انتُخب بنيامين نتنياهو للكنيست في 1988 وتولى عمل نائب وزير الخارجية. وقد عُد في تلك الفترة سياسيا واعدا مستقبله أمامه لكنه لم يكن يُعد في ذلك الوقت مرشحا لرئاسة الوزراء. وفي سنة 1991 انعقد في مدريد مؤتمر دولي بحث في تقديم مسيرة السلام مع الاردن وسوريا والفلسطينيين. واستقر رأي رئيس الوزراء اسحق شمير على ان يرأس الوفد الاسرائيلي وكان ذلك شيئا جعل وزير الخارجية دافيد ليفي يشعر بالاهانة ولا يشارك في المؤتمر. وظهر نائبه نتنياهو أمام وسائل الاعلام الاجنبية والاسرائيلية باعتباره وزير الخارجية بالفعل وأصبح شخصية وطنية في اسرائيل. وساعدته هذه الحقيقة على الفوز في الانتخابات التمهيدية لرئاسة الليكود في 1993 وعلى ان يصبح رئيس الوزراء في 1996. بين يئير لبيد ونتنياهو خطوط تشابه غير قليلة. فكلاهما جاء الى السياسة بصفة "سياسي جديد"، لكن من غير خبرة ادارية سابقة في مناصب رفيعة. واكتسبا شهرتهما باعتبارهما نجمي تلفاز – نتنياهو في مقاماته العامة سفيرا لاسرائيل في الامم المتحدة ولبيد موجها ومُجري لقاءات في القناة الثانية. وعندهما القدرة على انشاء صلة بلا وساطة بالمشاهدين فيما يُعرّف بأنه قوة حضور تلفازية وهي نفس الصفة التي تجعل المواطنين يتابعونهما وإن لم يقتنعوا بالكلام الذي يقولانه. أعلن لبيد في برنامج "عوفده" (حقيقة) بأنه يرى نفسه مرشحا لرئاسة الوزراء في الانتخابات القادمة. وهذا يعني انه يجب عليه ان يضم اليه في فترة ولايته في الحكومة التي ستنشأ "حقيبة اعمال" تساعده على ان يُسوغ المنافسة على التاج. واستقرار رأيه على نوع الحقيبة التي سيختارها سيقرر بقدر كبير قدرته على ان يصبح شخصية وطنية. والامكانات التي وضعت أمامه بحسب الانباء المنشورة هي عمل وزير المالية أو الخارجية. كان ليفي اشكول هو السياسي الوحيد الذي انتخب لرئاسة الوزراء بعد ان كان وزير المالية في ستينيات القرن الماضي. وفي ذلك الزمن سيطر مباي على الجهاز السياسي بلا عائق وكان يستطيع ان يُعين من أراد من غير ان يضطر الى اجتياز مرحلة الحملة الشخصية الموجودة في أيامنا. ولم يُذكر سائر وزراء المالية في اسرائيل بأنهم ذوو قدرة على تولي رئاسة الوزراء. فنتنياهو الذي تولى وزارة المالية في حكومة شارون خسر أمام اولمرت في انتخابات 2006. إن منصب وزير المالية يُرى انه ضابط ميزانيات الحكومة. ويقرر رئيس الوزراء السياسة الاقتصادية على نحو عام بحسب الضرورات الائتلافية التي يواجهها. ووزير المالية هو الذي يجب عليه ان يُبين للجمهور سياسة ليس هو الذي بادر اليها على نحو عام وتكون نتيجة ذلك انه يُرى الشخص السيء في الادارة. ويأخذ رئيس الوزراء تيجان من ينجح في الاحسان الى الشعب قبل الانتخابات في الأساس. إن منصب وزير الخارجية أنسب للبيد، فعنده الحضور الاعلامي المطلوب لعرض موقف اسرائيل في العالم، وسيُستقبل في ود ايضا من زعماء العالم باعتباره يمثل المعسكر المعتدل في اسرائيل. وسيكون لبيد ايضا مندمجا في برنامج عمل الحكومة السياسي وهذا هو التحدي الأهم الذي يواجه اليوم دولة اسرائيل بازاء موقف الولايات المتحدة واوروبا. إن نتنياهو يعي بالطبع حقيقة أن وزير خارجيته ذا الشعبية في العالم قد يكون خصمه ذا الشعبية في البلاد في رئاسة الوزراء. وسيحاول ان يضيق خطوات لبيد وان يُصرف بالفعل سياسة اسرائيل الخارجية لكن سيصعب عليه ان يفعل ذلك. ويستطيع نتنياهو ان ينشيء حكومة يمين ضيقة من غير لبيد، لكنها ستُرى منبوذة في العالم وغير ذات شرعية في نظر فريق كبير من الاسرائيليين. سيكون هذا هو امتحان لبيد عند الرأي العام في اسرائيل. إن عمل وزير الخارجية سيمنحه صفة مرشح أهلٍ لرئاسة الوزراء لكنه سيكون محتاجا الى التمايز عن نتنياهو كي يفوز بهذا المنصب. انه ساحر كلام كرئيس الوزراء لكن في حين ان كلمة نتنياهو هي عمله فان كلمة لبيد يجب ان تكون صِدقيته.