خبر : حكمة الحرب منعها/بقلم: د. غابي أفيتال/اسرائيل اليوم 29/1/2013

الثلاثاء 29 يناير 2013 01:48 م / بتوقيت القدس +2GMT
حكمة الحرب منعها/بقلم: د. غابي أفيتال/اسرائيل اليوم  29/1/2013



رياح الحرب تهب بالفعل في الشمال: بعضها تسقط مطر القتلى والجرحى عميقا داخل سوريا منذ سنتين؛ بعضها لا يتعلق اطلاقا بحدود اسرائيل. غير أن وسائل الاعلام توجه اضواءها واهتمامها الى سيناريو ممكن، مركب، بل كفيل لا سمح الله بان يسفر عن مواجهة حقيقية. وينستون تشرتشل كان يسمي هذه الرياح بانها "بوابة العاصفة".  فهل حقا؟ قبل نحو أربعين سنة أجر الجيشان السوري والمصري مناورات مشتركة وواسعة النطاق. وفي جهاز الامن خشوا من أن توجه القوات في ختام المناورة الى الحرب مع اسرائيل. فجندت قوات الاحتياط وحركت الاليات، وبشكل عملي منعت حرب ليس هنا أحد واثق من أنها كانت ستقع. وفي المرة الثانية كررت نفسها فيها المناورة، قبل نصف سنة من الحرب، وعندها أيضا جندي القوات وحركت الاليات. وفي المرة الثالثة، عندما مل الجيش الاسرائيلي هذه "التحرشات"، شنت الحرب.  اوضاع مشابهة وقعت منذئذ بشكل مواظب. آخرها جرى في ذروة حملة "عمود السحاب". فقد جندت قوات الاحتياط، وأعد الجيش النظامي الاليات، نظيفة ولامعة بحجم مثالث. ورغم خيبات الامل هنا وهناك لدى المقاتلين، منعت الحرب ومنع الدخول البري الزائد الى ذات الظروف. بعد الضربة التي تلقتها حماس في غزة نجد أن تواصل الهدوء منذ نهاية الحملة هو الاطول في العقدين الاخيرين. كل ما قيل حتى الان قيل فقط وحصرا في مدح الردع. فحكمة السياسيين هي في توجيه أدوات الحرب الى تعبئة مخزن السلاح  دون استخدامه. حكمة الحرب هي منعها. قوة الردع لا تبنى من لا شيء وهي تكلف دما كثيرا. لدى دولة اسرائيل قدرة عسكرية قادرة على أن تهزم في غضون ساعات قليلة كل القدرات العسكرية والمدنية في سوريا وفي لبنان (بما فيها حزب الله). وهذه قدرة مثبتة. ان احدى المهام الهامة، إن لم تكن الأهم هي العرض بالشكل الواضح ما هو الثمن الذي ستدفعه المنظمات أو الدول التي سيقع في ايديها سلاح الدمار الشامل. يجب اعداد الجيش بالشكل الذي سيعمل فيه بسرعة وبقوة، فقط اذا لم ينجح الردع النظري.  ليس الوضع القائم في الشمال بذنب اسرائيل، الكثير من ذلك جراء المعنى التاريخي الذي كاد ينسى: هضبة الجولان، التي تشكل بالاجمال 0.6 في المائة من مساحة سوريا، هي حاجز جغرافي ونفسي أمام من يرغب في اشعال المنطقة. كم سخف كان من جانب اولئك الذين يؤيدون الصيغة الشوهاء للارض مقابل السلام. فهي اليوم الحاجز امام الحرب. ان التخوف من الحرب مع سوريا هو تخوف مبالغ فيه. من يظن أن ربحا ونجدة سيأتيان للسوريين من تمجيد هضبة الجولان، يجدر به أن يفكر مرة اخرى. آلة الحرب، التي يفترض أن تنتصر في كل آن بالحد الاقصى من الخسائر للعدو مقابل الحد الادنى من الخسائر من جهته، هي ضرورة. فمن اختراع سلاح القتل من جهة قابيل في مواجهة هابيل وحتى سلاح الدمار الشامل في عصرنا فان وجود آلة الحرب وتحسينها من يوم الى يوم هي ضمان واحد من هدفين: زيادة اراضي "الامبراطورية" عبر الحرب الواجبة، أو خلق قوة ردع مهمتها منع الحرب. هذا هو الوقت لوقف عمل هذه الآلة.