بعد وقت قصير من قرار الجمعية العمومية للامم المتحدة لرفع مستوى مكانة السلطة الفلسطينية، أعلن رئيس الوزراء نتنياهو عن حث خطط البناء في منطقة E1 وبناء 3 الاف وحدة سكن اخرى في المناطق. وكان رد فعل العالم متوقعا: شجب الخطة بصفتها خطوة استفزازية وغير عادلة. كما أن إدارة اوباما انتقدت الخطوة، والناطق بلسان مجلس الامن القومي افاد بان الامر "سيجعل من الصعب استئناف المفاوضات المباشرة وتحقيق حل الدولتين". ولكن ما لم يحصل في البيت الابيض بعد الاعلان الاسرائيلي كان مشوقا اكثر مما حصل بالفعل. فعندما أُبلغ اوباما – والمشاكل في شبكة علاقاته مع نتنياهو معروفة – بالاعلان الاسرائيلي، لم يكلف نفسه حتى عناء الغضب. وقال لبعض من رجاله انه غير متفاجيء من سلوك نتنياهو وانه بات معتادا على ما يراه كخطى اسرائيلية ضد مصالحها هي نفسها. وفي اثناء الاسابيع التالية لقرار الامم المتحدة عاد اوباما وقال في احاديث خاصة ان "اسرائيل لا تعرف ما هي مصالحها". ومع كل سلوك آخر، برأي الرئيس، يتقدم نتنياهو باسرائيل نحو العزلة التامة. واذا اصبحت اسرائيل، الدولة الصغيرة والمحوطة بالاعداء، منبوذة وخلقت اغترابا حتى لدى الصديق الاكبر الاخير الولايات المتحدة، فانها ببساطة لن تبقى. ومع المتوقع للتوتر بين اوباما ونتنياهو ان يدخل في الاسبوع القادم مرحلة جديدة إذ تسير اسرائيل نحو الانتخابات التي في ختامها من المتوقع لنتنياهو أن يشكل مرة اخرى حكومة تكون اكثر يمينية من تلك المنصرفة. لقد كانت علاقات اوباما مع نتنياهو معقدة دوما. في مواضيع أمن صرفة كان الرئيس دوما حليفا مخلصا شجع التعاون العسكري وساعد في الحفاظ على التفوق النوعي للجيش الاسرائيلي. والاهم – فقد وعد بعدم السماح لايران بالوصول الى قنبلة نووية. ومع ذلك رغم هذا الدعم، حبذ نتنياهو ان يدعم ميت رومني، خصم اوباما في السباق الى البيت الابيض. في الموضوع الفلسطيني، يرى اوباما في نتنياهو جبانا سياسيا، كسياسي رغم انه لا يوجد اي تهديد على حكمه، يخشى من قيادة خطوة حل وسط. وحسب التقديرات، فان جون كيري، الذي سيحل محل هيلاري كلينتون في وزارة الخارجية، مصمم على أن يعيد تحريك المسيرة السياسية. ولكن اوباما – الذي توجد له منذ الان جائزة نوبل للسلام – ليس متحمسا على ما يبدو من الفكرة. فمن جهة يرى في ابو مازن زعيما ضعيفا. ولكن عندما ينظر الى الطرف الاخر – فانه مقتنع بان نتنياهو اسير في ايدي مجموعات ضغط المستوطنين ولن يتجرأ على القيام باي حركة حقيقية نحو الفلسطينيين. وعليه، فمن ناحية اوباما، فان الاستثمار الرئاسي في المسيرة السياسية في الوضع الحالي لن يكون خطوة حكيمة. ويدعي اوباما منذ سنين بانه اذا لم تفك اسرائيل ارتباطها عن التدخل في حياة الفلسطينيين في الضفة الغربية، فسيأتي يوم يرى فيها العالم دولة أبرتهايد. من ناحية اسرائيل، فان الاثار على المدى القصير لهذا الشعور بالاحباط لدى اوباما هي آثار محدودة. فالولايات المتحدة لن توقف المساعدة لاسرائيل كما أنها لن توقف الصراع ضد ايران، وهذا لا يغير في الامر من شيء اذا كان اوباما يحب نتنياهو أو لا يطيقه. ولكن في مجال الدفاع الدبلوماسي من جانب واشنطن، من شأن اسرائيل أن تشعر قريبا بتغيير ذي مغزى. ففي التصويت في الامم المتحدة في تشرين الثاني، عارضت الولايات المتحدة الخطوة الفلسطينية وطلبت من حلفائها التصرف مثلها. وفي النهاية، سبع دول فقط استجابت لطلبها، بينها "القوى العظمى" بلاو وميكرونيزيا. عندما سيطرح الموضوع مرة اخرى من شأن اسرائيل أن تكتشف بانها أكثر انعزالا من ذلك. ولن افاجأ اذا لم تعمل الولايات المتحدة في المرة القادمة على منع تصويت ضد اسرائيل بل ولعلها ستمتنع هي نفسها عن التصويت. كما اني لم افاجأ اذا تحدث اوباما في مرحلة معينة علنا عن رؤيا دولة فلسطين، بل وربما تأكيده على أن عاصمتها يجب أن تكون شرقي القدس. مطالب اوباما ليست مطالب غير منطقية. ما يريده هو أن يعترف نتنياهو بحقيقة أن استمرار المستوطنات يمنع امكانية اقامة دولتين. اوباما يريد أن يفهم نتنياهو بان حل الدولتين يعطي الامل الاكبر لاسرائيل في الحفاظ على نفسها كديمقراطية مع اغلبية يهودية. بتعبير آخر، يريد أوباما أن يعمل نتنياهو من أجل مصالح اسرائيل. ولكن حتى الان، على الاقل، لا يوجد مؤشر على أن حكومة اسرائيل بدأت في أن تفهم بشكل افضل العالم الذي تعيش فيه.