في الايام القريبة ستواجه الأكثرية الصامتة من المستوطنين ولا سيما سكان بيت إيل، امتحانا مهما حاسما. والسؤال هو هل سيقبلون الحسم الديمقراطي الذي لا لبس فيه المتعلق باخلاء المباني الخمسة في جفعات الاولبانه أم يتابعون اليمين المتطرف ويتمردون على الحسم. اشتكى سكان بيت ايل هذا الاسبوع من أنهم يسلبونهم شرعيتهم ويعرضونهم على أنهم متطرفون ظلاميون برغم أنهم جزء من هذا الشعب، وفي هذه الدعوى شيء من الحقيقة. فعند أجزاء كثيرة من الجمهور الاسرائيلي عداوة شديدة للمستوطنين. ويمكن ان نلقى في الخطاب العام الخطي والشفهي وفوق صفحات هذه الصحيفة أكثر من مرة، تعبيرات وتطرقا الى المستوطنين تقول ان مكانهم ليس في مجتمع سليم وانهم يُذكرون بأماكن وأزمان اخرى مظلمة. ان المستوطنين في الحقيقة جزء من هذا الشعب وهم في أكثريتهم ناس أفاضل مستقيمون ذوو شعور برسالة واستعداد للاسهام في المجتمع والدولة. لكن يجب ان يسأل المستوطنون أنفسهم ما هو نصيبهم في إحداث هذا الجو المرفوض، ونقول في الحقيقة ان نصيبهم كبير. فقد ضاق الجمهور الاسرائيلي ذرعا بهذا الامر وبالعرض المكرر مرة بعد اخرى وهو رفض قبول الحسم الديمقراطي وجهود لمنع تنفيذه بالقوة – من اخلاء يميت الى غوش قطيف ثم الى عمونة. يحق للمستوطنين ان يعملوا بطرق ديمقراطية لاحباط قرار سياسي. فالجهد للتأثير في متخذي القرارات وفي اعضاء كنيست يصوتون معارضين لهذا الاجراء أو ذاك هو روح الديمقراطية. لكن المستوطنين هنا يتجاوزون خطوطا حمراء ويستعملون القوة والتهديد في عملهم، وهذه طرق تثير الاشمئزاز. لكن يُبت آخر الامر قرار بصورة ديمقراطية ويجب تقبله. ومن كان يرى نفسه جزءا من الشعب ويريد ان يعاملوه على أنه كذلك يجب ان يُسلم لحسم الشعب من غير اطارات مشتعلة ومن غير اغلاق لمفترقات الطرق ومن غير مقاومة عنيفة ومس برجال الشرطة وجنود الجيش. فهذه السلوكيات لم تساعد في الماضي ولن تنجح في المستقبل. وحتى لو جاء آلاف الى بيت ايل فلن يمنع ذلك دولة اسرائيل من تنفيذ حكم المحكمة العليا وقرار الكنيست، لكنه سيُعمق القطيعة بين المستوطنين والأكثرية الغالبة من الشعب. ويجب على المستوطنين ان يفهموا انه لا يمكن امساك الحبل من طرفيه. في حالة جفعات الاولبانه اتُخذ قرار حاسم ديمقراطي لا لبس فيه وملزم. واستقر رأي الكنيست بأكثرية ساحقة – 66 مقابل 22 – على انه ينبغي تنفيذ قرار المحكمة العليا واخلاء المباني الخمسة، وان مخطط رئيس الحكومة معقول وصحيح. ولا يمكن هنا الحديث عن "شراء" اصوات اعضاء الكنيست، بل ان احزاب اليمين صوتت تعارض موقف المستوطنين، فينبغي تنفيذ هذا القرار بلا مقاومة. هذه لحظة امتحان الأكثرية الصامتة من المستوطنين. ان دولة اسرائيل ليست مصر، فليس عندنا ولن يكون ميدان تحرير – فالقرارات الحاسمة تتخذ عندنا في صناديق الاقتراع وفي جلسات الكنيست لا في "الميدان". وينبغي ان نأمل ألا تنساق الأكثرية الكبيرة وراء ذوي الزعرنة ومجرمي سياسة التسعير أو شباب التلال المتطرفين الذين ينبغي عزلهم والقطيعة معهم. والذي يرفض حسم الشعب سيرفضه الشعب. ويجب على المستوطنين ان يبرهنوا على أنهم جزء لا ينفصل من هذا الشعب في الخير والشر حتى لو كان ذلك صعبا مؤلما.