بقيت خمسة اشهر حتى يوم الحسم في التنافس الى البيت الابيض. وبرغم انه ما يزال من السابق لأوانه ان نحاول التنبؤ بنتيجة الصراع المتقارب الجاري بين الرئيس اوباما وخصمه الجمهوري ميت روماني، يمكن ان نقول ان الاسبوع الاخير كان قبيحا جدا من جميع نواحيه بالنسبة للبيت الابيض. ففي مجال السياسة الخارجية التي يدعي الرئيس الامريكي انه يُرسي سلوكه في خضم السياق التاريخي الواسع، كُشف في الاسبوع الماضي عن مركز عدم علم وعدم فهم أساسي لتصوراته العامة. والحديث عن تناوله لـ "معسكرات الموت البولندية" الذي أثار عليه غضب جميع قادة بولندة الكبار. وبرغم ان الانقضاض البولندي على اوباما كان مصابا بالنفاق والتلون فليس في ذلك ما يُبرئه من التقصير المُخل. لم تكن هذه أول مرة أصبحت فيها قضية تتعلق ببولندة حجر الرحى بالنسبة لواحد من المتنافسين على الرئاسة، في 1976 زل الرئيس الجمهوري جيرالد فورد حينما زعم في اثناء مواجهة تلفازية مع خصمه الديمقراطي جيمي كارتر، ان بولندة ليست في مجال تأثير الاتحاد السوفييتي. وزاد هذا التصريح في قوة التصور العام عن فورد انه سياسي ضيق الأفق وذو قاعدة علم محدودة وأسهم في خسارته في الانتخابات. حتى لو كان من السابق لأوانه الآن ان نُقدر هل سيتأثر مصير اوباما السياسي بكلامه في السياق البولندي، فقد كان هذا اسبوعا بائسا بالنسبة اليه ايضا في صعد اخرى. ففي الساحة الداخلية لم يزد فوز الحاكم الجمهوري لفسكونسن على خصمه الديمقراطي على الروح المعنوية في معسكر اوباما. وفي الحلبة الاقتصادية التي ستؤدي دورا مركزيا في الحسم الذي سيقع في السادس من تشرين الثاني، تلقى الرئيس ضربة مضاعفة. فأولا ارتد هجوم اوباما الشديد على صورة سلوك خصمه روماني الاعمالي في خلال السنين التي جمع فيها المال لبيته (وضيعته) في القطاع الخاص، مثل عصا مرتدة. وذلك في حين ان ناسا بارزين في الحزب الديمقراطي وفي مقدمتهم الرئيس السابق بيل كلينتون اعترضوا اعتراضا ظاهرا على محاولة تصنيف نشاط روماني على أنه "رأسمالية خنزيرية" ساحقة. وثانيا كانت معطيات العمل لشهر أيار التي نشرت قبل بضعة ايام مخيبة للآمال جدا وشهدت بأن الاقتصاد الامريكي ما يزال بعيدا عن الانتعاش. أجل ان نسبة البطالة الحالية تقف على 8.2 في المائة بحيث سيصعب على الادارة ان تقنع الناخبين بأن الاقتصاد في طور اعادة البناء والنمو. ويحسن ان نتذكر انه منذ انتهت الحرب العالمية الثانية نجح رئيس واحد فقط هو رونالد ريغان في 1984 في ان ينتخب لمدة ولاية ثانية حينما كانت نسبة البطالة تتعدى 7 في المائة. ومع ذلك كان مستوى البطالة عشية الانتخابات في 1984 والذي وقف على 7.2 في المائة في انخفاض، وواجه ريغان خصم ديمقراطي ضعيف جدا هو وولتر مونديل الذي وعد في جملة ما وعد بزيادة الضرائب بعد دخوله البيت الابيض. صحيح ان ليس الرئيس الحالي وحده يتحمل المسؤولية عن امراض الأمة الامريكية الاقتصادية. وليست جذور الازمة الحالية تضرب في فترة ولاية الرئيس بوش الابن فقط بل ان صعوبات الاقتصاد الامريكي المتواصلة متصلة اتصالا لا ينفصم بازمة كتلة اليورو وليست نتيجة للسياسة الاقتصادية والمالية لادارة اوباما. وكذلك حقيقة انه يواجه اوباما منذ كانت الانتخابات البينية في 2010 مجلس نواب مناويء أحبط مبادرات رئاسية غير قليلة في الصعيد الاقتصادي، قد تساعده بقدر ما في جهوده ليجد شركاء في الفشل. برغم الظروف المسهلة فان استمرار الجمود الاقتصادي في الاشهر القريبة قد يحث براك اوباما على السير في مسار أفضى بالرؤساء جيرالد فورد في 1976 وجيمي كارتر في 1980 وجورج بوش الاب في 1992 الى هزيمة في الانتخابات. ويمكن ان نجد شهادة سافرة على ضيق الرئيس الحالي في نسبة التأييد العام لزعامته التي تقف بحسب استطلاع "غالوب" على 46 في المائة فقط. وستخبرنا الايام هل سيفضي هذا الضعف حقا الى انقلاب في السادس من تشرين الثاني يؤدي بعقبه ميت روماني في العشرين من كانون الثاني 2013 قسَم الرئاسة الخامسة والاربعين للولايات المتحدة.