الواقع الذي تتميز به الحدود السورية – اللبنانية هو واقع وهمي. فعلى طول الحدود تهرب الاسلحة والمقاتلين. ايران وحزب الله يبعثان بالمقاتلين والسلاح الى نظام الاسد، فيما أن محافل المعارضة اللبنانية تهرب الى الثوار السلاح والتمويل اللذين مصدرهما في السعودية، قطر، تركيا وغيرها. ومن الجهة الاخرى، تجرى في لبنان بمبادرة سوريا، تصفيات واعمال ارهابية ضد أهداف ونشطاء لبنانيين تدعيم الثوار. وفي نهاية الاسبوع صفي في البقاع في ظروف غامضة "السلفي" اللبناني خالد حميد الذي كان معروفا بانه يؤيد الثوار بلابسي المدني ممن عرفوا أنفسهم كنشطاء في المخابرات اللبنانية. محاولة النظام السوري ان ينقل هذه الايام بالذات بطاريات مضادة للطائرات الى حزب الله رغم الاتفاقات التي تحظر ذلك مع روسيا، من شأنها ان تفسر كدليل على انهياره القريب. ومعقول ان هذا الفهم ولد الرغبة في تخزين البطاريات في مكان آمن منعا لسيطرة الثوار على السلاح. يحتمل أن يكون الاسد اعتمد على وجود البطاريات لدى حزب الله وعلى الحفاظ على الترسانة الكيميائية تحت تصرفه كـ "بوليصة تأمين" في حالة اضطراره الى الانطواء في "دولته" العلوية على الشاطيء الغربي لسوريا. يحتمل أن يكون مصدر الاوامر لنقل البطاريات هو طهران التي تسرع الان البرنامج النووي وتستعد لامكانية الهجوم، في ضوء فشل العقوبات ضدها. وهكذا تكون طهران سعت الى أن تكسب حزب الله قدرة هجومية ضد اسرائيل تحت مظلة متطورة من مضادات الطائرات. وبالفعل توجد لايران أسباب وجيهة للقلق: فالروس يفقدون الارتفاع في تأييدهم للاسد، والاتراك المنتشرون على الحدود السورية يتعاونون مع الغرب ضدهم. ويخيل أن تحذيرات هيلاري كلينتون بالنسبة لروسيا وايران، في ضوء امكانية ان تنتشر الحرب خارج سوريا ايضا، تقلق ايران. الغارة التي نفذت في سوريا رغم ضمانة ايران، هي ضربة اخرى للحلقة السورية في السلسلة الاستراتيجية الايرانية. يحتمل ان تكون العملية في السفارة الامريكية في أنقرة، في ظل استخدام "عملية رف" هي رد مشترك من ايران وحزب الله للموافقة المسبقة المنسوبة للامريكيين على الغارة في سوريا. في سوريا تتعاظم الاتهامات. فالثوار يدعون بان النظام، الذي لم يطلق النار منذ 1973 ضد اسرائيل تجلد على مدى غاراتها وفي ضوء تصفية مغنية، ولكنه اسقط بالذات طائرة تركية ويستخدم سلاحه ضد شبه. وبزعم الثوار، فقد استدعى النظام الغارة كي يطمس صورة فظائعه. اما الناطقون بلسان النظام فيدعون بان الغارات الاسرائيلية نفذت بالتعاون بين اسرائيل والثوار. القاسم المشترك في هذه الاتهامات هو الكراهية لاسرائيل. ان الانتشار المسبق للقبة الحديدية في الشمال وتدمير بطاريات مضادة للطائرات في سوريا أشارت الى قدرة استخبارية وعملياتية مثيرة للانطباع ورادعة للعمليات في المجال الاقليمي. فقوة السلسلة تتقرر حسب مواقف الحلقة الضعيفة. وانهيار سوريا في المجال السني الثوري وتحذيرات الولايات المتحدة ونشاط حلفائها تمس بشدة بصمود محور الشر الشيعي الايراني.