبير داخل نطاق المؤسسات، خصوصاً الجمعية التأسيسية. وحتى عندما تجرى مناقشة القضايا المثيرة للجدل، مثل حقوق المرأة وإنشاء لجنة انتخابية، يظل الممثلون هادئين، وينصب اهتمام الجمهور على المداولات داخل المجلس التشريعي، بدلاً من الشارع، كما هو الحال في مصر. ويعتقد العديد من المراقبين أن هذا الوضع المضطرب في مصر في مرحلة ما بعد الثورة. ترجمة: عوض خيري عن «فورين أفيرز»