عمان وكالات حصل العاهل الأردني على تفويضٍ من حركة حماس على قبولها بمبدأ حل الدولتين، تهميداً لتقديم هذه المبادرة للرئيس الأمريكي باراك أوباما خلال شهر شباط/ فبراير المقبل، فيما أكَّدت حماس أن الحديث عن الكونفدرالية الآن مع الأردن قبل أن تقوم الدولة الفلسطينية مرفوض. وقالت مصادر رفيعة المستوى لـ «الشرق» إن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، الذي التقى العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أمس في عمَّان، قدَّم تفويضاً للملك للحديث مع الإدارة الأمريكية في موضوع حل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967م الذي سبق ورفضته حماس. وأكد المصدر أن مشعل كان قد بحث مع الملك خلال زيارته السابقة لعمَّان هذا الملف، إلا أن «مشعل» قدَّم تفويضاً للملك أمس في الحديث عن قبول حركته بمبدأ حل الدولتين، وذلك قبل الزيارة المتوقَّعَة للعاهل الأردني إلى واشنطن نهاية شهر شباط/ فبراير المقبل. وبحث الملك ومشعل والوفد الحمساوي المرافق له ملف المصالحة الوطنية الفلسطينية – الفلسطينية، وأكَّد مشعل أن حركة حماس تحرص على كل ما يعزِّز وحدة وتماسك الشعب الفلسطيني ونصرة قضيته، كما أنها ترفض رفضاً قاطعاً كل طروحات الوطن البديل، وتؤكِّد حق الفلسطينيين في استعادة حقوقهم كاملة. وقال مشعل: إن الموضوع الرئيس في اللقاء كان القضية الفلسطينية ومستقبلها، خاصة في أعقاب الانتخابات الإسرائيلية، والانتخابات الأمريكية، وفي ظل الجمود الذي تعاني منه القضية والمنطقة عامة، مشيراً إلى أن اللقاء تناول أيضاً موضوع المصالحة ومختلف القضايا في المنطقة. وأكد أن المصالحة ماضيةٌ بخطوات جيدة، وقال مشعل: «خطواتنا في القاهرة في الأسابيع الماضية كانت ممتازة، خاصة في ظل الثقل الذي ألقاه الرئيس المصري محمد مرسي حول المصالحة، ووضعنا جدولاً زمنياً للخطوات التي سنمضي بها في الأسابيع والشهور المقبلة في الملفات الخمسة وهي: الحكومة، ومنظمة التحرير، والانتخابات، والحريات العامة، والمصالحة المجتمعية، بحيث تكون رزمة واحدة في مسارات متوازية». وأعرب مشعل عن تفاؤله تجاه المصالحة الفلسطينية، مؤكداً أهميَّة الدور الأردني في تحقيق المصالحة، وقال إنه «على المجتمع الدولي أن يحترم حاجة الفلسطينيين إلى إنهاء الانقسام». وأضاف أن العلاقة الأردنية الفلسطينية معروفة تاريخياً، «ونحن حريصون على التكامل والتنسيق، ولكن مع احترام خصوصية كل حالة، فالأردن هو الأردن، وفلسطين هي فلسطين، وأي حديث عن العلاقة بين الدولة الأردنية والدولة الفلسطينية هو حديث بعد قيام الدولة الفلسطينية على الأرض، عندها نبحث في صيغ العلاقة». وقال مشعل: إن «الحديث عن الكونفدرالية الآن قبل أن تقوم الدولة الفلسطينية هو حديث مرفوض، نحن مع قيام الدولة الفلسطينية أولاً على الأرض، بعد ذلك نتفاهم على كل العلاقات ذات الخصوصية التي تخدم مصلحة الأردن ومصلحة فلسطين». والتقى مشعل بمدير المخابرات الأردنية، الفريق فيصل الشوبكي؛ لبحث ترتيبات العلاقة في إطارها الأمني، حيث أكد مصدر مطَّلعٌ أن الأردن لن يقبل بفتح مكاتب لحركة حماس على الساحة الأردنية، لكنَّ سياق التواصل وفتح القنوات السياسية سيكون عبر بوابة الاتصالات العلنية دون اللجوء إلى فتح مكاتب لحماس في عمَّان كما كانت عليه الأحوال قبل محاولة اغتيال مشعل عام 1997م. كما التقى مشعل برئيس الوزراء الأردني عبدالله النسور، حيث تم البحث – بحسب مصدر مطَّلع – في ملف علاقة الحكومة بجماعة الإخوان المسلمين، التي أعلنت مقاطعتها للانتخابات النيابية والتشكيك في نتائجها، وقال ذات المصدر إن خالد مشعل قدم مبادرة للتهدئة بين الحكومة وجماعة الإخوان المسلمين التي يسيطر عليها التيار المحسوب على حركة حماس بقيادة نائب المراقب العام زكي بني إرشيد. وأوضحت المصادر أن الأمير علي بن الحسين، شقيق الملك، حضر اللقاءات باعتباره مسؤول ملف حركة حماس على الساحة الأردنية، حيث تمرُّ جميع المباحثات والاتصالات والمشاورات مع حماس عبر بوابته سواءً السياسية أو الأمنية. وأوضحت مصادر أنَّ مشعل سيلتقي بعدد من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، حيث يوجد بحسب المصدر، جانب إنساني في زيارة مشعل إلى عمَّان؛ حيث تقيم والدته التي تعاني من أمراضٍ عدَّة، وسيُمضِي معظم وقته للاطمئنان على صحة والدته التي دخلت المستشفى الإسلامي خلال الفترة الماضية عدة مرات لمراقبة وضعها الصحي حيث يتجاوز عمر والدته السبعين عاماً. من جهته رحَّب كبير المفاوضين الفلسطينيين، وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الدكتور صائب عريقات، بقبول «حماس»، مبدأ «حل الدولتين»، مفسِّراً، خلال تصريحات خاصة لـ «الشرق»، تغيُّرَ موقفها بأنه نابعٌ من إدراكها بأنَّ دخولها لمنظمة التحرير يعني التعامل مع برنامجها السياسي القائم على أساس مبدأ حل الدولتين على حدود 67، مع الاعتراف بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.ولفت عريقات أن ما طرحه «مشعل» هو بالأساس برنامج منظمة التحرير، مشيراً إلى أن أساس التحرك الفلسطيني يجب أن يكون من بوابة الشرعيَّة والممثل الوحيد للفلسطينيين في إشارة لـ «منظمة التحرير». لكنَّه لم يعارض في الوقت ذاته توجه «حماس» بشكل مباشر للحديث بهذه الملف مع العاهل الأردني، مؤكداً أن «على العالم إدراك أن الأردن شريك للفلسطينيين، واستقبال الملك عبدالله الثاني لمشعل والقيادات الفلسطينية مرحَّبٌ به دائماً».وطالب عريقات حركة «حماس» بتقديم هذا البرنامج كقاعدة عمل مشترك ترتكز عليها أي مباحثات قادمة مع الاحتلال عبر منظمة التحرير الفلسطينية، مشيراً إلى أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس عندما عرض مبدأ «حل الدولتين» على قيادة الفصائل بالقاهرة، «قامت الدنيا ولم تقعد، وكان هناك استنكارات قوية من «حماس»، لذا مطلوب من «حماس» تحديد موقفها بصراحة وبدون تردد».واستبعد عريقات أن تكون هناك أي انعكاسات لموقف «حماس» على إحياء المفاوضات مع إسرائيل في ظل وجود حكومة إسرائيلية جديدة.وقال: المسألة لا تتعلق بذلك، إنما تتعلق بماذا نريد نحن كفلسطينيين؟ معتبراً أن القواعد التي تحكم المفاوضات يجب ألا تُتَدَاوَل في غرف مُغلقة.