خبر : الفتى ناصر البحيصي.. لم يغادر المستشفى منذ "7" سنوات وحياته معلقة بالأجهزة الطبية

الأحد 27 يناير 2013 12:34 ص / بتوقيت القدس +2GMT
الفتى ناصر البحيصي.. لم يغادر المستشفى منذ "7" سنوات وحياته معلقة بالأجهزة الطبية



غزة / سما /  في غرفة صغيرة لا يسمع فيها إلا أصوات الأجهزة الطبية الموصولة بجسده النحيل، ولا تفوح فيها إلا رائحة الأدوية التي يتجرعها بصورة يومية، يقضي الفتى ناصر البحيصي (15 عاماً) أيامه منذ سبع سنوات في قسم العناية المكثفة، في مستشفى شهداء الأقصى وسط قطاع غزة، حيث استقر به الحال، بعد حادث طرق كاد أن يودي بحياته لولا رعاية الله عز وجل، التي أنقذته من الموت، من دون أن يعود إلى سابق عهده، لترتبط حياته بأجهزة طبية لا يمكنه الاستغناء عنها أكثر من دقائق معدودة، وإلا غادر الدنيا. القصة كما ترويها الأم لصحيفة القدس المحلية أن ناصر تعرض لحادث طرق في مثل هذا الشهر من عام 2006، نقل على إثره إلى مستشفى الشفاء، ثم إلى مستشفيات الداخل الفلسطيني، قبل أن يحط رحاله في مستشفى شهداء الأقصى في مدينة دير البلح، بعد أن تيقن الأطباء أن حالته ستستقر على هذا النحو من دون تقدم. وقالت الأم: "منذ تلك اللحظة وناصر يقيم إقامة دائمة في المستشفى، وحياته كلها مرتبطة بالأجهزة التي يتنفس ويعيش اعتماداً عليها، ولا يستطيع الابتعاد عنها لأنه قد يفقد حياته في أية لحظة، الأمر الذي اضطره للاستمرار هذه السنوات على سرير العناية المكثفة". وأضافت: "عائلتي تأقلمت على هذا الجو، ونحن نوزّع وقتنا بحيث نكون إلى جواره معظم اليوم، حتى نشعره بأنه في البيت معنا ومع إخوته". بيد أن أكثر ما يؤلم الأم أن ابنها ناصر، حُرم من طفولته التي لم يرَ خلالها سوى الأطباء والممرضين، ولم يلعب مع أطفال في عمره، إذ ظل طوال هذه السنوات حبيس سرير المستشفى. أما ناصر نفسه فيمتلك عزيمة قوية، وإصراراً كبيراً على المضي قدماً في حياته من دون أن يعبء كثيراً بطبيعة مرضه، أو كونه لا يغادر المستشفى، إذ أصر على إكمال دراسته وهو الآن في الصف التاسع، ويأمل في إكمال المرحلة الدراسية ودراسة الطب في المرحلة الجامعية. طموح ناصر قد يبدُ كبيراً مقارنة بأوضاعه الصحية، لكن من يستمع إلى كلامه يتأكد أنه بإرادته غير المسبوقة، يمكن أن يصنع الكثير، فهو الذي يستقبل مدرسه بشكل يومي لتعليمه المواد التي يصعب عليه فهمها، كما أنه جعل من جدران غرفته لوحة فنية لشهادات التقدير والتفوق التي حصل عليها، إضافة إلى تزيينها بلوحات ومعلقات كبقية الأطفال، وكأن لسان حاله يقول ما قاله السياسي والقائد العسكري الصيني ماو تسي تونغ: "لا نحقق الأعمال بالتمنيات إنما بالإرادة تصنع المعجزات". وقال ناصر بابتسامة كبيرة: "من يشاهدني يعتقد بأنني يئست من الحياة، لكن والله لدي طموح سأحققه فقط بإرادتي التي أشعر بأن الجميع يفاجأ بها، ويتعجبون: أجهزة تجعل ناصر على قيد الحياة، وهو يتحدث عن المستقبل ودراسة الطب". وأضاف بلغة الكبار: "لم يكن أمامي أي اختيار آخر، إما أن أموت وأنا على قيد الحياة أو أحيا على أمل التغيير والمستقبل الأفضل". وقبل أن يكمل ناصر حديثه يتدخل طبيب العناية المكثفة إياد صافي ممازحاً: "لو امتلكنا إرادتك، لكان وضعنا الآن مختلفاً". وقال: "ناصر نموذج مختلف عن المرضى الذين أعالجهم، فهو الأكثر تهديداً بفقدان حياته، لكنه الأكثر إصراراً على الحياة، ويتأقلم معنا كأننا عائلة واحدة". وأضاف: "من يعيش مع هذا الفتى يحبه ويصبح جزءاً من حياته، نحاول أن نجعل من أنفسنا أسرة له، أملاً في أن يتغير الحال في أي يوم ونجد البديل الطبي المناسب ليستمر ناصر في حياته الاعتيادية". وأكد الطبيب أن ناصر يعاني من قطع في الحبل الشوكي غير كامل بين الفقرة الأولى والثانية، وهذا المكان يتمركز على الجهاز التنفسي والأعضاء كاملة من عند الرقبة إلى الأسفل يتسبب في شلل كامل، إذ لا يصير فيها تحكم من الدماغ، ما يعني أنه يعاني من شلل كامل ورباعي، لافتاً إلى أنه لا يحدث على حالته أي تقدم، ولكن المحاولات تستهدف عدم حدوث أي مضاعفات. أما والد ناصر الذي يزوره بشكل شبه يومي في المستشفى، يأمل أن يشق نجله طريقه إلى الحياة، وأن يستعيد واقعه ومستقبله، لكن ذلك لن يتحقق إلا بدعم أهل الاختصاص، علهم يجدوا علاجاً يمكنه فقط من مغادرة المستشفى إلى المنزل، حسبما قال والد ناصر. وأضاف: "لا يمكن نقل ناصر للعلاج في الخارج إن توفر ذلك، لأنه يحتاج إلى تجهيزات طبية غير متوفرة في المعابر حالياً، صحيح أن الواقع صعب ومؤلم، لكن ذلك ليس على الله ببعيد".